أين أنت الأن يا لبنان ؟!
ماذا يحصل الأن فعلا في لبنان و العراق و الجزائر و ليبيا و اليمن …؟!هل يمكن القول إن الوطن العربي الكبير يتعرض لأول مرة إلى تجربة مريرة حقيقية من الوعي السياسي التحرري ليس ضد الإحتلال الأجنبي أو الإستعمار الحديث و إنما ضد أنظمة الحكم المحلية في ثورات غير مسبوقة من حيث كونها غير طائفية لأن الجماهير المشاركة فيها حتى الأن تتألف من مجموعة بشرية تشارك فيها معظم الطوائف الفعالة ضد حكم جائر ينتمي طغاته إلى البلد نفسه و ليس ضد الحكم الأجنبي .
و في لبنان تحديدا يقف الجيش الوطني موقفا حياديا إنسانيا في حفاظه على حق المتظاهرين بالإحتجاجات السلمية ضد فساد الحكام المنتمين إلى الوطن نفسه مع أنصارهم و أزلامهم المستفيدين وحدهم من الفساد الحاكم بأمره في البلد .
يبدو لبنان حتى الأن القطر العربي الأوحد في إنفرادة و بخصوصية مختلفة عن الأقطار العربية الأخرى المشتعلة مثل العراق و الجزائر و ليبيا و اليمن .. إذ يبدو الجيش اللبناني حتى الأن كأنه حليف للمتظاهرين أكثر منه خصما لهم ، إذ تشترك في هذه الخصوصية جميع الطوائف اللبنانية تقريبا حتى الشيعة التي يتزعم حزب الله كما يبدو طائفته كمنظمة مسلحة جيدا … تبدو الأن غير موافقة على موقف حزب الله بجميع جماهيرها في بعض المناطق جنوب لبنان كما في النبطية و صور و القرى التابعة لها ، و بهذا الشكل أو المعنى تبدو الظاهرة الإحتجاجية الثورية اللبنانية ذات طابع طبقي أكثر منه طائفي ضد الفساد الحاكم و أنصارهم المستفيدين وحدهم من نظام الحكم السائد حتى الأن ، و بهذه الصورة تبدو الثورة اللبنانية حركة غير مسبوقة – أي ليست كالحرب الأهلية التي إشتعلت خمسة عشر عاما كنزاع بين المسيحيين و المسلمين – إذ تشارك الأن في هذه الثورة السلمية حتى الأن و لكن المستمرة و الواسعة الإنتشار بين جماهير معظم الطوائف ضد فساد الحكام و أنصارهم المنتمين إلى الطوائف ذاتها.
هل ينجح لبنان في هذه الثورة السلمية و تفشل مثلا الثورات الأخرى في ليبيا و اليمن و العراق حيث يسود العنف المتبادل بين الثوّار و أنظمة الحكم السائدة و المتهمة بالفساد المستشري في البلاد هذا الفساد الذي طال عمره و سادت مظاهره في كل المؤسسات .
إلى أين تتوجه إذن الأن هذه التحركات و ما مصيرها بعد كل هذا الإصرار المديد ليل نهار على التظاهر و الإحتجاج ؟..
و ما دور العنصر الأجنبي فعلا في هذه الظاهرة الثورية العربية ؟ هل هو معها أم ضدها فعلا؟..
الله … الله !! يالبنان العزيز على قلوبنا جميعا …أيها الوطن الصغير نسبيا في مساحته الجغرافية و الكبير الواسع في تاريخه الوطني و مستواه الثقافي … لبنان أو سويسرا العربية كما سماها بعضهم ذات يوم !. هل لبنان هو حقا سويسرا العربية ، أم هي تسمية عابرة و غير أصلية و أن الفساد هو سيد المواقف العربية كلها كما يبدو منذ بدايات عصور الإنحطاط إلى الآن ؟!…