أين العرب من( موجات إستراتيجية أجنبية ) تسيطر على منطقتهم و دولهم ؟
في الأسبوع الماضي، طرح كاتب سياسي كبير أن المنطقة العربية ، و منذ بداية الثمانينيات، و مع نجاح الثورة الإسلامية في إيران، تتعرض لـ ( الموجة الإيرانية ) التي وصلت هذه الأيام إلى أربع دول عربية . و يرى هذا الكاتب أن ( الموجة الإسرائيلية ) سبقت الموجة الإيرانية . حيث أنطلقت مع إعلان الكيان الإسرائيلي العدو، في العام 1947 ، وأمتدت إلى ثلاث دول عربية .. و يلاحظ هذا الطرح أن صعود هاتين الموجتين جاء مع فشل الموجة الناصرية و الموجة البعثية والموجة السعودية في إستمرار التأثير العربي الفاعل على المنطقة العربية . و بذلك – حسب هذا الطرح – فإن الموجتين الإيرانية و الإسرائيلية تؤثران و تحاولان السيطرة بشكل من الأشكال على المنطقة العربية و قرارها .
أهمية هذا الطرح، في الحقيقة، أنه يحيط بالواقع ولو بشكل جزئي . والأهمية الأكبر أنه طرح يثير النقاش حول واقع القوى المؤثرة أو المسيطرة على المنطقة العربية، بما يشكل مقدمة لإجتراح مسار عربي مستقل بين كل المؤثرات التي تحاول السيطرة في المنطقة . واكتفى الطرح المدروس باعتبار روسيا عامل تقريب بين الموجتين الإسرائيلية والإيرانية . كذلك الصين، بعد الإتفاقية مع إيران، باتت عاملا” مؤهلا” للتقريب بين هاتين الموجتين . وهذا الفهم للدورين الروسي والصيني فيه قصور يشوش الرؤية، و لا بد من إيضاح حقيقة هذين الدورين في المنطقة العربية ، وبين الموجتين الإيرانية والإسرائيلية، وإلى جانبهما وربما بالتقدم عليهما.
بداية ، فإن قصور طرح الموجتين الإيرانية والإسرائيلية يكمن في أنه تجاهل موجة مؤثرة وقوية أخرى ألا وهي ( الموجة التركية ) التي تسعى عسكرياً و إستخباراتياً للسيطرة على المنطقة العربية، متسلحة بإيديولوجية الإخوان المسلمين، المترجمة و المولدة لفصائل متطرفة و إرهابية . . وبالعودة إلى الدورين الروسي و الصيني، فإنهما ليسا دوري تقريب بين الموجتين الإسرائيلية والإيرانية ، بل هما موجتان أكبر وأقوى وأكثر فعالية من الموجات الإيرانية و التركية و الإسرائيلية . (الموجة الروسية) تتواجد في سورية عسكرياً و سياسياً و إقتصادياً . كذلك تتواجد في ليبيا عبر عناصر عسكرية غير نظامية مع حضور سياسي قوي . و في مصر لها حضور و تأثير عبر التعاون العسكري و السياسي و الأمني و الإقتصادي . و هذا حال حضور ( الموجة الروسية ) في دول الخليج العربي والسعودية . أما ( الموجة الصينية ) و بعد حضور إقتصادي قوي و ممتد، بدأت الحضور العسكري و السياسي والذي كشفته إتفاقياتها مع السعودية ومع إيران وخاصة الإتفاقية الأخيرة التي أعلنت التعاون العسكري بين الصين و إيران . و هكذا لدينا (الموجة الروسية ) و (الموجة الصينية) كموجتين أقوى و أكثر نفوذاً و تأثيراً، إلى جانب الموجات الإيرانية والإسرائيلية والتركية … وطبعاً يبقى الدور الأميركي في المنطقة ، بشكل أو بآخر، ( موجة الموجات ) و القوة الخالقة للمد و الجذر في هذه الموجات .
إن كل موجة من هذه الموجات قامت على أسس إستراتيجة مبنية على مشروع فكري سياسي (إيديولوجي) يرسخ هوية كل موجة، ويرسم لها إتجاه مساعيها في تكريس نفوذها في محيطها الحيوي , وفي العالم، أي أن المنطقة العربية تتعرض لموجات ما هي إلا مشاريع إستراتيجية لقوى أخرى .. فمتى يستعيد العرب أو يعيدوا إبتكار مشروعهم الإستراتيجي الذي يحميهم تجاه الموجات الأجنبية ؟؟ متى وكيف يمكن للعرب إعادة صياغة ( هويتهم الإستراتيجية ) التي تحمي إستقلالهم و سيادتهم , و التي توضح لكل الموجات مدى إنفتاحهم على التعاون المثمر و المتوازن والحافظ للحقوق مع أي موجة من الموجات، أو أي دولة أخرى ؟؟ متى يبدأ المثقفون والمفكرون العرب بطرح أفكارهم و رؤاهم لتوليد المشروع العربي الإستراتيجي المطلوب؟؟؟
المهمة الملحة على العرب اليوم حكاماً وقيادات وسياسيين ومفكرين ومثقفين إضاءة الطريق و شقه و ولوجه لإستعادة السيطرة على المنطقة العربية ، وطنهم و شعبهم و أمتهم، و الإمساك بقرارهم المستقل حقيقةً.
بوابة الشرق الأوسط الجديدة
في الأسبوع الماضي، طرح كاتب سياسي كبير أن المنطقة العربية ، و منذ بداية الثمانينيات، و مع نجاح الثورة الإسلامية في إيران، تتعرض لـ ( الموجة الإيرانية ) التي وصلت هذه الأيام إلى أربع دول عربية . و يرى هذا الكاتب أن ( الموجة الإسرائيلية ) سبقت الموجة الإيرانية . حيث أنطلقت مع إعلان الكيان الإسرائيلي العدو، في العام 1947 ، وأمتدت إلى ثلاث دول عربية .. و يلاحظ هذا الطرح أن صعود هاتين الموجتين جاء مع فشل الموجة الناصرية و الموجة البعثية والموجة السعودية في إستمرار التأثير العربي الفاعل على المنطقة العربية . و بذلك – حسب هذا الطرح – فإن الموجتين الإيرانية و الإسرائيلية تؤثران و تحاولان السيطرة بشكل من الأشكال على المنطقة العربية و قرارها .
أهمية هذا الطرح، في الحقيقة، أنه يحيط بالواقع ولو بشكل جزئي . والأهمية الأكبر أنه طرح يثير النقاش حول واقع القوى المؤثرة أو المسيطرة على المنطقة العربية، بما يشكل مقدمة لإجتراح مسار عربي مستقل بين كل المؤثرات التي تحاول السيطرة في المنطقة . واكتفى الطرح المدروس باعتبار روسيا عامل تقريب بين الموجتين الإسرائيلية والإيرانية . كذلك الصين، بعد الإتفاقية مع إيران، باتت عاملا” مؤهلا” للتقريب بين هاتين الموجتين . وهذا الفهم للدورين الروسي والصيني فيه قصور يشوش الرؤية، و لا بد من إيضاح حقيقة هذين الدورين في المنطقة العربية ، وبين الموجتين الإيرانية والإسرائيلية، وإلى جانبهما وربما بالتقدم عليهما.
بداية ، فإن قصور طرح الموجتين الإيرانية والإسرائيلية يكمن في أنه تجاهل موجة مؤثرة وقوية أخرى ألا وهي ( الموجة التركية ) التي تسعى عسكرياً و إستخباراتياً للسيطرة على المنطقة العربية، متسلحة بإيديولوجية الإخوان المسلمين، المترجمة و المولدة لفصائل متطرفة و إرهابية . . وبالعودة إلى الدورين الروسي و الصيني، فإنهما ليسا دوري تقريب بين الموجتين الإسرائيلية والإيرانية ، بل هما موجتان أكبر وأقوى وأكثر فعالية من الموجات الإيرانية و التركية و الإسرائيلية . (الموجة الروسية) تتواجد في سورية عسكرياً و سياسياً و إقتصادياً . كذلك تتواجد في ليبيا عبر عناصر عسكرية غير نظامية مع حضور سياسي قوي . و في مصر لها حضور و تأثير عبر التعاون العسكري و السياسي و الأمني و الإقتصادي . و هذا حال حضور ( الموجة الروسية ) في دول الخليج العربي والسعودية . أما ( الموجة الصينية ) و بعد حضور إقتصادي قوي و ممتد، بدأت الحضور العسكري و السياسي والذي كشفته إتفاقياتها مع السعودية ومع إيران وخاصة الإتفاقية الأخيرة التي أعلنت التعاون العسكري بين الصين و إيران . و هكذا لدينا (الموجة الروسية ) و (الموجة الصينية) كموجتين أقوى و أكثر نفوذاً و تأثيراً، إلى جانب الموجات الإيرانية والإسرائيلية والتركية … وطبعاً يبقى الدور الأميركي في المنطقة ، بشكل أو بآخر، ( موجة الموجات ) و القوة الخالقة للمد و الجذر في هذه الموجات .
إن كل موجة من هذه الموجات قامت على أسس إستراتيجة مبنية على مشروع فكري سياسي (إيديولوجي) يرسخ هوية كل موجة، ويرسم لها إتجاه مساعيها في تكريس نفوذها في محيطها الحيوي , وفي العالم، أي أن المنطقة العربية تتعرض لموجات ما هي إلا مشاريع إستراتيجية لقوى أخرى .. فمتى يستعيد العرب أو يعيدوا إبتكار مشروعهم الإستراتيجي الذي يحميهم تجاه الموجات الأجنبية ؟؟ متى وكيف يمكن للعرب إعادة صياغة ( هويتهم الإستراتيجية ) التي تحمي إستقلالهم و سيادتهم , و التي توضح لكل الموجات مدى إنفتاحهم على التعاون المثمر و المتوازن والحافظ للحقوق مع أي موجة من الموجات، أو أي دولة أخرى ؟؟ متى يبدأ المثقفون والمفكرون العرب بطرح أفكارهم و رؤاهم لتوليد المشروع العربي الإستراتيجي المطلوب؟؟؟
المهمة الملحة على العرب اليوم حكاماً وقيادات وسياسيين ومفكرين ومثقفين إضاءة الطريق و شقه و ولوجه لإستعادة السيطرة على المنطقة العربية ، وطنهم و شعبهم و أمتهم، و الإمساك بقرارهم المستقل حقيقةً.
بوابة الشرق الأوسط الجديدة