تحليلات سياسيةسلايد

إسرائيل تتجه نحو تعبئة جديدة مع تصاعد خطة احتلال غزة

مسؤولون بالجيش الإسرائيلي يرفضون قرار الحكومة باحتلال قطاع غزة معتبرين أن الحرب تحولت لعربة تغوص في الرمال.

 

أفادت القناة 13 العبرية أن الحكومة الإسرائيلية ستصدق اليوم الأحد على تجنيد عشرات الآلاف من جنود الاحتياط، وذلك بعد موافقة سابقة على خطة لاحتلال غزة.

وتأتي هذه الخطوة في ظل معارضة قوية من كبار المسؤولين في الجيش الإسرائيلي، وتحذيرات دولية من تداعياتها الكارثية على الوضع الإنساني.

وتستعد حكومة نتنياهو للمصادقة النهائية على خطة “احتلال غزة”، التي وافق عليها المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) بالفعل الجمعة.

وتهدف هذه الخطة إلى السيطرة الكاملة على القطاع، بدءا باحتلال مدينة غزة عبر تهجير سكانها البالغ عددهم قرابة مليون نسمة باتجاه الجنوب، ثم تطويق المدينة، وتنفيذ عمليات توغل داخل مراكز التجمعات السكنية، وذلك قبل الانتقال إلى المرحلة الثانية المتضمنة احتلال مخيمات اللاجئين وسط القطاع، التي دمرت إسرائيل أجزاء واسعة منها.

ووفق قناة 13 العبرية، فإن الجيش يستعد لاستخدام نيران كثيفة، مع العمل على نقل جزء من سكان مدينة غزة إلى الجنوب.

وعلى الرغم من هذه الموافقة الأولية، تواجه الخطة انتقادات حادة من داخل المؤسسة العسكرية، فقد ذكرت القناة العبرية أن “مسؤولين كبار في الجيش الإسرائيلي (لم تسمهم) وجهوا مساء السبت انتقادات حادة لقرار المجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر (الكابينت)، بشأن مستقبل الحرب في غزة”.

وأضافت أن “المسؤولين قالوا إن الحرب تحولت إلى عربة تغوص في الرمال”.

وسبق لرئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير، أن عارض الخطة ووصفها بـ”الفخ الاستراتيجي”، مؤكدا أنها ستنهك الجيش لسنوات وتعرض حياة الأسرى للخطر.

وتأتي هذه الانتقادات العسكرية في وقت أوعز فيه زامير ببدء التحضيرات لتنفيذ الخطة، مع التأكيد على تقليل الخطر على حياة الأسرى.

وتزامنا مع الجدل الداخلي، تتزايد التحذيرات الدولية من تداعيات الخطة الإسرائيلية. فقد حذرت الأمم المتحدة من أن 87 في المئة من مساحة القطاع باتت تحت الاحتلال أو أوامر الإخلاء، وأن أي توسع عسكري جديد ستكون له “تداعيات كارثية”.

وانتقد بيان صدر السبت عن وزراء خارجية إيطاليا وأستراليا وألمانيا ونيوزيلندا والمملكة المتحدة، مجددا قرار السيطرة على مدينة غزة.

واعتبر البيان أن “هذا من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني الكارثي ويعرض حياة الرهائن للخطر ويزيد من خطر النزوح الجماعي للمدنيين”.

ونددت الخارجية الروسية أيضا في بيان السبت بالخطة الإسرائيلية، قائلة إن تنفيذها “يهدد بتفاقم الوضع المأسوي بالفعل في القطاع الفلسطيني والذي يظهر كل دلائل كارثة الإنسانية”.

من جهتها، نددت السلطة الفلسطينية السبت بخطة إسرائيل لتوسيع عملياتها في قطاع غزة.

وقال الرئيس محمود عباس إن “القرار الخطير الذي اتخذته حكومة الاحتلال الإسرائيلي بإعادة احتلال قطاع غزة وتهجير سكانه إلى الجنوب، هو جريمة جديدة تضاف إلى سلسلة الجرائم الإسرائيلية في الضفة بما فيها القدس”، وفق ما نقلت عنه وكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية (وفا).

وشدّد الرئيس الفلسطيني على “أهمية تمكين دولة فلسطين من استلام مسؤولياتها كاملة في قطاع غزة، وضرورة الوقف الفوري والدائم لإطلاق النار، وإطلاق سراح الرهائن والأسرى، وإدخال المساعدات الإنسانية”.

وفي الاجتماع نفسه الذي أقرت فيه خطة السيطرة على مدينة غزة، اعتمد مجلس الوزراء الأمني مجموعة من المبادئ لإنهاء الحرب في غزة، تضمنت “إقامة إدارة مدنية بديلة لا تتبع لا لحماس ولا للسلطة الفلسطينية”.

وتمارس السلطة الفلسطينية التي أنشئت كخطوة أولى نحو إقامة دولة فلسطينية، إدارة محدودة على أجزاء من الضفة الغربية المحتلة، ولكنها لا تمتلك وجودا في قطاع غزة الذي تديره حركة حماس.

وعلى الصعيد الشعبي الإسرائيلي، خرج الآلاف في مظاهرات حاشدة في شوارع تل أبيب، للمطالبة بإنهاء الحرب في غزة وإطلاق سراح الرهائن.

ولوح المتظاهرون بلافتات ورفعوا صور الرهائن الذين ما زالوا محتجزين في غزة، ودعوا الحكومة إلى تأمين إطلاق سراحهم.

وقدر صحافيو وكالة فرانس برس عدد المشاركين بعشرات الآلاف، في حين قال منتدى عائلات الرهائن إن ما يصل إلى 100 ألف شخص شاركوا في التظاهرة.

ورغم عدم تقديم السلطات تقديرات رسمية لعدد المشاركين، إلا أنه يبدو أكبر بكثير من الحشود التي شاركت في التظاهرات السابقة المناهضة للحرب.

وقال شاهار مور زهيرو أحد أقارب الرهائن القتلى لوكالة فرانس برس “سنختم برسالة مباشرة إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو: إذا غزوت أجزاء من غزة وقُتل الرهائن، فسنلاحقك في ساحات المدينة وفي الحملات الانتخابية وفي كل زمان ومكان”.

وواجه رئيس الوزراء احتجاجات منتظمة على مدى 22 شهرا من الحرب، وقد دعت العديد من التظاهرات الحكومة إلى التوصل إلى اتفاق بعد أن شهدت الهدنات السابقة تبادل رهائن بمعتقلين فلسطينيين في السجون الإسرائيلية.

من بين 251 رهينة تم احتجازهم خلال هجوم حماس عام 2023، لا يزال 49 في غزة، 27 منهم يقول الجيش إنهم لقوا حتفهم.

وتتزامن هذه التطورات السياسية والعسكرية مع استمرار الخسائر المأساوية في قطاع غزة، حيث أعلن الدفاع المدني في غزة عن مقتل 37 شخصا على الأقل بنيران إسرائيلية في مختلف أنحاء القطاع السبت، 30 منهم كانوا ينتظرون للحصول على المساعدات.

وذكر شهود عيان أن آلاف الفلسطينيين تجمّعوا منذ الفجر سعيا للحصول على مواد غذائية في محيط مراكز المساعدات التي تديرها “مؤسسة غزة الإنسانية” المدعومة أميركيا وإسرائيليا.

منذ بدء عملها في أواخر مايو، ترد يوميا تقارير عن تعرض منتظري المساعدات قرب مراكز “مؤسسة غزة الإنسانية” لنيران القوات الإسرائيلية.

وأسفرت الهجمات والعمليات العسكرية الإسرائيلية منذ بدء الحرب في غزة عن مقتل 61369 شخصا على الأقل، غالبيتهم من المدنيين، بحسب وزارة الصحة التي تديرها حماس في قطاع غزة، وهي أرقام تعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.

واندلعت الحرب في القطاع إثر هجوم غير مسبوق لحماس في السابع من أكتوبر 2023، أسفر عن مقتل 1219 شخصا في إسرائيل، معظمهم من المدنيين، وفقا لتعداد يستند إلى بيانات رسمية.

ميدل إيست أونلاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى