إكرام الضيف
المكان : هو المطبخ . الرؤية غير الواضحة بسبب تصاعد الأبخرة من الطناجر الذي فرض عليها حظر التجول منذ يوم أمس. تنهمر الجولات التفقدية من قبل الزوج انهمار المطر في موسم الشتاء الخيّر ، ومع اقتراب موعد وصول الضيف يسأل الزوج زوجته :هل كمية الملح وضعت بدقة ، لأن ضيفنا العزيز يعاني من ارتفاع الضغط الشرياني ؟ وهل تم سلق اللحم بالقدر الكافي ، لأن أسنان ضيفنا الغالي ستخذله في مضغ اللحم ليسهل هضمه في معدته التي ستسعد به كثيراً ؟
يصل الضيف في الموعد المحدد حاملاً معه باقة من الورد، مستقبلاً بالحفاوة والترحيب. يوضع الطعام على الطاولة، ويشمّر الزوج عن زنديه وهو يشيد في مدح كل نوع من أنواع الأطعمة، والفوائد الصحية للأطباق الكثيرة المتنوعة والتي تزخر بها المائدة ! يملأ جسد الطبق الذي أمام الضيف ، فليس فيه موضع إلا وفيه طعنة قرص من الكبة المقلية والمشوية ، والملفوف والكوسا المحشية !
تلاقتْ الأيدي فوق الأطباق ومضوا يتناولون الطعام وترامتْ الأحاديث والضحكات، ويغيب الحديث بين الزوج والضيف ! بين الضيف والكلام صمت طويل! فم الضيف مملوء دائماً بالطعام ، إنه سريع البلع ما أن يضع لقمة في فمه حتى يهيئ له الزوج لقمة أخرى يدسّها إلى جانب أختها ليبلعهما معاً، الكلمات مخنوقة في حنجرته وعاجزة عن التنفس !
يأتي دور الحلويات، فالكنافة تتبختر على الطاولة، والقطايف المحشوة بالقشطة الحموية ! يأتي دور الفواكه من التفاح والبرتقال والموز والفريز والكرز والدراق والكيوي والعنب والبطيخ …. يختم الطعام بالقهوة المرة، يخرج الضيف من المنزل متثاقل الخطوات مودعاً بمثل ما استقبل من حفاوة وترحيب، يقوم الزوج بمساعدته للوصول إلى سيارته الفاخرة !
يهبط المساء، فيخطر للزوج أن يسأل الضيف عن رأيه في ذلك الطعام، فيأتي الجواب بأنه قد أدخل المشفى لإجراء غسيل معدة بعد أن عانى من ضيق في التنفس وعسر الهضم ، يسارع الزوج إلى المشفى للاطمئنان على صحته حاملاً معه الفواكه وبعض علب الحلويات والشوكولا المتبقية في المنزل !!