إلى أين يا بشر …(2) ؟!

 

إلى أي مصير على كوكبنا تندفع المجموعة البشرية الأن إذن ؟ و ما هو الطابع العام لأنظمة الحكم في عالم اليوم ، و بماذا ينذر و لا أقول بماذا يبشر ؟!

لنقل أولا أن أنظمة الحكم الإستبدادي باتت أوضح أسلوبا و أقل حضورا إذ لم يعد النظام السافر للإستبداد هو الأكثر قسوة و حضورا حتى في الدول المتخلفة حضاريا كما في القارة الأسيوية أو الإفريقية … كما لم يعد الإستبداد هو العدو الأخطر بعد إفتضاحه نظرياً و عملياً … إن الديمقراطية نفسها التي كانت معقد آمال البشرية في خلاصها من الظلم و الفقر و الخداع السياسي ذلك أن الدعوة إلى الديمقراطية إقترنت في مطلع مطالب البشرية بنظام يوفر العدالة و الحريات العامة و التقدم في مجال الوفرة و المساواة و خصوبة عملية التقدم الحضاري في كل الميادين العلمية و الأدبية و الإجتماعية و لكن ماذا حدث بالفعل على أرض الواقع؟..

ماذا حدث في الدول الكبرى المسماة دولاً ديمقراطية في العالم أجمع … كان شعار” الديمقراطية” يعني أنه النظام الذي سيظفر فيه البشر بالحرية والمساواة والعدالة والتقدم المتواصل في أمور الحياة المشتركة العلمية والإقتصادية والأخلاقية والأدبية .. فهل حصل فعلاً ما يبشر بتطور الحضارة البشرية الشاملة في إتجاه المزيد أكثر وأعمق في تلك الأمور التي يحلم بها البشر دوما على كوكب الأرض و لجميع البشر فوقه ؟؟

خذ مثلاً الولايات المتحدة الأمريكية التي تعتبر حتى الآن أنها الدولة الأغنى والسبّاقة الأولى نحو تحقيق مطالب الديمقراطية لسكانها على الأقل وليس للعالم أجمع كما يشاع فعلاً، هل هذا صحيح بمستواه الحقيقي هناك ؟ هل أمريكا هذه قد حققت هذه المطالب لشعبها فعلاً ؟…

لاشك أن الولايات المتحدة هذه هي أغنى دول العالم وأبرعها في مجال التقدم العلمي والتجاري الإقتصادي وأن دولارها ما يزال يلعب في ميدان النقود المالية الدور الأغلى والأكثر إغراءاً و سيطرة في ميدان المال…ولكن ماذا عن أحوالها الإجتماعية والأخلاقية حين نرى أن نسبة إرتكاب الجرائم بكل أنواعها نسبة تعتبر حتى الآن هي الحالة الأكثر إيلاماً و إيجاعاً في العالم أجمع وأن نسبة البطالة واسعة جداً بالرغم من معالجتها بأسلوب المساعدات الغذائية والمالية …

ليست هذه الصفات مقتصرة على أمريكا هذه وحدها بل تكاد دول أوروبا الكبرى والصغرى أن تكون مصابة بذلك التفاوت الطبقي الموجع بين جموع مواطنيها في فرنسا وإيطاليا وإسبانيا و حتى في ألمانيا … لم تعد كلمة ” الديمقراطية ” تعني فعلاً على أرض الواقع العدالة والحريات العامة الفردية والجماعية والمساواة وغيرها من علامات التقدم الأخلاقي و الصناعي والعلمي…

و ها هو وباء وفيروس كورونا الآن يكاد ينذر بفضيحة بل بمأساة كارثية أن ميزان التقدم الحضاري يهتز وينذر بكوارث ممكنة بعدما كانت عصية على قدراتها في الخراب الكبير ها هي تنذر حتى الآن بكارثة عالمية توشك أن تعطل أو تخرب عملية التقدم وتلحق أرضنا بالكواكب الخاوية التي تدور مثل الأرض حول الشمس و ليس فيها ذرة من الحياة…إنه العدم وقد إنتصر ..فماذا ننتظر بعد الأن ؟!..

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى