إيران واسرائيل تقوّمان المواجهة (خليل فليحان)

 

خليل فليحان

 

اعتبر عدد من المحللين الاستراتيجيين في اسرائيل ان قرار مجلس الامن 1701 الذي صدر في 11 آب 2006 وبموجبه أوقفت الدولة العبرية عدوانها على لبنان بعد استمراره 33 يوما، أنتج هدوءا للبلدات الاسرائيلية في الحدود الشمالية لا يزال مستمرا، يصفه أحد الخبراء بأن لا مثيل له حتى منذ ما قبل الحرب التي اندلعت والرد الصاروخي والمدفعي الذي نفذه "حزب الله" في اتجاه العمق الاسرائيلي، وحتى على أهداف بحرية في المتوسط قبالة ساحل بيروت.
وحده سلاح الجو بقي في منأى عن الاستهداف بسبب عدم وجود أي سلاح أرضي مضاد له أو أي مقاتلات. وانتقد هؤلاء القيادة السياسية والعسكرية في بلادهم التي لا تزال ترفض الاعلان عن وقف اطلاق النار الذي يطالب به لبنان، بعدما حقق الشروط الموضوعة في البند الاول من القرار، والتي لا تزال متمسكة بعبارة "وقف الاعمال العدائية" على الرغم من مرور ست سنوات من الاختبار العملي لما هو مطلوب من بيروت. وأبلغ "النهار" مصدر ديبلوماسي لبناني واكب المفاوضات التي جرت أواخر تموز مع الجانب الاميركي – الذي كان يؤدي دور ناقل المواقف والافكار بين الطرفين – أن الامين العام السابق للأمم المتحدة كوفي انان وصف القرار 1701 بأنه "من أهم القرارات التي صدرت عن مجلس الامن نتيجة الحروب التي وقعت بين الدول، وأن في الامكان اعتماده نموذجا يحتذى لأي صراع مماثل بين دولتين متحاربتين".
ودعا المحللون أنفسهم حكومة بلادهم الى اتخاذ العبرة من صمود الرماة الفلسطينيين في غزة للصواريخ الايرانية من طراز "فجر 5" على مواقع تصنفها القيادة العسكرية الاسرائيلية بأنها "خط أحمر" في مقدمها تل ابيب، والأهم ان تلك الصواريخة جعلت ليس فقط السكان يسارعون الى الملاجئ، بل ايضا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي أعطى العدوان الضوء الاخضر، ووزير الدفاع إيهود باراك الذي قاد أكثر العمليات الخارجية جرأة للاغتيالات ولانشاء وحدات قتالية نموذجية للجيش، ومع ذلك لم يتردد بعد أيام قليلة من التهدئة مع منظمة "حماس" في الاعلان أنه قرر "اعتزال" العمل السياسي للافساح في المجال أمام آخرين لخدمة الدولة العبرية، ولا سيما بعدما تذرع بأنه بلغ السبعين من العمر. غير ان المسؤول الاسرائيلي لم يكن ليفعل ذلك لولا اعتباره أنه هو المسؤول عن تمكن "الحمساويين" من اسقاط الصواريخ في تل أبيب ومدن وبلدات اخرى مصنفة خطا أحمر أمام أي طرف تتحارب معه بلاده.
واللافت ان ايران أدرجت انتصار غزة في تشرين الثاني 2012 في سياق انتصار الحزب في جنوب لبنان في تموز 2006، واستخلصت ان المقاومة، سواء في لبنان او في القطاع، ترسي قواعد استراتيجية خاصة بفعل أدوات القوة التي تمتلكها في صراعها المتجدد مع اسرائيل. وأفادت مصادر ديبلوماسية عربية وغربية في بيروت "النهار" ان الصواريخ الايرانية الصنع أثبتت تفوقها في خرق الحدود الاسرائيلية الدولية، سواء من جنوب لبنان او من أراضي غزة، وأن احتضان طهران للحزب ولـ"حماس" بالتسليح والتدريب والتمويل "أدى الى تغيير معادلة المواجهة مع اسرائيل، وجعلها تتريث في أي هجوم، سواء على أهداف للحزب او على الفصائل الفلسطينية في غزة.
ولفتت الى أن ايران وجهت من غزة رسالة مباشرة الى اسرائيل مفادها أن صواريخها كانت على بعد أمتار من أراضيها ولم تستطع تعطيل معظمها، وأن أي هجوم تشنه المقاتلات الاسرائيلية على موقع نووي في ايران سيكون الرد عليه سريعاً وعنيفا ويطاول أهدافا داخل اسرائيل من الداخل الايراني ومن جنوب لبنان ومن غزة. ومع ذلك، لم يسع الرئيس الاميركي باراك أوباما لدى طهران لوقف القصف المتبادل بين الطرفين، بل لجأ الى الرئيس المصري محمد مرسي الذي لم ينه قطع العلاقات الديبلوماسية بين بلاده وايران وقف ما هو معمول به منذ اكثر من 30 سنة، ووقف في طهران ليقول إنه ضد النظام في سوريا الذي تدعمه ايران.

صحيفة النهار اللبنانية

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى