الأسواق تترقب تقرير أوبك الشهري في خضم اضطرابات جيوسياسية مؤثرة
تترقب الأسواق العالمية ودوائر صناعة القرار في الكثير من الدول خاصة منها المستهلكة للنفط تقرير منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) الشهري الذي من المقرر أن يصدر نهاية الشهر الحالي في خضم أزمة طاقة عالمية وتوتر في العلاقات بين السعودية أكبر منتج للنفط في العالم والولايات المتحدة على خلفية إعلان الكارتل النفطي (أوبك+) خفضا للإنتاج بنحو مليوني برميل يوميا اعتبارا من شهر نوفمبر/تشرين الثاني القادم.
ويتضمن تقرير أوبك الشهري تقييما للعرض والطلب مع قراءات للتطورات والتقلبات الجيوسياسية التي باتت مؤثرة وتحرك أسعار النفط صعودا أو نزولا.
ومن المتوقع أن يأخذ التقرير في الاعتبار سحب الولايات المتحدة ملايين البراميل من مخزونها الاستراتيجي وهو القرار الذي اعتبره وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان “تلاعبا بالأسواق”، إضافة إلى أي قرار قد يصدر عن وكالة الطاقة الدولية التي سبق وأن اتفق الأعضاء فيها على 30 مليون برميل في مواجهة صعود قياسي لأسعار النفط على أمل الضغط على الأسعار.
وقال مصدران من أوبك، إنها لن تغير كثيرا في تقريرها الرئيسي المرتقب وجهة نظرها بأن الطلب العالمي على النفط سيستمر في الارتفاع لفترة أطول مما يتوقع كثير من المحللين، على الرغم من الدور المتزايد للطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية.
ومن المقرر أن تحدث المنظمة توقعاتها للطلب على النفط على المدى الطويل في تقريرها لآفاق النفط العالمية لعام 2022 والمقرر صدوره في 31 أكتوبر/تشرين الأول. وكانت نسخة 2021 قد تضمنت توقعات باستقرار الطلب على النفط بعد عام 2035.
وسيمثل نمو الطلب على النفط لعقد آخر أو أكثر دفعة للمنتجين وأوبك، التي يعتمد أعضاؤها البالغ عددهم 13 على عائدات الخام وسيبرز الحاجة إلى استمرار الاستثمار في إمدادات النفط الجديدة. أما المستهلكون والحكومات التي تحث على بذل جهود للحد من استخدام النفط لمكافحة تغير المناخ فسيكونون أقل سعادة.
وتبنت أوبك تحولا في عام 2020 عندما تأثر الطلب بالجائحة، وقالت إن وتيرته ستتراجع في نهاية المطاف، بعدما ظلت لسنوات تتوقع تزايد الطلب دون توقف، بينما من المرجح أن يبقي التحديث الجديد أوبك من بين الجهات الأكثر تفاؤلا بشأن الطلب على النفط.
وقال أحد المصدرين بشرط عدم ذكر اسمه “سيكون الأمر مشابها للعام الماضي في ما يتعلق بتوقعات الطلب”. وقال المصدر الثاني إن أوبك لم تقدم جدولها الزمني في ما يتعلق بمتى تتوقع استقرار الطلب.
وتشير تقديرات أخرى إلى أن الطلب على النفط سيصل إلى ذروته في وقت أقرب. وتوقعت توتال إنرجيز أن يحدث ذلك قبل عام 2030.
وذكرت وكالة الطاقة الدولية أمس الخميس أن الطلب على جميع أنواع الوقود الأحفوري سيصل إلى ذروته أو يستقر، وذلك للمرة الأولى في تاريخ الوكالة، وأن يستقر الطلب على النفط في منتصف العقد المقبل.
وأحجم المقر الرئيسي لمنظمة أوبك في فيينا عن إعطاء أي تفاصيل قبل صدور التقرير يوم الاثنين القادم في أبوظبي بحضور الأمين العام للمنظمة هيثم الغيص ومسؤولين آخرين في المنظمة.
وقال مصدر آخر في أوبك إن غزو روسيا لأوكرانيا، الذي تسبب في ارتفاع أسعار النفط والغاز وأدى إلى أزمة في الطاقة، قد يعزز الطلب على النفط على المدى القريب بسبب التحول في استخدام الوقود، وكذلك التعافي المستمر من الجائحة، مضيفا أنه “من المتوقع أن يظل النفط والغاز الأكثر أهمية في مزيج الطاقة العالمي حتى منتصف القرن”.
وتوقعت أوبك العام الماضي وصول الطلب على النفط إلى 108.2 مليون برميل يوميا في 2045، مقابل 90.6 مليون برميل يوميا في 2020.
وتخفض المنظمة منذ عدة سنوات توقعاتها لعام 2045 بداعي التغيرات التي طرأت على سلوك المستهلكين بسبب الجائحة والمنافسة من السيارات الكهربائية.
وعلى النقيض، من المتوقع أن ترفع أوبك هذا العام من توقعاتها للطلب في 2045، وفقا لتصريحات المصدرين، لكن مسؤولين اثنين سابقين في أوبك أشارا إلى الاتجاهات طويلة الأمد التي ستؤثر على الطلب.
وقال الكويتي حسن قبازرد رئيس دائرة الأبحاث في أوبك في الفترة من 2006 إلى 2013 “حتى الدول المنتجة للنفط مهتمة بالتحول إلى الكهرباء بسبب التلوث. في الكويت، بدأ الناس في شراء سيارات كهربائية”.
وكان قبازرد قال العام الماضي إن الطلب قد يبلغ ذروته في غضون عقد وربما بعد ذلك، وهي وجهة نظر لم يغيرها منذ ذلك الحين.
وذكر وزير الطاقة الجزائري الأسبق خليل شكيب أن التداعيات طويلة المدى للحرب في أوكرانيا قد تشجع على التحول نحو مصادر الطاقة المتجددة.
وتابع خليل الرئيس الأسبق لأوبك “الحرب في أوكرانيا غيرت اعتماد أوروبا والولايات المتحدة على النفط والغاز الروسيين… ستعتمد أوروبا أكثر وأكثر على الطاقة المتجددة في المستقبل وبدرجة أقل على النفط والغاز القادمين من روسيا”، مضيفا أنه من “المحتمل للغاية” أن يستقر الطلب في وقت أقرب مما هو متوقع في التقديرات الحالية لأوبك.