الاستحقاقات الراهنة في سورية: مايتعلق بالحكومة السورية الجديدة ! (1)

لم يكن تشكيل الوزارة في سورية يحمل عادة الكثير من المعاني التي يمكن أن يحملها اليوم في ظل الانتقال إلى دور تشريعي جديد لمجلس الشعب، وهذا المجلس، كما هو معروف، سيبدأ أعماله خلال أيام بعد إصدار الرئيس بشار الأسد المرسوم رقم (146) لعام 2016 القاضي بدعوته للانعقاد لأول مرة يوم الاثنين المصادف في 6-6-2016.

وهذا يعني أن الرئيس الأسد سيلقي كلمة أمام المجلس، فماذا سيقول فيها عن المرحلة القادمة واستحقاقاتها على كل الصعد؟ وهذا يعني أن هناك انتخاب لرئيس المجلس ومكتبه، فمن سيتولى رئاسة المجلس هذه المرة ..هل نحن أمام تجديد لرئيسه السابق أم أمام خطوة جديدة انفتاحية باتجاه رجال الأعمال ؟ وهذا يعني أن حكومة الدكتور وائل الحلقي ستتحول إلى حكومة تصريف أعمال ريثما تشكل حكومة جديدة لتقدم بيانها الوزاري أمام مجلس الشعب خلال مدة محددة، فهل سبقى الحلقي أم سيحتفظ بعضوية القيادة القطرية فقط؟ وهذا يعني السؤال عن مصير المحددات التي تركها المجتمع الدولي في الواجهة ولها علاقة بانتخابات ودستور وغير ذلك ، وقد حددت مواقيت رسمية لها ، فهب سيكون كلام وزير الخارجية الأميركية حولها مفتاحا لتجاوزها؟..

وريثما تكشف ملامح الصيغ التي يجري العمل عليها، وبالتالي انكشاف الخيوط البيضاء من السوداء في أفق الحرب السورية، يترقب السوريون معطيات الاستحقاقات الراهنة، والاجابات على الاسئلة التي وردت قبل قليل، ويضاف إليها تساؤلات تتعلق بحلفاء حزب البعث في الائتلاف الحاكم، فهل سيرشح قادة أحزاب ائتلاف الجبهة الوطنية الوزراء أنفسهم كممثلين عن أحزابهم، ثم ماهي النقاط الجديدة التي ستضعها الحكومة الجديدة في بيانها الوزاري والإجراءات العاجلة التي ستتخذها لرفع الضيم الاقتصادي عن فئات الشعب؟!

مع كل هذه المعطيات والتساؤلات ، يبدو موضوع الحكومة هو الشغل الشغل في الأحاديث الجانبية للناس، فقد جاء في المادة الخامسة والعشرون بعد المئة من الدستور السوري أن الوزارة تُعد بحكم المستقيلة في مجموعة حالات من بينها انتخاب مجلس شعب جديد، وفي المادة السادسة والسبعون يُقدم رئيس مجلس الوزراء خلال ثلاثين يوماً على الأكثر من تاريخ تشكيل الوزارة بيانها إلى مجلس الشعب لمناقشته..

الأوساط المتابعة في سورية تسأل : ما الذي سيتغير في الحكومة الجديدة ؟ ثم ماهي الاستراتيجية التي ستضعها أمام مجلس الشعب، في وقت عصيب أقل مايقال فيه أن الحكومة الحالية وجدت نفسها قبل أسابيع من لملمة أوراقها أمام ارتفاع صادم في الأسعار نتيجة ارتفاع سعر الدولار وأمام غرفة عمليات ساخنة لضبط سوق الصرف!

من سيشكل الجكومة الحالية ؟!

الاحتمالات البديهية هي أن يقوم الدكتور الحلقي بإعادة تشكيلها لأن ملامح السياسية الحكومية تبدو كما هي وفقا لمعطيات ماقبل نتائج جنيف، أو يتم ربما تكليف مسؤول آخر بهذه المهمة، وإذا كان على القيادة القطرية أن تقدم واحدا من أعضائها ليشكل الحكومة لأن حزب البعث هو الذي يشكل أغلبية مجلس الشعب، فنحن أمام احتمالات ضيقة من الخيارات لأن أعضاء هذه القيادة معروفون، وبالتالي سيكون الرئيس المكلف من بينهم ،وفي صيف عام 2013 انتخبت آخر قيادة قطرية، وكان من أعضائها :

جهاد اللحام و وائل الحلقي و عمار الساعاتي و عماد خميس ومحمد شعبان عزوز و يوسف الاحمد و حسين عرنوس. إضافة إلى هلال هلال وعبد الناصر شفيع وعبد المعطي مشلب واركان الشوفي ونجم الاحمد وخلف المفتاح ومالك علي وفيروز موسى…

فمن من هؤلاء سيكون صاحب الحظ ؟ هل هو جهاد اللحام إذا ما تم استبدال رئيس المجلس أم عمار الساعاتي ؟ أم عماد خميس ؟ أم أن القيادة قد تلجأ إلى مهارات حكومية من خارجها ؟ وإذا جرى تشكيل الحكومة، فهل ستطلب قيادة أحزاب ائتلاف الجبهة التساوي في الوزارات، وهنا هل تكفي المقاعد الحكومية لعشرة أحزاب؟ وفي سؤال مفترض : هل ستسعى بعض أحزاب المعارضة الداخلية للمشاركة كما فعل حزب الارادة الشعبية بانضمام رئيسه الدكتور قدري جميل إلى الحكومة ثم خروجه منها، أم أنها ستتريث ريثما تجري حكومة الوحدة الوطنية التي قدمها الوفد السوري الحكومي بديلا عن الحكومة الانتقالية ؟!

وإضافة إلى قضيتي الحرب والحل، فإن أخطر ما يواجه الحكومة الجديدة في سورية هو الواقع المعيشي للسوريين، فمن هو صاحب الحل فيه، ولطالما ظن الشارع الشعبي أنه وبتغيير رئيس الحكومة تحل المسألة، ولنفترض جدلا أن هذا حصل، وهو متوقع، فما هو البلسم الشافي الذي سيحمله رئيس الحكومة الجديد للناس، وأي استراتيجية سيعتمد ؟ وهل سيقدم إجابات وافية حول سد الثغرة بين الأجور والأسعار ؟!

ذلك هاجس السوريين الآن ، وهناك كثيرون منهم لايريدون أن يسمعوا أي شيء يتحدث عنهم لأن واقعهم أصعب بكثير من أن يكون مثارا لحديث عابر، ويكفي أن دخول الناس زادت خلال الحرب أقل من ثلاثة أضعاف فيما زادت تكاليف الحياة إلى عشرين ضعفا ناهيك عن مصائب الحرب التي تطرق يوميا كل بيت !

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى