الانتخابات الإسرائيليّة القادِمة: هل سيُطيح اليمين المُتطرّف والعقائديّ بنتنياهو؟ “معهد واشنطن” ينصح رئيس الوزراء بالمُحافظة على علاقاتٍ ممتازةٍ مع بايدن والامتناع عن المفاجآت السياسيّة
خلافًا للمعارك الانتخابيّة الأخيرة في دولة الاحتلال، فإنّ الانتخابات القادِمة بعد أقّل من أربعة أشهر ستجري في ظلّ اختفاء ما يُسّمى إسرائيليًا بمعسكر اليسار وتراجع معسكر المركز، لصالح صعود قوى اليمين العقائديّ، المتطرّف أكثر من نتنياهو، والذي يتمثّل في المُنشّق الجديد عن حزب ليكود، غدعون ساعر، وتأسيه حزبًا جديدًا تحت اسم “أمل جديد”، وتُظهِر استطلاعات الرأي الأخيرة تراجع قوّة القائمة المُشتركة، التي تزعم تمثيلها لفلسطينيي الداخل، وحصولها على 11 مقعدًا فقط، مع أنّها اليوم ممثلةً في الكنيست بـ15 نائبًا.
في هذا السياق، رأى الباحِث في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، ديفيد ماكوفسكي، أنّ إسرائيل تتجّه نحو انتخاباتها الرابعة خلال عامين لأنّ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الأمن بيني غانتس أثبتا عدم قدرتهما على الحفاظ على التماسك الكبير لائتلافهما، مُشيرًا في الوقت عينه إلى أنّه من الأفضل أنْ يعمل نتنياهو على إبلاغ الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن بأنّه يريد إبقاء العلاقات مع الولايات المتحدة على مستوى عالٍ، ويعني ذلك طمأنة المسؤولين الأمريكيين بأنّه لن تكون هناك مفاجآت سياسية في الأسابيع المقبلة، وأنّ الحملة الانتخابية لن تتسبب ببداية سيّئة للعلاقات الثنائية، على حدّ قوله.
ولفت الباحِث الأمريكيّ إلى أنّ الانتخابات الإسرائيلية الرابعة تستمهل جهود إدارة الرئيس الأمريكيّ المُنتخب جو بايدن لتصنيف سياساته المستقبلية تجاه إسرائيل، وعلى الرغم من أنّ هذه المهلة قد تكون مؤاتية نظرًا إلى تعدد الأمور الملحّة على جدول أعمال بايدن، إلا أنها قد تعقّد الأمور أيضًا، كما قال.
وأردف قائلاً إنّه “من جهتها، سعت الولايات المتحدة إلى استعادة العلاقات مع الفلسطينيين منذ تعليقها في عام 2017. وإذا سرّع فريق بايدن هذا المسْعى، فسترغب إسرائيل في المشاركة فيه، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا، هل ستؤدي الانتخابات الإسرائيلية المقبلة إلى إبطاء سير الأمور؟”. جديرٌ بالذكر أنّ الانتخابات الإسرائيليّة الرابعة خلال أقّل من عاميْن ستجري في الـ23 من شهر آذار (مارس) المُقبِل 2021.
وطبقًا للباحِث الأمريكيّ “هناك عامل آخر من المحتمل أنْ يزيد الأمور تعقيدًا وهو ما يمثله بايدن لنتنياهو على المستوى الشخصي مقابل المستوى السياسي. وقد أشاد كلا الزعيمين علنًا بصداقتهما الشخصية، وسيكون لكل منهما مصلحة في تجنب العلاقات الدبلوماسية الباردة نوعاً ما التي كانت سارية في بداية إدارة أوباما في عام 2009. ولنتنياهو أيضاً مصلحة في الإظهار للناخبين أنه يستطيع العمل مع رئيس أمريكي ديمقراطي – طالما أنه يفهم أن بايدن ليس ترامب ولا أوباما عندما يتعلق الأمر بإسرائيل”.
و”مع ذلك، وفي الوقت نفسه”، تابع الباحث الذي لا يُخفي تأييده المطلق لإسرائيل، تابع قائلاً إنّ “تركيز نتنياهو خلال معظم الانتخابات السابقة كان على تجنب أنْ يكون مطوّقاً من قبل اليمين. لذلك، يتساءل المرء عمّا إذا كان سيدلي بتصريحات حول إيران أوْ ضمّ المستوطنات خلال الحملة الانتخابية، أوْ حتى إذا كان سيوافق على النشاط الاستيطاني خارج الجدار الأمني في الضفة الغربية، والتي يمكن أنْ يثير أيّ منها ردّ فعل من قبل إدارة بايدن. والآن على الأقل، لا يواجه نتنياهو أي ضغط حقيقي من ساعر وبينيت بشأن هذه القضايا، من المرجح أنْ تركز الحملات الانتخابية لهذين السياسييْن على التعافي الاقتصادي من “كوفيد-19″ واستقلال المؤسسات الإسرائيلية”.
وخلُص الباحِث إلى القول إنّه مهما كانت خطط نتنياهو، من الأفضل أن يُبلِغ بايدن بهدوء قبل “يوم تنصيب” الرئيس الأمريكي بأنّه يريد إبقاء العلاقات مع الولايات المتحدة على مستوى عالٍ، ويعني ذلك طمأنة المسؤولين الأمريكيين بأنّه لن تكون هناك مفاجآت سياسية في الأسابيع المقبلة، وأنّ الحملة الانتخابيّة لن تتسبب ببداية سيّئة للعلاقات الثنائية، على حدّ قوله.
وعلى الرغم ممّا ذُكِر أعلاه، يجِب الإشارة إلى أنّه في هذه الانتخابات أيضًا تختفي المسألة الفلسطينيّة عن الأجندة بشكلٍ ليس لافتًا بالمرّة، لصالِح المشاكل الاقتصاديّة التي تُعاني منها دولة الاحتلال، في حين أنّ نتنياهو يُركِّز قليلاً على الإنجازات التي حققها في التطبيع مع عددٍ من الدول العربيّة على مبدأ السلام مقابل السلام.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية