الانسحاب الأميركي من العراق يفتح الباب لإيران لتوسيع نفوذها

قرار الولايات المتحدة تقليص حضورها العسكري في العراق يمثل نصرا سياسيا للقوى والفصائل الموالية لإيران بالنظر إلى الضغوط التي مارستها من أجل تحقيق هذا الهدف.
سلط تقرير لقناة “فوكس نيوز” الأميركية الضوء على المخاوف من أن يؤدي انسحاب القوات الأميركية من العراق إلى مزيد تنامي النفوذ الإيراني في البلاد، في وقت يرى فيه متابعون أن قرار الولايات المتحدة تقليص حضورها العسكري يمثل نصرا سياسيا للقوى والفصائل الموالية لطهران بالنظر إلى الضغوط التي مارستها من أجل تحقيق هذا الهدف.
وحذر خبراء من أن يخلق الانسحاب الأميركي من العراق فجوة أمنية، خاصة فيما يتعلق بالقدرات الاستخباراتية والتقنية المتقدمة التي توفرها واشنطن لمواجهة تهديدات تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”.
وفي غياب هذه القدرات، تتزايد المخاوف من أن تسعى فصائل “محور المقاومة” المدعومة من إيران لملء هذا الفراغ على المستويين الأمني والعسكري، مما يعزز من أدوارها وانتشارها.
كما يزيل الانسحاب الأميركي العائق الأكبر أمام سيطرة القوى الشيعية على عمليات صنع القرار، مما يفتح المجال لنفوذ إيراني أكبر، لا سيما في ظل غياب التنسيق العربي.
وأشار التقرير إلى أن إيران استغلت مرارا الفراغات لتوسيع نطاق نفوذها ومواجهة النفوذ الأميركي، مثلما جرى في أفغانستان، حيث دعمت طالبان، وفي العراق حيث بدأت في دعم الميليشيات الشيعية التي تقاتل الولايات المتحدة في العام 2003.
وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون” الثلاثاء أن الجيش سيبدأ في تقليص وجوده في العراق، في خطوة تعكس ما أسمته “النجاح المشترك” في الحرب ضد تنظيم داعش، بينما لم يتضح بعد عدد الجنود الذين سيتم سحبهم أو حجم الوحدات التي ستبقى في البلاد.
ويبلغ عدد القوات الأميركية في العراق حوالي 2500 جندي، كجزء من التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية، وتتمركز هذه القوات في قواعد عسكرية عراقية من أهمها قاعدة عين الأسد الجوية في محافظة الأنبار وقاعدة حرير في أربيل (إقليم كردستان).
وبدأ الوجود العسكري الأميركي بغزو العراق عام 2003، وبلغ عدد الجنود في حينه حوالي 130 ألف جندي. وعلى الرغم من انتهاء المهام القتالية الرسمية، ما زالت هذه القوات تحتفظ بصلاحية التدخل والدفاع عن النفس أو شن ضربات جوية ضد أهداف تابعة لداعش بالتنسيق مع الجانب العراقي.
ويرى محللون أن انسحاب هذه القوات يمنح الفصائل الشعيية الموالية لإيران فرصة لتوسيع تحركاتها، ما يثير قلقا لدى القوى السنية والكردية من أن تمهد هذه الخطوة الطريق لمزيد تمدد النفوذ الإيراني في العراق.
وما دامت الدولة العراقية تعاني من الضعف والهشاشة السياسية وعدم الاستقرار الداخلي والفساد، فإنها ستبقى عرضة لنفوذ القوى الإقليمية، وفي مقدمتها إيران.
وحولت طهران العراق إلى حديقة خلفية لحماية مصالحها الأمنية والاقتصادية والسياسية عبر دعم الأحزاب والفصائل، فضلاً عن التأثير داخل المؤسسات العسكرية والأمنية.
وساهم الموالون لإيران في رسم ملامح الحكومات العراقية، وحصلوا على مناصب مؤثرة في مؤسسات الدولة، بما في ذلك البرلمان وتغلغوا داخل مفاصل حكومية وأمنية.
وفي المقابل تنظر بعض الأوساط العراقية إلى الانسحاب الأميركي على أنه تأكيد على أن العراق استعاد عافيتة واستقلاله، وأن قواته العسكرية قادرة على حماية البلاد دون الحاجة لوجود أجنبي.
ميدل إيست أونلاين