البورصات العربية تتسبب في نزوح 12 مليار دولار للخارج العام الماضي (ممدوح الولي)
ممدوح الولي
جرت العادة بالمنطقة العربية الإشادة بتدفقات الاستثمار الأجنبي غير المباشر، والمتمثل في مشتريات الأجانب للأوراق المالية بالبورصات العربية، إلى جانب السندات والأذونات الحكومية، باعتباره يمثل إشارة إلى جاذبية الاستثمار بتلك البورصات، كما يمتد الأمر أحيانا إلى اعتبار ذلك برهانا على جودة اقتصادات الدول التي تجتذب تلك الاستثمارات غير المباشرة.
وتمثل تلك التدفقات الأجنبية مزيدا من السيولة والعمق للأسواق العربية، كما توفر تمويلا لعجز الموازنات في كثير من الدول العربية، إلا أنه لا يتم التعرض للنواحي السلبية لتلك الاستثمارات التي أسماها بعض الخبراء بالعصفور الطائر، حيث تنتقل تلك الاستثمارات من سوق إلى آخر سعيا وراء الفرص الاستثمارية بحيث لا تكاد تستقر في بلد واحد.
بما يكاد يلغي ميزة إسهامها في زيادة السيولة بالأسواق، الأمر الذي دفع كثيرا من الدول لفرض ضرائب على أرباحها، ترتفع نسبتها كلما قصرت مدة مكثها بالسوق، وتقل نسبتها كلما طالت تلك المدة، تشجيعا لإطالة فترة بقائها والاستفادة من وجودها.
الأمر الآخر هو ما تقوم به تلك الاستثمارات من نزح الثروات المحلية إلى الخارج، نتيجة ما تحققه من أرباح يتحمل تكلفتها المستثمرين المحليين، مع الأخذ في الاعتبار ما تتميز به الاستثمارات الأجنبية من استنادها إلى قاعدة أكثر خبرة في التحليل المالي والفني، بما يساهم في رشد قراراتها الاستثمارية، إلى جانب توافر سيولة أكثر لديها بما يمكنها من تنويع استثماراتها، وذلك بالمقارنة بالمستثمرين المحليين الأقل خبرة فنية والأقل سيولة.
وحسب بيانات المؤسسة العربية لضمان الاستثمار فقد أشارت بيانات موازين المدفوعات، لنحو 11 دولة عربية، إلى بلوغ صافي التدفقات للاستثمار الأجنبي غير المباشر خلال العام الماضي 12 مليار دولار، كفارق بين صافي تدفقات إيجابية إلى ست دول عربية هي: الإمارات والمغرب والبحرين وتونس والسودان والأردن بلغت 7ر1 مليار دولار، مقابل صافي خروج من خمس دول بلغ 7ر13 مليار دولار.
ويتوقع أن يزيد صافي التدفقات للخارج عن ذلك خلال العام الماضي، في ضوء غياب بيانات دول مثل سوريا وليبيا واليمن وسلطنة عمان والتي شهدت حالة من عدم الاستقرار، وبما يدفع للخروج منها سواء من جانب المستثمرين الأجانب أو حتى المستثمرين المحليين.
وخلال العام الماضي بلغ الصافي السلبي لتدفقات الاستثمارات الواردة لمحفظة الأوراق المالية، نحو 4ر10 مليار دولار في مصر و75ر1 مليار دولار بقطر، و732 مليون دولار بالسعودية و694 مليونا بلبنان و80 مليون دولار بالكويت.
بينما كانت التدفقات الصافية الموجبة في الإمارات بنحو 681 مليون دولار، وفي المغرب 438 مليونا والبحرين 419 مليون دولار وتونس 144 مليونا، والسودان 13 مليونا والأردن 11 مليون دولار.
ومن المهم أن نشير إلى الفرق بين الاستثمار الأجنبي المباشر وغير المباشر من حيث الإفادة للاقتصادات العربية، حيث يميل الاستثمار المباشر لإقامة مشروعات جديدة أساسا، بما يضيف إلى الطاقة الإنتاجية ولفرص العمل، بينما يتجه الاستثمار غير المباشر لشراء أسهم في شركات قائمة بالفعل، أو تمويل عجز بالموازنات غالبا ما يكون قصير الأجل.
للاستفادة من ارتفاع نسبة الفائدة على الأذون والسندات الحكومية في دول عربية تعاني العجز بالموازنات الحكومية ومن تدني تصنيفها الائتماني، وهكذا تحقق تلك الاستثمارات الأجنبية أرباحا رأسمالية تمثل الفرق بين سعر الشراء والبيع للأسهم، وأرباحا تمثل توزيعات الأسهم وفوائد السندات.
وهي أموال يتم تحويلها إلى الخارج، بما يؤثر على سعر الصرف في حالة كبر حجمها مثلما حدث في مصر، عكس الحال بالنسبة للأرباح التي يحققها المستثمرون المحليون والتي تبقى غالبا بالداخل.
وكانت بيانات صندوق النقد الدولي الخاصة باستثمارات محفظة الأوراق المالية والخاصة بعام 2010 للاستثمارات الأجنبية والعربية، في أسواق المال العربية قد أشارت إلى بلوغ تلك الاستثمارات خاصة الأسهم 3ر110 مليار دولار، منها 47 مليار دولار تمثل الاستثمارات العربية في البورصات العربية، و65 مليار دولار تمثل الاستثمارات غير العربية في البورصات العربية، وبما يعني أن النصيب الأكبر للأرصدة للاستثمارات المحلية.
وكانت أبرز الدول الأجنبية المستثمرة بالبورصات العربية بنهاية العام الأسبق، بريطانيا بقيمة 20 مليار دولار بنسبة 18 % من الإجمالي، والولايات المتحدة بقيمة 12 مليار دولار بنسبة 11 %، ولوكسمبورج 11 %، وكلا من ألمانيا وفرنسا بنسبة 3 % لكل منهما، وكلا من اليابان وأيرلندا بنسبة 2 %، وكلا من هولندا وهونج كونج وسويسرا والنمسا وتشيلي بنسبة 1 % من الإجمالي لكلا منهما.
صحيفة الشرق القطرية