تحليلات سياسيةسلايد

التحشيد العسكري في الجنوب الليبي يربك الجزائر

أكدت الجزائر، السبت، أنها تتقاسم بشكل كلي الانشغالات التي أعربت عنها الأمم المتحدة بشأن الحشد والتعبئة الأخيرة للقوات في مختلف مناطق ليبيا، داعية جميع الأطراف الليبية إلى التحلي بالحكمة وضبط النفس لتجنيب البلاد التداعيات المأساوية لاستئناف المواجهات، وذلك في أعقاب التحركات العسكرية في مناطق جنوب وغرب ليبيا.

وبشكل مثير للقلق، تحركت الوحدات العسكرية التابعة لرجل شرق ليبيا القوي المشير خليفة حفتر، نحو جنوب غربي البلاد، قابلها تحشيدات من قوات في غرب البلاد تابعة لحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة، وسط مخاوف أممية ودولية من عودة البلاد نحو مربع العنف المسلح.

توجه وحدات عسكرية تابعة لحفتر، إلى مناطق الجنوب الغربي

وتداولت تسجيلات وصور بثتها وسائل إعلام مختلفة وشبكات التواصل الاجتماعي، توجه وحدات عسكرية تابعة لحفتر، إلى مناطق الجنوب الغربي. بدعوى حماية الحدود بفعل التطورات التي تعيشها المنطقة. لكن تركيزه على مدينة ومطار غدامس المتاخم للحدود الجزائرية، يعطي للعملية بعدا آخر.

سيناريو الحرب المتوقعة بدأ من شرق البلاد، الثلاثاء الماضي، عندما أعلنت رئاسة أركان القوات البرية بقوات الشرق الليبي، في بيان عبر صفحته الرسمية على فيسبوك، عن “انتقال وحدات عسكرية إلى مختلف مدن ومناطق جنوب غربي البلاد” بتوجيهات من قائدها حفتر.

ووفق البيان، فإن هذا الخطوة تأتي “في إطار خطة شاملة لتأمين الحدود الجنوبية للوطن، وتعزيز الأمن القومي للبلد واستقراره في هذه المناطق الحيوية، عبر تكثيف الدوريات الصحراوية والرقابة على الشريط الحدودي مع الدول المجاورة”.

تلك التحركات، أثارت قلق القيادات العسكرية في غرب البلاد. لذلك أصدر معاون رئيس الأركان العامة للجيش الليبي التابع لحكومة الوحدة الوطنية صلاح النمروش، في اليوم التالي، تعليماته لوحدات الجيش بـ”رفع درجة الاستعداد لصد أي هجوم محتمل”.

إجراء النمروش، جاء وفق ما نقله إعلام محلي عن مصدر برئاسة الأركان في العاصمة طرابلس (لم يسمه) “ردا على تحركات قوات حفتر باتجاه بلدة الشويرف (نحو 450 كلم جنوب طرابلس)”.

قلق الجزائر من نشوب حرب على حدودها

كما أثارت تلك التحركات العسكرية بين الجانبين قلق الجزائر من نشوب حرب على حدوده. في ظل برود علاقتها مع مالي والنيجر وروسيا. كما وعجزها عن التدخل بشكل يمنع تصعيدا قد يمس أمنها القومي. لذلك سارعت وزارة خارجيتها بإصدار بيان تحث فيه على ضبط النفس.

وحسب بيان وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية. “تتقاسم الجزائر بشكل كلي وكامل الانشغالات التي أعربت عنها الأمم المتحدة بشأن الحشد والتعبئة الأخيرة للقوات في مختلف مناطق ليبيا. لا سيما تجاه مناطقها الجنوبية والغربية”.

وأضاف البيان “وبالنظر إلى تعدد وتنوع وتشعب العراقيل التي لا تزال تواجه مسار البحث عن تسوية سلمية للأزمة الخطيرة التي يعيشها هذا البلد الشقيق، فإن وقف المواجهات والصدامات بين الإخوة الفرقاء يعد مكسبا بالغ الأهمية ينبغي الحفاظ عليه مهما كان الثمن”.

دعوة الجزائر جميع الأطراف الليبية إلى التحلي بالحكمة وضبط النفس والتبصر

ودعت الجزائر في الوقت ذاته “جميع الأطراف الليبية إلى التحلي بالحكمة وضبط النفس والتبصر. لتجنيب بلدهم وشعبهم التداعيات المأساوية لاستئناف المواجهات التي ستكون أولى ضحاياها كافة الأهداف التي ينشدونها وننشدها معهم من إيجاد حل سلمي للأزمة. ومن تحقيق المصالحة بين الليبيين، ومن إعادة توحيد المؤسسات. وخاصة المؤسسات الأمنية. ومن وضع حد للتدخلات الأجنبية، وكذا من فتح عهد جديد من الأمن والاستقرار والازدهار في هذا البلد الشقيق”، وفقا للبيان.

ربطت صحيفة “لوموند” الفرنسية بين إعلان القيادة العامة للجيش الليبي إطلاق عملية واسعة في الجنوب الغربي. كما وظهور معلومات تفيد بأن تحركات قواته جارية نحو غدامس والشويرف. وهما مدينتان مرتبطتان بطرابلس.

مخاوف من تحركات الجيش الليبي تتحول إلى حرب أهلية

وأضافت. أن تلك التحركات تثير المخاوف من “التحول إلى حرب أهلية مرة أخرى”. مشيرة. إلى “اهتمام حفتر الكبير بكل من غدامس والشويرف. خاصة أن الأولى تقع في أقصى غرب البلاد على حدود تونس والجزائر وفيها مطار وهو عنصر لوجستي أساسي”.

وتبعد غدامس نحو 650 كيلومترا عن العاصمة طرابلس. وتخضع لسيطرة حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها ويربط معبر غدامس – الدبداب في الجزائر.

ويعدّ معبر غدامس نقطة استراتيجية. وهو مغلق منذ العام 2011. وكان من المفترض أن يكون مفتوحا منذ العام الماضي بعد اتفاق بين الجزائر وطرابلس، لكنه بقي مغلقا رغم الاتفاق.

أما الشويرف فتقع على بعد 400 كيلومتر جنوب طرابلس. “تسمح لقوات الجيش بإكمال ممر طويل من خليج سرت إلى الحدود الغربية. كما تسمح وفي الوقت نفسه بقطع جميع وسائل الوصول من طرابلس إلى فزان جنوبا. وقبل كل شيء، سيسمح هذا لقوات القيادة العامة بالاقتراب من طرابلس وكذلك بعض حلفائه. مثل قوات الزنتان”. وفق الصحيفة.

التوصل إلى اتفاق لإنهاء المواجهات التي اندلعت الجمعة

وأتاحت وساطة، السبت، التوصل إلى اتفاق لإنهاء المواجهات التي اندلعت الجمعة بين فصيلين مسلحين في الضاحية الشرقية للعاصمة الليبية طرابلس وأدت إلى مقتل 9 أشخاص، وفق ما أفاد مصدر حكومي.

وينص الاتفاق على انسحاب عناصر كتيبتي “رحبة الدروع”، التي يقودها بشير خلف الله، المعروف بـ”البقرة”، و”الشهيدة صبرية” إلى ثكناتهما، مع السماح لقوة محايدة بالتمركز بين الطرفين.

وكانت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا أعربت عن قلقها تجاه التحركات العسكرية في مناطق جنوب وغرب ليبيا، مشيدة بالجهود الجارية لتهدئة الوضع ومنع التوترات. وحثت البعثة، في بيان لها، على “ممارسة أقصى درجات ضبط النفس وتجنب أي أعمال استفزازية قد تخرج الأوضاع عن السيطرة وتعرض الاستقرار الهش في ليبيا وسلامة المواطنين للخطر”.

ودعت البعثة الأممية إلى “مواصلة التواصل والتنسيق بين قوات القيادة العامة والقوات العسكرية في غرب البلاد”.

وسبق لوزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، لدى استقباله رئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بالنيابة، ستيفاني خوري، أرجع طول أمد الازمة إلى التدخلات الأجنبية في الشأن الليبي.

واعتبر عطاف أن “إنهاء هذه التدخلات سيمكن الليبيين من إيجاد أرضية توافقية تكرسُ مساهمةَ الجميع في مسار ليبي-ليبي يطوي صفحة الخلافات”.

ميدل إيست أون لاين

 

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على الفيسبوك

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على التويتر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى