التقشف …!!
كلمة هزت ضمير الشعب السوري بعد أن تفوه بها وزير ماليته السيد :
( صراحة بعد هذه الكلمة وما تناولها من صد ورد شعبيين اضطررت للبحث عن اسم هذا الوزير لكتابته في المقال لا أكثر، كوننا إلى اليوم وبعد كل المحاولات لتغيير الحكومات والوزارات، لم نهتم بمعرفة أسماء وزراء هم كانوا ولا زالوا وسيبقون مجرد اسم على ورق … )
اسمه اسماعيل اسماعيل …
المهم .. كانت مواقع إخبارية وشبكات تواصل اجتماعية قد تناقلت تصريحاً للوزير اسماعيل مفاده بأن وزارة المالية ليست معنية بزيادة رواتب الموظفين، كما أن الحكومة تدعم المواطن دون أن يشعر، وليس من الضروري أن يكون الدعم عن طريق زيادة الرواتب … بل “على المواطنين التقشف”….
هنا .. استفاق الشعب على تصريحه بذهول وصدمة .. وبدأوا بالتعليق والتساؤل والتباحث حول معنى هذه الكلمة التي يعيشونها منذ بدء الأزمة السورية وبصبر وتحمل فاق كل وصف، مبررين لأنفسهم التقشف والحرمان وخراب بيوتم وأعمالهم وانقطاع الكهرباء والماء والغاز والمازوت بأن البلد في حالة حرب وفوضى عارمة .. وهناك ثمن عليهم دفعه … رغم ما يرونه بأم أعينهم ويثير سخطهم واستيائهم من أن من ينظّر عليهم من يعيش حياة رفاهية كاملة لا ينقصه شيء .. حتى الكهرباء لا تنقطع عنهم ولا يعانون حرماناً من أي شيء بحجة أن المسؤوليين يسهرون لحماية أمن وآمان المواطن .. ويعملون ليل نهار لتأمين حاجاته وراحته .. فمن حقهم التمتع ببعض المزايا .. !!!!
واقع تأقلم عليه الشعب مرغماً .. ولكن أن يتم طرح موضوع التقشف بهذه الصورة الفجة فهذا ما أثار حفيظة الشعب ودعاه إلى طرح الكثير من الأسئلة منها:
هل التقشف سيشمل المسؤولين ؟؟
وما هو هذا التقشف المطلوب من المواطن الذي يعاني من غلاء الأسعار وندرتها وغياب أساسيات الحياة وقلة الراتب … وبماذا سيتقشف إذا كان أصلاً لم يعد يملك شيئاً ليتقشف به ؟؟؟
ليظهر السيد اسماعيل بعد يومين نافياً ما قاله ومؤكداً أن بعض العبارات من تصريحه الأخير حول موضوع زيادة رواتب العاملين وتقشف السوريين اجتزئت مما أدى إلى تغيير معناها بشكل جذري. ونوه الوزير بأن المعنى لم يكن دعوة للسوريين إلى التقشف، وما حصل أنه أعطى مثالاً عن الاتحاد السوفييتي أثناء حرب سابقة بأن الجميع تقشف من نواح عدة وهو أمر طبيعي في حالة الحروب، دون أن يتطرق للدعوة إلى التقشف أو عدم حاجة السوريين لزيادة الرواتب.
هنا أريد أن أقول : الحرب والخوف والموت يدفع الكثير من شبابنا وعقولنا للرحيل ..
ومن بقي من السوريين في الداخل السوري بعد أربع سنوات أزمة وحرب ودمار .. أغلبهم بقي لأنه يريد البقاء ولا يريد الرحيل وهو يقاوم ويقاوم ليبقى حتى الرمق الأخير ..
ولكن تبقى تصرفات الحكومة وواقع القرارات الحكومية ، وأسلوب التعامل مع حاجات المواطن من خدمات حياتية أساسية ،وسياسة التقشف والحرمان والندرة والفساد والاحتكار والتمييز، وغياب النقد البناء والتأجيل والتسويف والتراخي بتأمين حياة شبه حرة وكريمة للشعب … تدفع من بقي إلى التفكير بالرحيل ..
فاذا لم تغير الحكومة من سياسة إهمال المواطن .. وتخديره بحجج الحرب والأزمة والفوضى وتكالب العالم على الشعب … وهو يرى بأم عينه حياة الرخاء للمسؤولين .. فان الأمل بغد مشرق وبكرى أحلى .. يبقى مجرد حبر على ورق وشعار على لافتة معلقة على أبواب الدوائر الحكومية … كمسكن ألم لا أكثر .. !!