التنوع يعيد تشكيل صناعة ألعاب الفيديو
منذ أن أطلقت شركة سوني قبل ربع قرن جهاز بلايستايشن الرائد، أصبحت ألعاب الفيديو من أبرز أشكال الترفيه في العالم، ويقول محللون إن التنوع المتزايد لمليارات اللاعبين يعيد تشكيل هذه الصناعة.
تستعد شركة التكنولوجيا اليابانية العملاقة ومنافستها الأميركية مايكروسوفت لإطلاق أحدث أجهزتهما في الأيام المقبلة، في منافسة تجري في سوق عالمي تقدر قيمته بحوالي 175 مليار دولار، وهي أعلى من سوقَي الأفلام والموسيقى مجتمعين.
ويقول محللون إن ألعاب الفيديو التي كان ينظر إليها سابقا على أنها ترفيه متخصص موجه إلى الشبان، استفادت من الدفع الكبير الذي حصل في التسعينات لجذب المزيد من الزبائن، وكانت سوني مع جهاز بلايستايشن قائدة الطريق في كسر الحواجز الاجتماعية.
ويوضح غيلهيرم فرنانديز مستشار التسويق في شركة “نيوزو” للالعاب الإلكترونية “خلال العقدين الماضيين، شهدنا توجها قويا نحو تعميم استخدام الألعاب. قبل 25 عاما، كان معظم الناس لا يزالون يعتبرون الألعاب شكلا هامشيا من أشكال الترفيه”.
بعد بلايستايشن، أطلقت مايكروسوفت جهاز إكس بوك” عام 2001 تلاها جهاز “وي” من “نينتندو” عام 2006، لتثور بعدها فورة الهواتف الذكية التي ساهمت في ارتفاع شعبية الألعاب الإلكترونية.
هناك 2,7 مليار لاعب في أنحاء العالم، وفق تقديرات “نيوزو”، نصفهم تقريبا من النساء.
كذلك، أصبح اللاعبون أكبر سنا في الكثير من الأسواق الرئيسية، الفئة العمرية للاعب في الولايات المتحدة هي بين 35 و44 عاما وفقا لجمعية “انترتينمنت سوفتوير أسوسييشن”.
ويشير الخبراء إلى أن القدرة على شراء الأجهزة ساهمت أيضا في جذب جمهور إضافي. فقد استطاعت سوني أن تصل إلى فئات واسعة من المجتمع نظرا إلى السعر المنخفض لأول جهاز “بلايستايشن” أطلقته والذي أثبت نجاحا تجاريا.
ويقول مايكل جاكوبسون منسق الأبحاث في معهد “إم آي تي” للألعاب “إذا صححنا التضخم، فإن وحدات التحكم أرخص بكثير اليوم مما كانت عليه في الثمانينات والتسعينات. لقد كانت … نوعا من الترفيه للطبقة المتوسطة-العليا في ذلك الوقت”.
ونظرا إلى أن الألعاب الإلكترونية أصبحت هواية عالمية متنشرة على نطاق واسع، فقد تم تحدي الانطباع السائد بأنها للشبان حصرا.
ويوضح فرنانديز “يأخذ المطورون التنوع على محمل الجد بشكل متزايد، ويزيدون من عدد بطلات الألعاب من الإناث”.
ومع ذلك، لم يكن هذا التحول سلسلا وجاء بعد سنوات من التوعية بكراهية النساء والتنمر والسلوكيات السامة الأخرى التي كانت متفشية في ثقافة الألعاب الإلكترونية.
وقد أجبرت الصناعة على التحرك بعد أول موجة مضايقة في العام 2014 أطلق عليها اسم “غيمر غايت” التي بدأت بعدما اتهم الحبيب السابق لمطورة الألعاب الأميركية زوي كوين زورا أنها تسعى للحصول على تقييمات إيجابية مقابل ممارسة الجنس.
وواجهت كوين تهديدات بالاغتصاب والقتل، وتم تسريب معلوماتها الشخصية عبر الإنترنت.
كما تعرضت نساء يعملن في الصناعة وشخصيات نسوية أخرى للتهديد من قبل أشخاص غاضبين من الجهود المبذولة لتحسين التمثيل النسائي في الألعاب الإلكترونية.
واتهم عمالقة الألعاب الإلكترونية بالتسامح مع الانتهاكات أو التغاضي عنها.
وكتبت أنيتا سركيسيان الناقدة الإعلامية والتي كانت عرضة لبعض المضايقات على موقع “بوليغون” العام الماضي “قد يكون من الصعب أحيانا شرح مدى وحشية “غيمر غايت” وقسوتها”.
وقد نددت شركات الألعاب الكبرى بمثل هذا السلوك وقدمت تعهدات بزيادة التنوع بما في ذلك إضافة شخصيات نسائية كبطلات.
ورغم الجهود المبذولة، يقول النقاد إن الإساءات والمحتوى لا يزالان يمثلان مشكلة في الصناعة، بين اللاعبين وشركات الألعاب.
وقامت شركة يوبيسوفت إحدى أكبر شركات صناعة الألعاب في العالم، بطرد بعض كبار مسؤوليها التنفيذيين هذا العام بعد موجة من الاتهامات بالتحيز الجنسي والتحرش التي هزت المجموعة.
ولا يقتصر تنوع الألعاب على ممارسيها فحسب بل يشمل أيضا الطرق التي يستمتع بها الأشخاص بالألعاب الإلكترونية.
فقد أصبحت ألعاب الفيديو رياضة تجذب مشاهدين أيضا، وتنظم بطولات كبرى تجذب آلاف المشجعين ويتوقع أن تبلغ إيرادات الرياضات الإلكترونية 950 مليون دولار في العام 2020، وفقا لـ”نيوزو”.
ويتجمع المشجعون أيضا لمشاهدة لاعبين آخرين يلعبون مباشرة عبر الإنترنت وهي منصة لحضور المباريات عبر وسائل التواصل الاجتماعي استقطبت بعضا من أكبر شركات التكنولوجيا في العالم وتعد “تويتش” التابعة لشركة امازون ويوتيوب التابعة لشركة غوغل من أكثر المنصات شعبية.
ويقترح البعض أن ألعاب الفيديو يمكن اعتبارها على انها مماثلة للاحداث الاخرى التي تجذب مشاهدين.
وكان لدى جيسبر جول مناظر حول ألعاب الفيديو في الأكاديمية الملكية الدنماركية للفنون الجميلة، تفسير بسيط لجاذبية ألعاب الفيديو المتزايدة للمشاهدين. ويشرح “إنها مثل مشاهدة الرياضة، من هذا المعنى، الأمر ليس غريبا”.
ميدل إيست أونلاين