الدُبّ الروسيّ: هل سيمنع بوتن إسرائيل ضرب سوريّة؟
الدُبّ الروسيّ: هل سيمنع بوتن إسرائيل ضرب سوريّة؟ما زال التوتّر سيّد الموقف بين تل أبيب وموسكو، رغم محاولات الطرفيْن حلّ المشاكل العالقة بينهما بعيدًا عن الأضواء، نظرًا لتشابك المصالح بينهما في ملّفات مُعيّنةٍ، وفي مقدّمتها خشية الكيان من تغيير الموقف الروسيّ فيما يتعلّق بالاعتداءات الإسرائيليّة المتكررة ضدّ سوريّة، بزعم أنّها تجيء لمنع إيران وسوريّة من تهريب الأسلحة لحزب الله اللبنانيّ، وأيضًا، كما يُشدّد قادة الكيان، لمنع إيران من التمركز عسكريًا في سوريّة.
ما علاقة حزب الله وإيران بالمواقف الإسرائيليّة من روسيا؟
بالإضافة إلى ذلك، فإنّ إسرائيل تخشى من أنْ تستغِّل إيران الوضع الجيو-سياسيّ في المنطقة، لفتح جبهةٍ جديدةٍ ضدّ إسرائيل، بواسطة حزب الله، وذلك من الجزء المُحرّر في هضبة الجولان العربيّة-السوريّة، بهدف استنزاف دولة الاحتلال، ذلك أنّ هذا السيناريو يُعيد لأذهان الإسرائيليين ما جرى لهم في جنوب لبنان، وكيف أنّ حزب الله تمكّن بقواه المتواضعة من الانتصار على أحد أقوى الجيوش في العالم، أيْ جيش الاحتلال، و”كنسه” في أيّار (مايو) من العام 2000 من جنوب لبنان، بعد احتلالٍ استمرّ 18 عامًا.
وكان التوتّر بين موسكو وتل أبيب قد بلغ ذروته عقب تصويت دولة الاحتلال إلى جانب مشروع القرار الذي علّق عضوية روسيا في مجلس حقوق الإنسان، التابِع للأمم المُتحدّة.
لماذا خفف الإعلام العبريّ من وطأة الهجوم على بوتن ويمنتع الآن عن نعته بالديكتاتور والقاتل؟
وبسبب موقف إسرائيل ضدّ روسيا في الأمم المُتحدّة عادت إلى الواجهة الملّفات العالِقة بين البلديْن، وموسكو ليست في عجلةٍ من أمرها، فقادة الكرملين لم ينسوا ولن يتجاهلوا هبّة الصحف والمواقع ووسائل الإعلام العبرية لشيطنة روسيا ورئيسها ونعته بأبشع الصّفات منذ بدء العملية العسكرية في أوكرانيا، وعلى سبيل الذكر لا الحصر، اتهّم سيفير بلوتسكر، أحد كبار المُحلِّلين الإسرائيليين في مقالٍ بصحيفة (يديعوت أحرونوت) الرئيس الروسيّ بأنّه لا يقِّل خطورةً عن هتلر، فيما نعته آخر بـ”نيرون القرن الـ21″.
وعلى الرغم من اندلاع الأزمة الدبلوماسيّة بين تل أبيب وموسكو، واصِل الإعلام العبريّ الاستئساد على روسيا ورئيسها فلاديمير بوتين، وفي بداية الأزمة وعلى مدار الساعة ألحق الألقاب السافِلة بحقّ بوتن، ولم يتورّع عن اتهامه بارتكاب جرائم حرب، وكلّ ذلك بهدف شيطنة الرئيس الروسيّ ودولته العظمى، ولكن في الآونة الأخيرة خفف الإعلام الإسرائيليّ، وهو الأداة الطيّعة في خدمة ما يُسّمى بالأجندة القوميّة الإسرائيليّة، الأمر الذي يُثير التساؤلات.
إلى ذلك، كان لافتًا للغاية أنّ أحد الخبراء اليمينين الإسرائيليين شنّ هجومًا سافِرًا ضدّ الرئيس الأوكرانيّ، فلاديمير زيلينسكي، علمًا أنّ كيان الاحتلال يدعم أوكرانيا التي تُحاوِل صدّ العملية الروسيّة الخاصّة لتحرير إقليمين تابعين آنيًا لأوكرانيا وإعادتهما للحضن الأم روسيا، وقال الكاتب في مقالٍ نشره بصحيفة (ماكور ريشون)، اليمينيّة والمُتشدّدّة إنّ زيلنسكي يقود أوكرانيا إلى التهلكة، على حدّ تعبيره.
زيلنسكي يقود بلاده إلى الكارثة
ووفقًا للخبير الإسرائيليّ بوعاز هعتصني، فإنّ الرئيس الأوكرانيّ يقود بلاده إلى كارثةٍ، وعليه أنْ يقتنع ويُذوّت مجريات التاريخ، التوترات، الكراهية، وعلى نحوٍ خاصٍّ أنْ يفهم بأنّ روسيا ترى في أوكرانيا مصير وطنها، لافِتًا في ذات الوقت إلى أنّه كان يتعيّن عليه أنْ يذكر بأنّه وعد الغرب لروسيا بعد تفكك الاتحاد السوفيتي، بعدم توسيع حلف الناتو شرقًا.
بالإضافة إلى ما جاء أعلاه، كان عليه أنْ يذكر أنّ انضمام أوكرانيا لحلف الناتو سيُثير الخوف العميق لدى روسيا، وبشكل خاصٍّ أنّ روسيا، التي جرّبت على جلدها ماذا يعني الغزو، إذْ أنّها تعرّضت لغزواتٍ من الغرب، بدءًا من القرن السادس عشر وحتى الحرب العالميّة الثانية في القرن الماضي، كما كان عليه أنْ يأخذ بعين الاعتبار أنّ المسافة بين أوكرانيا وموسكو لا تتعدى الـ500 كيلومترًا، كما قال.
حذار من الدُبّ الروسيّ وممنوع محاربة روسيا
وتابع المحلل الإسرائيليّ، واعظًا الرئيس الأوكرانيّ اليهوديّ، بأنّ زيلنسكي كان يجب أنْ يُكرر دائمًا مقولة السياسيّ الأكثر تأثيرًا مع بداية القرن الـ19، والذي عمل في خدمة قيصر النمسا-هنغاريا، الأمير كلمانس ماترنيخ، والذي أرسى مقولته المأثورة: “حذارِ من الدُب الروسيّ”، وفيما بعد الوصية التي تركها الزعيم الألمانيّ بيسمارك، الذي وحدّ ألمانيا:”ممنوع، ممنوع على ألمانيا أنْ تُحارِب روسيا”، مُضيفًا أنّ الأمان ارتكبوا خطاً وحاولوا خلال الحرب العالميّة الثانية احتلال روسيا، واليوم يقومون بغزوها اقتصاديًا وثقافيًا عبر الاتحاد الأوروبيّ، كما قال.
ولفت إلى أنّ الغرب الذي يقوم بالتصفيق من المدرّج لزيلينسكي، يستغِّل أوكرانيا بهدف أضعاف روسيا، دون أنْ تكون لدى الغرب أيّ قصد في التدّخل العسكريّ في المعركة الدائرة الآن، على حدّ تعبيره.
أمريكا هُزِمت بأفغانستان والدرس قد يتكرّر في أوكرانيا
وشدّدّ المُحلِّل على أنّ زيلنسكي تابع عن كثب الانهيار المُخجل والمخزي، الذي مُنيَ به الرئيس الأمريكيّ، جو بايدن في أفغانستان، وواكب الانهزاميّة الأمريكيّة والأوروبيّة أمام “النازيّة” الإيرانيّة، ومع كلّ ذلك تجاهل أيضًا أنّ روسيا استعدّت على مدار سبعة أعوامٍ لدرء خطر العقوبات الاقتصاديّة الغربيّة ضدّها، أمّا زيلينسكي فلم يفهم، كما قال.
لماذا خرّب رئيس الوزراء الإسرائيليّ لبيد العلاقات مع روسيا؟
وخلُص المُحلّل الإسرائيليّ إلى القول إنّ رئيس الوزراء، يائير لبيد، قام بتخريب العلاقات الخاصّة والحاسمة والتي تمّ العمل على بنائها فترةً طويلةً، وهي العلاقات التي منحت الدولة العبريّة مكانةً مميزةً في علاقاتها مع أمريكا وروسيا، على حدّ تعبيره.
مشروع القرار الروسيّ ضدّ إسرائيل.. هل خلط الأوراق؟
وكان مصدر إسرائيليٌّ مسؤول قد أكّد أنّ روسيا تقوم في هذه الأيام بإعداد صياغة مشروع قرار تقدمه إلى مجلس الأمن ضد إسرائيل، وذلك في أعقاب العدوان الذي شنّه سلاح الجوّ الإسرائيليّ على مطار دمشق الدوليّ المدنيّ، في العاصمة السوريّة دمشق، في العاشر من الشهر الفائت، حزيران (يونيو)، والذي أدّى لتعطيل المدرجّات وخروجها عن الخدمة، لفترةٍ قد تستمّر عدّة أيّامٍ أوْ حتى أسابيع.