السفينة الكردية

 

“الباحثون في البيت الأبيض عن حصان … يعودون برسن “

___________________________________

يمكن القول، أن الأربعين مليون كردي في هذا العالم… هم أربعون مليون ألم شخصي. من مستوى “البلا” حذاء إلى المستوى “بلا” قدمين ، وصولاً، طبعاً، إلى البلا وطن.

يقال هناك أنواع من الجغرافيا، من بينها الجغرافيا دائمة الأهمية كبلدان المنافذ البحرية. ومن بينها الجغرافيا البشرية التي تعتمد على العقول والسواعد وليس على المصادر والموارد. ومنها الجغرافيا المنهكة التي لا يتصالح عليها ساكنوها… وهناك: “الجغرافيا الشرسة” وهي التي لا تنقص أهميتها، بل تزداد عبر الزمن. مثل فلسطين، والأقل …مثل الحلم الكردي المجسد في الطموح إلى دولة لا تقام إلا بموافقة وتوافق خمس دول هي: إيران، تركيا، العراق، أرمينيا، وسورية.

هناك يقال أكثر من ثماني محاولات لإقامة دولة كردية، في القرن العشرين، وكلها فشلت، ويعود فشلها إلى عديد الأسباب ،طبعاً، ولكن أحدهذه الاسباب سوء إدارة القيادة الكردية للقاعدة الشعبية وسوء التوقيت، وتجاهل ميزان القوة. وفي عدة حالات التحالفات المغشوشة… وصولاً إلى آخر نموذج دراماتيكي: تحالف قسد (قوات سورية الديمقراطية ـ ضمناً ـ جماعة “أوجلان”) مع الولايات المتحددة الأمريكية. ذلك التحالف الذي كان واضحاً أنه استئجارللعضلاىت الكردية القوية ضد داعش، من قبل مجموعة لوجستية أمريكية في شرق الفرات.

وعلى الرغم من أن هذا التحالف ينطوي على حماية قسد ليس من السوريين ، الذين خسروا وجودهم في ساحات الشمال السوري كلها تقريباً (بما فيها حقول النفط، وخزان المياه)،  وإنما أيضاً من الأتراك. ( وهو الأمرالذي كان على قسد ألا تصدقه أبداً).

ها هي الحرب إذن… وقد استفردت تركيا بأعدائها وهم عراة من الغطاء الجوي والسياسي والبشري أيضاً.. من كل أنواع الغطاء: السوري (غير المتوفر والراغب) والأمريكي (المنسحب والمتفرج) والكردي (الذي أصبح قطعاً متناثرة على خريطة الجغرافيا الشرسة والمؤلمة).

الكرد شعب، كأنما مخصص لتجربة الأنواع الغريبة من النكبات ودون رحمة أبداً، من كل الجهات. ولكنه الشعب الذي يعرف أحلامه ومطالبه. والفرق بينها ـ في هذا العصر ـ سوء تقديرالقادة لنوعية الممكن والمستحيل.

صحيح أن سفينة الحلم يقودها، أحياناً، قراصنة. ولكن لا يجوز، أبداً، أن يقودها مرضى دوار البحر. وتجارأغنام الجبال الوعرة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى