الطابعة بالأبعاد الثلاثة تفتح آفاقا أخرى لتصميم المجوهرات
بعد 12 ساعة من العمل استخدمت خلالها 3,5 كيلوغرامات من مسحوق الذهب، تعطي الطابعة بالأبعاد الثلاثة تحفتها الفنية وهي سوار صُنع بالاستعانة بتكنولوجيا لا تزال في مرحلتها التجريبية لكن من شأنها أن تحدث ثورة في مجال تصميم المجوهرات. ويقول باسكال هيلي ساخرا “ممنوع العطس” فيما يفتح زميله الآلة ويبدأ بإزالة الغبار عن السوار الذي لا يزال مغطسا في مسحوقه الثمين.
هذه الجوهرة جزء من عشر قطع استثنائية صنعت في بيزانسون في شرق فرنسا في مختبر تابع لهيئة “فرانسيكلا” لمحترفي قطاع الصاغة في فرنسا. ويوضح المدير الفني في “فرانسيكلا” باسكال هيلي “انطلقنا فعلا من الصفر، استغرق الأمر سنوات عدة لتحديد الإعدادات ومعايير الجودة السليمة المتصلة بالمهنة”.
وصحيح أن تكنولوجيا الطباعة بالأبعاد الثلاثة المسماة “تكميلية” والقائمة على إضافة طبقات من المواد التي تتداخل بعد وضع نموذج رقمي، مستخدمة بدرجة كبيرة في الصناعات الثقيلة غير أن تطبيقها على مساحيق المعادن النفيسة لا يزال في بداياته.
من درجة حرارة الليزر إلى تركيبة مسحوق الذهب “المذررة” ونسبة الرطوبة في الغرفة، لم يترك أي شيء للصدفة من الرجلين المكلفين الدراسات على مدى تجاربهما على الآلتين المتاحتين (واحدة المانية والثانية ايطالية)
– دقة لا متناهية –
وخلال الأشهر الماضية، عمل الفريق الصغير بأقصى طاقته على “طباعة” عشرة خواتم وأساور وقلادات تم اختيارها اثر مسابقة لمصممي المجوهرات بهدف اظهار الخيارات الابداعية المميزة لهذه التقنية. ويوضح سيباستيان فونتان وهو أحد الرجلين اللذين يتحكمان بالطابعة الايطالية أن هذه التقنية “تتيح للمصممين تخطي حدودهم”.
ويقول هيلي “يمكننا صنع مجوهرات لا يمكن انجازها بالتقنيات التقليدية. فعلى سبيل المثال، لصنع خاتمين متشابكين علينا تقليديا صنع قطعتين منفصلتين لجمعهما في ما بعد. أما بتقنية الأبعاد الثلاثة، فإننا ننجز قطعة واحدة وكل الأجزاء والمواد المحركة لها تخضع للطباعة في الوقت عينه”.
وقد كان ذلك التحدي الذي أطلقه القائمون على المسابقة بهدف وضع تصور لقطعة مجوهرات ذهبية معقدة يتعذر (او يصعب كثيرا) صنعها بالتقنيات التقليدية. وعرضت القطع العشر خلال حدث مهني أواسط تشرين الاول/اكتوبر في باريس ونالت اثنتان منها جوائز بينهما سوار من الذهب الوردي بواجهات مستديرة حمل اسم “دون”.
– اكثر من الفي طبقة ذهب –
ويقول سيباستيان فونتان “استخدمنا ما يقرب من 3,5 كيلوغرامات من مسحوق الذهب لصنع هذا السوار، وبعد طلائه أصبح وزنه 64 غراما. وهو مؤلف من أكثر من الفي طبقة من الذهب بطول 15 ميكرومترا لكل منها”.
وسُيلت كل واحدة من الطبقات بواسطة الليزر بحرارة 1700 درجة. ويستذكر باسكال هيلي قائلا “كان لا بد من أن تكون متجانسة مع رابط ممتاز في ما بينها. لكن في بداية تجاربنا كان الأمر أشبه بجبن الغرويير”.
ويوضح أن المرحلة المقبلة بعد نجاح هذه التجارب “ستكون إقامة منصة تقنية هنا كي تأتي الشركات لاختبار التقنية قبل الاستثمار في الة يقرب ثمنها من مئتي الف يورو”.
ويلفت باسكال هيلي إلى أن “ثمة مشككين في المهنة لكن يكفي رؤية المجوهرات التي في امكاننا صنعها. لا نزال في البداية ومع ذلك أحدثنا ثورة. لكن قبل أي شيء، نشدد على أن هذه التكنولوجيا لن تحل محل التقنيات التقليدية بل هي تفتح آفاقا أخرى”.
ويكشف ديفيد شير وهو مؤلف دراسة حديثة عن هذا الموضوع لحساب شركة “سمارت تك بابليشينغ” الأميركية أن تقنية الطباعة بالأبعاد الثلاثة “تشتمل على الكثير من التدخلات اليدوية مثل التلميع والتخليص، كما أن التصميم الرقمي يتطلب أيضا حسا ابداعيا بشريا. انها ببساطة امكانات تعبير جديدة”.
كذلك يشير الى امكان “العمل بحدة أقل والقدرة على تغيير نموذج بسرعة وأيضا الاستخدام الأمثل للمواد مع تقليص الخسائر إلى حدها الأدنى” وهو تفصيل مهم نظرا إلى سعر الذهب البالغ 35 الف يورو للكيلوغرام.
ميدل ايست أونلاين