العدو نحو ترك رفح والتفرّغ للشمال: إسرائيل تستكشف «اليوم التالي»
يسرّع جيش الاحتلال الإسرائيلي وتيرة عملياته في مدينة رفح ومحيطها، جنوبي قطاع غزة، في ظلّ قصف جوي وأرضي وبحري، يطاول معظم أحياء المدينة، وبشكل خاص، الجزء الغربي منها. وفي حين كان متوقّعاً أن يُنهي العدو عملياته في المدينة خلال أسابيع عديدة، يبدو الآن أن الأمر لن يستغرق أكثر من أسبوعين إلى ثلاثة. وخلال الأسابيع الماضية، روّج المستوى الأمني في الكيان، لضرورة إعلان انتهاء العمليات العسكرية في القطاع، مع انتهاء عملية رفح، لكن في كل مرة كان يجري فيها هذا الحديث، كان رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، يتولّى قمعه، عبر التأكيد مرة بعد أخرى أن الحرب مستمرّة حتى تحقيق «النصر الشامل».
ويبدو أن ما تمّ التوافق عليه أخيراً، بين المستويين الأمني والسياسي، هو الإعلان عن دخول الحرب المرحلة الثالثة، خلال أسبوعين تقريباً، على أن يتزامن ذلك مع دخول إسرائيل «المرحلة الثانية» من التصعيد على الجبهة الشمالية. وبينما تعني المرحلة الثالثة عمليات موضعية وسريعة، على طريقة ما تُعرف بـ«عمليات مكافحة الإرهاب»، فإنه من غير الواضح ما تعنيه بالضبط، المرحلة الثانية ضد لبنان.وعلى أي حال، من الواضح أنه لا يمكن للعدو التفرّغ للقتال في الشمال، قبل أن يُنهي العمليات المكثّفة في الجنوب. ولذلك، وبحسب التقارير الإسرائيلية، فإن جيش الاحتلال سيُبقي عدداً من الألوية في منطقة نتساريم شمالي قطاع غزة، وفي محور فلادلفيا الحدودي بين مصر والقطاع، إضافة إلى إبقاء عدد «كافٍ» من القوات في المنطقة العازلة على طول حدود غزة، فضلاً عن القوّات «المحلية» المكلّفة حماية «الكيبوتسات» والمستوطنات المحاذية للقطاع.
ووفقاً للتقارير الأميركية، فقد أبلغ المسؤولون الإسرائيليون، نظراءهم في واشنطن، أن جيش الاحتلال بدأ بتجيير الموارد ونقل المعدّات العسكرية نحو شمال فلسطين المحتلة، تمهيداً لتوسيع المواجهة مع «حزب الله»، في حال فشلت «الدبلوماسية» في التوصل إلى تهدئة هناك. كذلك، أفادت مصادر مصرية مطّلعة بأن الاتصالات التي جرت عبر «لجنة التنسيق العسكري»، المعنية باتفاقية كامب ديفيد، تخلّلها حديث المسؤولين الإسرائيليين عن حاجتهم إلى بضعة أسابيع لإنهاء العملية العسكرية في رفح.
وبالتزامن مع الاقتراب من الدخول في المرحلة الثالثة، تُجري إسرائيل اتصالات في المنطقة والعالم، محاولةً طرح «أفكار» تتعلّق باليوم التالي للحرب. وفي هذا السياق، أجرت تل أبيب اتصالات بأطراف «السداسية العربية»، حيث جرى نقاش حول ما يمكن أن تلعبه هذه الدول من دور في إدارة قطاع غزة بعد الحرب. ومن ضمن الأفكار التي طُرحت، أن ترسل الدول العربية قوات من جيوشها إلى القطاع، وأن تعمل بإشراف «الأمم المتحدة» على بسط الأمن وإدارة توزيع المساعدات، وحتى لاحقاً إعادة الإعمار. وبينما رفضت غالبية الدول المذكورة الانخراط في تلك المهمّة الصعبة، أبدى الأردن والإمارات استعدادهما لنقاش الأمر أكثر، في حين نصحت مصر، الدول الأخرى، بأن لا ترسل ولو جندياً واحداً إلى داخل غزة، إلا ضمن اتفاق شامل وكامل، تكون «حماس» جزءاً منه.
في المقابل، وفي مقابلة صحافية، نُشرت أمس، أجاب نتنياهو عن سؤال حول ما سيحدث بعد نهاية الحرب في غزة، بالقول: «أعتقد أنه سيتعيّن علينا نزع السلاح بشكل مستدام، ويجب أن تكون هناك إدارة مدنية. وأعتقد أنه من الأفضل أن يتمّ ذلك بالتعاون مع الدول العربية». وأضاف: «من ثمّ فإن الشيء الثالث، سيكون نوعاً من عملية القضاء على التطرّف والتي ستبدأ في المدارس والمساجد». وتابع: «النقطة الرابعة ستكون إعادة الإعمار، التي أعتقد أن المجتمع الدولي سيتولّى تنفيذها إلى حدٍّ كبير».
صحيفة الاخبار اللبنانية