الغرب يخفف لهجته بشأن سوريا والامم المتحدة تخشى تصعيدا “شاملا” بعد تحذير موسكو من “حرب
واصلت القوى الغربية الجمعة درس خياراتها العسكرية لمعاقبة النظام السوري الذي تتهمه بتنفيذ هجوم كيميائي مفترض في دوما، رغم تحذيرات موسكو والامين العام للامم المتحدة.وبعد ان تحدث عن ضربات صاروخية وشيكة وسط الاسبوع، لم يتخذ الرئيس الاميركي دونالد ترامب “قرارا نهائيا” الجمعة، بحسب السفيرة الاميركية في الامم المتحدة نيكي هايلي.
ورغم قولهم انهم على قناعة بمسؤولية نظام بشار الاسد عن الهجوم الذي اوقع اكثر من 40 قتيلا السبت في دوما، فقد بدا كأن الغربيين خففوا من لهجتهم ازاء مخاوف من “تصعيد عسكري شامل” في سوريا، بحسب عبارات الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش وخصوصا بعد تهديدات روسية بالرد على اي هجوم.
وفي اتصال هاتفي الجمعة، حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نظيره الفرنسي ايمانويل ماكرون من اي “عمل متهور وخطير” في سوريا قد تنجم عنه “تداعيات لا يمكن توقعها”.كما حذرت سوريا في مجلس الامن من انه لن يكون امامها من خيار سوى الدفاع عن نفسها في حال تمت مهاجمتها.
وعبر ماكرون اثناء مباحثاته مع بوتين “عن امله في تواصل المشاورات بين فرنسا وروسيا وتكثيفها لجلب السلم والاستقرار”، بحسب الرئاسة الفرنسية.
تحدثت هايلي الجمعة اثناء اجتماع لمجلس الامن بدعوة من موسكو عن مماطلة وبدا كأن صبرها ينفد.
وقالت “في وقت ما يجب القيام بشيء ما” حيال هذا الملف وخاطبت اعضاء المجلس قائلة “عليكم ان تقولوا كفى” مشيرة الى استخدام موسكو مرارا الفيتو لمنع اصدار قرارات للتحقيق في استخدام اسلحة كيميائية في سوريا.
في المقابل ابدى الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش قلقه “من تصاعد التوتر”.وحذر من ان “العجز عن التوصل الى تسوية لاقامة آلية تحقيق يهدد بحدوث تصعيد عسكري شامل” داعيا اعضاء مجلس الامن الى “التصرف بطريقة مسؤولة في ظروف خطرة”.
وكان السفير الروسي لدى الامم المتحدة فاسيلي نيبينزيا اكد الخميس ان “الاولوية هي تفادي خطر حرب” بين واشنطن وموسكو. وتنشر روسيا حليفة الرئيس بشار الاسد قوات في سوريا.
من جانبه قال وزير الدفاع الاميركي جيم ماتيس الخميس امام الكونغرس لدى تطرقه الى احتمال شن هجمات وشيكة من الاميركيين والفرنسيين وربما ايضا البريطانيين، “اننا نسعى لوقف قتل الابرياء”.
غير انه اضاف “على المستوى الاستراتيجي تبقى المسالة هي كيف يمكن تفادي تصعيد يخرج عن السيطرة” ملمحا بذلك الى وجود تردد في شن هجوم على نظام دمشق.
وفي سياق العلاقات المتوترة مع الغرب على خلفية قضية الجاسوس سيرغي سكريبال، اتهم الجيش الروسي المملكة المتحدة بالمشاركة في “مسرحية” الهجوم الكيميائي.
واعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مؤتمر صحافي الجمعة “لدينا أدلة دامغة تؤكد اننا ازاء مسرحية اخرى وان اجهزة استخبارات دولة هي حاليا في طليعة حملة كراهية ضد روسيا تورطت في هذه المسرحية”.
وحذر لافروف من تزايد ضغط الهجرة على اوروبا في حال شن هجمات غربية وقال انه “حتى لو حدثت تجاوزات غير مهمة فانها ستتسبب بموجات جديدة من المهاجرين الى اوروبا” يمكن ان “تفرح اولئك الذين يحميهم محيط” في اشارة الى الولايات المتحدة.
وفي بيروت، اعتبر الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الجمعة أن اسرائيل أدخلت نفسها في “قتال مباشر” مع ايران بعد قصفها مطلع الأسبوع مطاراً عسكرياً في وسط سوريا، تسبب بمقتل سبعة مقاتلين ايرانيين قال إنهم من “الحرس الثوري”.
وتعليقاً على التهديدات الغربية والأميركية بشن ضربة عسكرية في سوريا بعد تقارير حول هجوم كيميائي مفترض في مدينة دوما قرب دمشق، قال نصرالله “ليعلم العالم كله أن كل هذه التغريدات والتهديدات الترامبية (في اشارة للرئيس الأميركي) الهوليودية الاميركية لم تخف ولن تخيف لا سوريا ولا ايران ولا روسيا ولا حركات المقاومة في المنطقة ولا شعوبها”.
ووصف نصرالله الهجوم المفترض في دوما بأنه “مسرحية” متسائلاً “لماذا يستخدم المنتصر (السلاح) الكيماوي؟”.
ويقاتل حزب الله المدعوم من ايران الى جانب قوات النظام في سوريا بشكل علني منذ نيسان/أبريل 2013، ويعد من أبرز خصوم اسرائيل. وخاض الطرفان حرباً مدمرة في تموز/يوليو 2006.
وكان ترامب واصل مساء الخميس مباحثاته مع حلفائه وبينهم رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي بعدما اعلن مرارا بداية الاسبوع عن ضربات وشيكة لدمشق.
وتلزم المملكة المتحدة الحذر بشأن مشاركة في عمليات عسكرية محتملة ضد دمشق مفضلة “تنسيق رد دولي” على مسالة تثير انقساما عميقا في الراي العام والطبقة السياسية في بريطانيا.
ولم يحدد الرئيس الفرنسي الخميس موقفا واضحا بشأن جدول زمني لتدخل عسكري محتمل رغم تاكيده انه يملك “الدليل” على تورط نظام بشار الاسد في هجوم كيميائي مفترض في دوما.
اما المستشارة الالمانية انغيلا ميركل فقد اعتبرت انه “من المؤكد” ان النظام السوري لا يزال يملك ترسانة كيميائية، مؤكدة مع ذلك ان برلين لن تشارك في عمليات عسكرية ضد دمشق.
واعلنت منظمة حظر الاسلحة الكيميائية التي ستعقد اجتماعا الاثنين، ان خبراءها وصلوا الى سوريا وسيباشرون عملهم السبت.
صحيفة رأي اليوم الالكترونية