الكائن الصغير
“أنا أفتح فمي وأنا ميت…لأن لدي ما أقوله”
_________________________
أعجبتني هذه الفكرة:
“بعض البلدان تعتبر أكثر المختبرات إمكانية لدراسة الانحرافات الاستراتيجية… والأخلاقية”.
من الأفراد…
أول هؤلاء… كان “أنشتاين” الذي مات وهو منزعج من الاستخدام الحقير لمساهماته في العلم. كان يؤكد فلسفته العلمية بالقول: ” إن للإنسان أولوية على الطبيعة ( العمياء والمبصرة ) ذلك لأن الإنسان هو أرقى إبداعاتها. لكن العكس هو الذي يحصل”. وكي لا تتوه جملته في أفهامنا… كان يعني الحياة المادية بوفرتها الآتيه من الاستخدام المفرط لقوة الذكاء، حيث تصبح الطبيعة والمادة هما المدخل الشنيع لتزييف حاجات الإنسان.
الانسان وهو يتخم نفسه ويستهلك كل شيء متفاخراً بـ… “تدوير الزبالة “.
من الجماعات…
ثاني هؤلاء…كل بلدان الحلم بالعدالة. الذين كان بوسعهم تأكيد التطابق بين معظم الأحلام ومعظم مساحات الواقع. فتوجهت عدالة التوزيع إلى أسوأ شيء ممكن ارتكابه… هو تجاهل ” أن العمل لا يعني العبودية. وإشباع الرغبات لا يعني استرخاء العضلات. أما الإنتاج الزراعي فانه لا يساوي أغنية على شفاه العائدين من العمل .
كل اليوتوبيات في التاريخ نسيت هذا الكائن الصغير، ذي الحاجات الملبدة بغيوم الربيع…الذي يريد الاستلقاء تحت شجرة هو الذي رش على جذرها ملحه الأول.
كان رامبو يقول: “أيها العبيد لا تلعنوا الحياة “. وهي جملة فضحت وظيفة الشاعر: لقد كان رامبو تاجر عبيد، وهنا تولد جملة المديح الفعال لشقاء لا شفاء منه….. إن يدي الشاعر، بدلاً من شفتيه ، ملطختان بالآلام، فيما قلبه يمتدح هذه الآلام وفيما جيوبه تنتفخ…
ثمة بلدان لا تعرف قيمة نفسها: كل الوطن العربي لا يعرف قيمة نفسه. وهو المكان النموذجي لتطبيق أسوا أنواع التطرف :
الفكرة : لو حسبنا مثلاً ما أتانا من النفط ،كسلعة استراتيجية ، وما صرفناه على “العبث الاستراتيجي” ، كأخطاء ، لكان ممكناً امتداح عصر الجراد... (وجبة عصر الفقراء قبل النفط ) حيث لا شيء يضيء عشاء العائلة من الجراد المجفف، على صحون الفخار، في ليل الخليج العربي.
لو حسبنا ما كان بوسعنا تفاديه من الأخطاء في خمسين عاماً… لوجدنا أن كل قرارات العرب في حياتهم سلسلة من العينات لدراسة:
كيف تكون وطناً مخذولاً، وبلاداً تفرّط بنفسها من تلقاء أخطائها؟
أما الانحراف الأخلاقي فمعصوم عن النهايات.
الانحراف الأخلاقي الذي نعيشه بأفدح صوره … لن ينقطع مع لحظة التوقف الأخير لآخر قطرة نفط.أو لآخر قطرة من مادة أخرى هي، في أيامنا ، دمنا .
بل ، للأسف ، سيبقى هكذا: ” كيف تؤذي أجيالاً وأجيالاً ثم تقول :
” الرحمة لأجدادنا… لقد أورثونا نهاية مبتذلة لثروتهم الفادحة ” !!