المال السياسي .. ماذا يفعل بنا ؟؟؟
المال السياسي .. ماذا يفعل بنا غريبة قدرة المال على شراء الضمائر والانسان … فكل شيء يدور في فلك المصالح المادية .. لتصل الى مرحلة أن تحريك الرأي العام العالمي وتحريك الشعوب مرتبط ارتباطا” وثيقاً بأجندة من يمول ومن يدفع .. وان كانت لا تتوافق مع أجندة الشعوب والأخلاق والقيم…
واليوم بدأت تبرز في العالم العربي أجندات ممولة من فكر متطرف يهدف الى فرض سطوته وسيطرته بشراء أصوات الشارع العربي ليكون السؤال اللاحق ما السبب في تمويل التطرف على حساب الجبهات العلمانية اليسارية المتحررة القائمة على أسس انسانية وطنية جامعة بعيدة عن العقيدة الدينية…؟؟ ولماذا يتم مد هذا التيار ماديا” واعلامياً فتنفتح أمامه قنوات اعلامية وموارد مالية لا محددوة حتى من الغرب الديمقراطي ؟؟
أسئلة تحير من يعتقد أن الغرب يسعى لتحرر الشعوب العربية وشعوب بلدان العالم الثالث وقولبتها بالديمقراطية الحقيقية .. فعلى ما يبدو أن الغرب يسعى لقولبة التطرف الديني وحصره داخل الوطن العربي بعيداً عن أميركا والغرب التي وجدت في سياستها أنه من الضروري إبعاد الفكر المتطرف عنها ، وتوجيهه نحو الداخل العربي ليتقاتل فيما بينه .. فتأمن جانبه وتنقله بعيداً عنها ليتحول الى صراع طائفي سني شيعي كما يحدث بشكل صريح في العراق ولبنان وبشكل غير مباشر في سوريا، حيث يدعم كل طرف في الصراع مجموعة من الدول تمده بالدعم المالي والاعلامي وتغذيه بالسلاح أحياناً .. وتدعم كل منها طرفاً على حساب الطرف الأخر بحجة حماية الشعوب من التمزق والانقسام الطائفي واذا به يصل الى صراع طائفي طويل الأمد وليتحول الى حرب بالوكالة، اضافة الى أن وجود اسرائيل كدولة طائفية عنصرية تقوم على الدين وعقائده في قلب الوطن العربي ، قد فتح المجال أمام باقي الحركات الدينية القائمة على تبني العقيدة الدينية منهجاً وأسلوب حياة لتقف في وجه عنصرية الدولة اليهودية وتحاربها بسلاحها .. بعد فشل الأنظمة مدعية العلمانية والمدنية في مجابهتها.
وأخيراً غياب الانسانية ووقوفها موقف المتفرج على كل ما جرى من انتهاكات لحقوق الانسان واستباحة أرضه وعرضه وحياته في فلسطين ولبنان بعد الاحتلال الاسرائيلي .. وسياسة القمع الممنهج والتخريس الذي مارسته الأنظمة العربية بحق شعوبها … بحيث لم يبق لها الا الدين ملجأ للعزاء والمواساة والحرية.
كل ما تقدم يشكل عوامل ساهمت في خلق بؤر متطرفة اقصائية بدأت تبرز اليوم على مساحة الوطن العربي .. وتستغلها الدول العظمى في حربها على بعضها البعض وتنفيذ مخططاتها لتفتيت الوطن العربي طائفياً لينشغل ببعضه وتسهل السيطرة عليه. إذ مازال العراق يأن تحت وطأة الانقسام الطائفي الحاد بين الشيعة والسنة والأكراد…يليه لبنان .. واليوم سوريا .. وما يجري في مصر وتونس من صعود الاسلاميين ونزاعات ليبيا واليمن.. ماهي الا دلائل ومؤشرات على مدى الانقسام الطائفي الذي أخذ منحىً تطرفياً حاداً، وان لم يكن بالتقسيم صراحة على الأرض فهو على الأقل في كانتونات طائفية نفسية جاهزة للاشتعال في أية لحظة من خلال تفجير أو اشتباكات .. أو مظاهرات ..تعبر بدقة عن أن فترة مخاض الحرية ودولة المواطنة الحقيقية ما زالت تتجاذبها أقانيم الصراع العالمي المالي ومصالح وأجندات أفراد ودول بعيدة كل البعد عن أحلام وطموحات الشعب العربي الذي انتفض للتحرر من عقود الاستبداد.
إنه المال السياسي الذي يوجه ويقود ويكسب، مستغلا” غياب الوعي الوطني والمحاسبة والقانون، فالديمقراطية ليست رأي الأكثرية فقط .. انها نشر وعي لدى الإنسان أنه في وطن يجب احترام رأي الأقلية فيه وأخذها بالحسبان قبل التفكير بالمصالح الشخصية الضيقة فقط .. والتفكير بالمصلحة الوطنية الجامعة.
فالتطرف الذي بدأ يأخذ أبعاده الصريحة .. والواضحة شيئاً فشيئاً في دول الربيع العربي من مدخل الحرية والديمقراطية .. أعتقد أن خطره بات ملحوظاً اليوم على مستقبل الحرية والديمقراطية، وفي حال لم يتم استيعاب هذا الواقع اليوم وتجفيف منابعه الفكرية والمادية والعسكرية .. وذلك بالتركيز على نشر الوعي الوطني والمواطنة تحت مظلة دستور توافقي يرضي جميع الشرائح والأطياف .. ستذهب أحلام الشعب الى معتقلات التطرف والاقصاء والتكفير والتخوين ، وسيشعر بإحباط أكبر … ومن يبرر هذا التطرف ويجد له مخرجاً انسانياً، يساهم بشكل أو بأخر في سيطرة هذا الفكر ليتحول مستقبلاً الى ديكتاتورية جديدة مسلحة بالطائفية والتطرف .. لا أعرف ان كان لنا نصيب بالثورة ضدها ..!!!!.