المساعدات الخليجية لمصر والسياسة الأمريكية (سايمون هندرسون)

 

سايمون هندرسون


 
في التاسع من تموز/يوليو، أعلنت المملكة العربية السعودية تقديمها حزمة مساعدات تبلغ 5 مليارات دولار لمصر تشمل 1 مليار دولار كمنحة نقدية، و 2 مليار دولار في شكل منتجات بترولية وغاز طبيعي، و 2 مليار دولار كوديعة مصرفية في "البنك المركزي المصري" خالية من نفقات التمويل العادية. وفي اليوم نفسه، قدمت الإمارات العربية المتحدة منحة لمصر تقدر بمليار دولار وقرضاً بمبلغ 2 مليار دولار دون فائدة؛ وجاء هذا الإعلان بعد فترة وجيزة من زيارة محافظ "البنك المركزي المصري" لدولة الإمارات. وفي العاشر من تموز/يوليو، تعهدت الكويت بتقديم حزمة مساعدات بقيمة 4 مليارات دولار.
وهذا السخاء الذي أبدته كل من الرياض وأبوظبي يوضح تقديرهما للظروف المالية الصعبة التي تمر بها مصر، بيد أنها تعكس أيضاً سعادتهما بزوال حكم «الإخوان المسلمين» برئاسة محمد مرسي. وتعتبر جماعة «الإخوان» بمثابة لعنة لمعظم الدول الخليجية الغنية بالنفط والغاز لأنها تهدد عروشهم وأنظمة حكمهم الإقطاعية. وقد أصدرت محكمة في دولة الإمارات العربية المتحدة أحكاماً في 2 تموز/يوليو، بالسجن لثمانية وستين مواطناً كانت لهم صلة بفرع جماعة «الإخوان» المحلية، وجهت إليهم اتهامات بالتحريض على الفتنة والعصيان. أما موقف الكويت تجاه «الإخوان» فيختلف قليلاً: حيث أن أعضاء «الجماعة» كانوا قد شغلوا مقاعد في مجلس الأمة ويسببون مصدر إزعاج للحكومة.
وبالنسبة لواشنطن، فإن الدعم المالي الجديد هذا مرحب به ومقلق في آن واحد. وتعتبر مصر دولة حيوية بالنسبة للمصالح الإقليمية للولايات المتحدة للعديد من الأسباب، من بينها سيطرتها على قناة السويس الاستراتيجية واتفاق السلام مع إسرائيل. بيد أن البيت الأبيض لا يزال تحت ضغوط من الكونغرس لوصف الإجراءات التي قام بها الجيش ضد مرسي بأنها انقلاب — وهي خطوة من المرجح أن تتطلب من واشنطن قطع حزمة المساعدات السنوية المقدمة إلى الجيش المصري والبالغة 1.3 مليار دولار. وعلاوة على ذلك، ربما يختلف تعريف الملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة للتطورات السياسية في مصر عن توصيف إدارة أوباما، خصوصاً حول مسألة السماح لجماعة «الإخوان» بالمشاركة في الانتخابات الجديدة من عدمها.
وهناك عامل آخر يجعل الأمر أكثر تعقيداً هو دور قطر، حيث لم تشارك حكومتها مخاوف الرياض وأبوظبي من جماعة «الإخوان» كما أنها أغضبت جيرانها من خلال دعمها لإدارة مرسي بمنح وقروض سخية يبلغ حجمها الإجمالي حوالي 8 مليارات دولار. وليس من الواضح ما إذا كانت الدوحة ستستمر في تقديم هذه المساعدات؛ ومن المحتمل أن يكون الرئيس أوباما قد طرح هذا الموضوع خلال اتصاله الهاتفي بحاكم قطر الأمير تميم بن حمد آل ثاني، الذي تولى إدارة بلاده في الشهر الماضي بعد تنازل والده عن العرش.
وقد فُسر سخاء الدوحة في عهد مرسي بأنه مناورة تكتيكية لتقويض دور جارتها الأكبر ومنافستها الإقليمية، المملكة العربية السعودية. ويبدو أن الدولتين منخرطتين في تنافس دبلوماسي مشابه في سوريا حيث تقوم كل دولة بتمويل وتسليح جماعات متنافسة من الثوار. وفي ضوء هذه العوامل وغيرها، من المرجح أن تعارض الرياض ودولة الإمارات والكويت العمل مع قطر حول مصر — رغم حقيقة أن جميع هذه الدول الأربع هي أعضاء في "مجلس التعاون الخليجي"، وتعهدت بدعم "مرحلة انتقالية آمنة ومستقرة في مصر"، وذلك خلال انعقاد "منتدى التعاون الاستراتيجي" بين الولايات المتحدة ودول "مجلس التعاون الخليجي" العام الماضي.
كما ينبغي أن تكون الأولوية بالنسبة لواشنطن هي ضمان توصيل الأموال الخليجية ثم بعد ذلك مساعدة القاهرة على استخدام هذه الأموال بحكمة. ويتعين على القاهرة سداد قرض بقيمة مليار دولار لدائنين غربيين في الشهر القادم؛ كما أن تغطية النقد الأجنبي للواردات قد انخفضت بشكل خطير بما يكفي لتغطية واردات لفترة تبلغ ثلاثة أشهر تقريباً، وعادة ما ينظر إلى هذا الرقم باعتباره نقطة الخطر. وفي الوقت نفسه، يمكن أن يؤدي ارتفاع معدلات التضخم وارتفاع البطالة بين الشباب إلى زيادة الاضطرابات في الشوارع إذا ما تركت دون علاج. إن توحيد المساعدات السعودية والإماراتية والكويتية مع الأموال القطرية، جنباً إلى جنب مع مساعدات دول "مجلس التعاون الخليجي" وتلك التي تقدمها الولايات المتحدة، وغيرها من المساهمات التي يوفرها الآخرون، يمكن أن يعمل على مساعدة مصر في التغلب على تحدياتها الاقتصادية.

معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى