المعارك تتوسّع في ريفَي حماة واللاذقية
ارتفعت وتيرة المعارك في ريفَي حماة واللاذقية، حيث تركز الجهد العسكري في بلدة كفرنبودة ومحيط كبانة، وسط غياب دور واضح لنقاط المراقبة التركية و«هيئة تحرير الشام يؤسس تحرك الجيش السوري المتواصل في ريف حماة الشمالي أرضية لفتح محاور عمليات جديدة لاحقاً، يمكن عبرها العمل على عزل مناطق مهمة كانت لسنوات من أبرز معاقل الفصائل المسلحة. إذ تتيح سيطرة الجيش على بلدة كفرنبودة موقعاً متقدماً يُمكن الانطلاق منه شرقاً نحو الهبيط، أو/ و غرباً باتجاه قلعة المضيق.
وسيحقق نجاح التحرك على أي من المحورين مكاسب مهمة للجيش وحلفائه؛ فقلعة المضيق ومحيطها كانت واحدة من أبرز المواقع التي استخدمت لإطلاق الصواريخ نحو مناطق سيطرة الحكومة (كذلك قاعدة حميميم)، فيما يعدّ دخول الهبيط خطوة أولى على طريق التقدم نحو خان شيخون شرقاً، ومرحلة ضرورية لعزل جيب كامل يضمّ بلدات مورك واللطامنة وكفرزيتا.
السيطرة على كفرنبودة لم تكن خطوة يسيرة عسكرياً، ورغم محاولة الفصائل المسلحة استعادتها بهجوم مضاد عنيف تخلّله دفعٌ بسيارة مفخخة يقودها انتحاري من تل هواش باتجاه أطراف البلدة الشمالية الغربية، إلا أن الزخم من جانب الجيش منع ذلك، لينقضي بتثبيت الأخير نقاطه داخل البلدة وبدء التمهيد المدفعي على بلدة الهبيط. وفي ساعة متأخرة من ، أطلقت الفصائل موجة جديدة من الهجمات على البلدة، بالتوازي مع ضغط مكثّف من محور تل الصخر، الذي يحكم مدخلها الجنوبي الرئيس.
ودفع اشتداد المعارك الأخيرة غالبية المدنيين إلى النزوح من البلدات المجاورة لخطوط التماس، ولا سيما الهبيط وكفرزيتا واللطامنة، وحتى خان شيخون التي بدأ بعض وجهائها فتح قنوات تواصل في محاولة لتجنيبها عمليات عسكرية واسعة، وفق معلومات أولية. وبينما لم يطرأ أي تغيير ملحوظ على نشاط نقطتَي المراقبة التركية الأقرب إلى الجبهات الساخنة في مورك وشير مغار، سادت الأوساط المعارضة تكهناتٌ حول الدور المرتقب لتلك النقاط في حال اقتراب الاشتباكات منها، لتضاف إلى أسئلة عن موقف «هيئة تحرير الشام» من التصعيد الحالي، ولا سيما مع غيابها شبه الكامل عن العمليات العسكرية، مقابل تولي فصيل «جيش العزة» الثقل الأكبر على الجبهات في الجانب المضاد للجيش.
التساؤلات عن دور «تحرير الشام» لن تقتصر على مناطق ريف حماة الساخنة الآن، حيث يسيطر «جيش العزة» منذ مدة طويلة، فيما لا تملك «الهيئة» مراكز ثقل عسكري، بل ستحضر أيضاً في ريف اللاذقية الشمالي الشرقي الذي دخل أتون المعارك ويستعد وفق المعلومات المتوافرة ليكون جبهة أساسية خلال الفترة المقبلة.
إذ تمكّن الجيش، من السيطرة على منطقة جرف الصخر التي تُعدّ أعلى نقاط جبل الزويقات. وخلال ساعات الليل الأولى تكثّفت الاستهدافات الجوية والمدفعية على التلال المحيطة ببلدة كبانة، تحضيراً لعملية برية تستهدف السيطرة عليها. وسيكون نجاح ذلك خطوة أولى نحو امتداد التصعيد في ريف اللاذقية وفي اتجاه جسر الشغور، ولا سيما أن البلدة تملك موقعاً استراتيجياً، لقربها من أطراف سهل الغاب.
وفي موازاة التصعيد الميداني، يعقد مجلس الأمن اجتماعاً لبحث المستجدات في إدلب خلف أبواب مغلقة، وذلك بناءً على طلب من الكويت وبلجيكا وألمانيا. ويفترض أن يقدّم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «OCHA»، خلال الجلسة، إحاطة حول الوضع في إدلب في ضوء التطورات الأخيرة. ولم ينحصر الحراك الديبلوماسي حول هذا الملف في مجلس الأمن، بل شهد لقاءً بين وزيرَي الخارجية الروسي والإيراني في موسكو، تطرّق إلى الوضع في سوريا، وأكد بعده الوزير الروسي سيرغي لافروف، أن اتفاق «خفض التصعيد» لم يذكر أي نقطة حول «حماية الإرهابيين» أو عدم استهدافهم.
وجاء ذلك في موازاة إعلان وزارة الدفاع الروسية تصدي الدفاعات الجوية لاثني عشر صاروخاً كانت تستهدف قاعدة حميميم الجوية، فيما سقطت بعض الصواريخ على بلدات في محيط المطار. وعقب لقاء لافروف ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف، بحث الوزير الروسي ووزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، عبر الهاتف، تطورات الوضع في سوريا، من دون أن يخرج بيان رسمي يوضح فحوى تلك المحادثات.
وبدت لافتة بالتزامن مع التصعيد في إدلب، زيارة الأمين العام لحلف شماليّ الأطلسي، يانس ستولتنبرغ، لمنطقة لواء إسكندرون ، ولقاؤه عدداً من المسؤولين المحليين. ووفق ما نقلت وسائل إعلام تركية، فقد ناقش الاجتماع «أعمال البنية التحتية في المناطق المحررة خلال عمليتي غصن الزيتون ودرع الفرات، فضلاً عن الدعم المقدم للاجئين الذين يرغبون في العودة إلى ديارهم».
صحيفة الاخبار اللبنانية