المغرب يرد على المغالطات الأوروبية مؤكدا ثنائية الأزمة مع اسبانيا
أكدت وزارة الخارجية المغربية في بيان أن محاولة إضفاء الطابع الأوروبي على الأزمة بين الرباط ومدريد “لا يغير بأي حال من الأحوال طبيعتها الثنائية الصرفة”، معتبرة أن “المشكل يظل قائما مع اسبانيا طالما لم تتم تسوية أسباب اندلاعه”، بينما أعرب البرلمان المغربي عن استنكاره لمضمون قرار تبناه نظيره الأوروبي وهو القرار الذي يتهم المملكة باستخدام المهاجرين القصّر “أداة للضغط السياسي”.
وجاء القرار الأوروبي على خلفية الأزمة الأخيرة بين الرباط ومدريد بعد تدفق آلاف المهاجرين مؤخرا إلى جيب سبتة المغربي المحتل وأيضا بسبب استضافة اسبانيا سرا زعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي للعلاج بعد إصابته بفيروس كورونا ثم تركه يغادر دون محاكمته في تهم تتعلق بارتكابه جرائم حرب بحق صحراويين.
وقالت الخارجية المغربية في بيانها إن “توظيف البرلمان الأوروبي كأداة في هذه الأزمة جاء بنتائج عكسية. وبعيدا عن المساهمة في الحل، فإن هذا الفعل هو جزء من منطق التصعيد السياسي قصير النظرة، فهذه المناورة التي تهدف إلى تجاوز النقاش حول الأسباب الكامنة وراء الأزمة، لا تنطلي على أحد”.
وتضمن قرار البرلمان الأوروبي سلسلة مغالطات وافتراءات من باب التضامن مع اسبانيا بمنطق “انصر أخاك ظالما أو مظلوما”، متعمدا تجاهل الجهود التي يبذلها المغرب في مكافحة الهجرة غير الشرعية والجريمة المنظمة والإرهاب وحجم التنسيق والتعاون مع الشركاء الأوروبيين في هذا المجال وهو الذي ساعد أوروبا في تفادي اعتداءات إرهابية دموية إضافة إلى مساعدتها في مواجهة طوفان من المهاجرين خاصة من منطقة دول الساحل والصحراء.
وقالت الخارجية المغربية في هذا السياق “إن هذا القرار لا يتوافق مع سجل التعاون النموذجي للمغرب مع الاتحاد الأوروبي في مجال الهجرة. إن الذين ينتقدون المغرب في هذا المجال، هم نفسهم المستفيدون من النتائج اليومية والملموسة لهذا التعاون على أرض الواقع”.
وأكدت كذلك أنه “لا يمكن لأحد في أوروبا أن يشكك في جودة الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب في جميع المجالات، بما في ذلك الهجرة، فالأرقام الموجودة تؤكد ذلك“.
وأوضحت أنه منذ 2017، مكّن التعاون في مجال الهجرة من إجهاض أكثر من 14000 محاولة هجرة غير نظامية وتفكيك 5000 شبكة تهريب وإنقاذ أكثر من 80500 مهاجر في البحر ومنع عدة محاولات اعتداء لا حصر لها وشددت على أن “المغرب لا يحتاج إلى أي ضمان في إدارته للهجرة، إذ لم يعد منطق الأستاذ والتلميذ صالحا، فنهج الاستاذية أصبح متجاوزا ومنطق العقوبة أو المكافأة لا يمثلان دافعا لهذا التحرك وإنما هو الاقتناع بالمسؤولية المشتركة واعتبرت الرباط أن قرار البرلمان الأوروبي يتناقض مع روح الشراكة بمحاولته عرقلة المملكة، موضحة أن “مبدأ الشراكة هو الذي يضعف في الواقع. هذا الفعل يظهر أنه على صعيد الجوار الجنوبي للاتحاد الأوروبي، فحتى أقدم المؤسسات وأكثرها نجاحا يمكن أن تكون موضوع إجراءات غير مناسبة وانتهازية في البرلمان الأوروبي”.
وخلصت الخارجية المغربية في بيانها إلى أن المغرب “لم يحكم قط على الشراكة مع الاتحاد الأوروبي على أساس أحداث قصيرة المدى ولكن على أساس إجراءات موثوقة تحدث على المدى الطويل وفي السياق ذاته قال مكتب مجلس النواب المغربي في بيان عقب اجتماع طارئ ليل الخميس الجمعة إن قرار نظيره الأوروبي “ينطوي على العديد من الأكاذيب”، مشددا “على الوضع القانوني” لسبتة الواقعة شمال المملكة باعتبارها “مدينة مغربية محتلة”.
وكان وصول أكثر من عشرة آلاف مهاجر كثير منهم قصّر، إلى سبتة في منتصف مايو/ايار قد شكّل ذروة أزمة كبيرة بين الرباط ومدريد وتبنى البرلمان الأوروبي بأغلبية 397 صوتا الخميس قرارا اقترحه أعضاء إسبان وينص على أن “رفض استخدام المغرب لضوابط الحدود والهجرة ولاسيما القصر غير المصحوبين بذويهم، يشكل أداة للضغط السياسي على دولة عضو في الاتحاد ويدعو النص الذي عارضه 85 نائبا أوروبيا، بينما امتنع 196 عضوا عن التصويت، اسبانيا والمغرب إلى “العمل معا بشكل وثيق لإعادة الأطفال إلى عائلاتهم”.
واندلعت الأزمة الحادة بين الجارين بعد إدخال زعيم جبهة بوليساريو إبراهيم غالي إلى مستشفى في إسبانيا. وتؤكّد الرباط أنّه دخل الأراضي الاسبانية قادما من الجزائر “بشكل احتيالي وبوثائق مزورة وهوية منتحلة”، داعية إلى تحقيق “شفّاف” في ظروف استقباله، بينما تشدد مدريد على أنه تمت استضافته “لأسباب إنسانية وكان المغرب أعلن مطلع يونيو/حزيران أنه مستعد للتعاون مع الدول الأوروبية والاتحاد الأوروبي “من أجل تسوية نهائية” لمشكلة المهاجرين القاصرين الذين لا يرافقهم بالغون في البلدان الأوروبية.
وتحاول اسبانيا حاليا الالتفاف على مسببات الأزمة مع المغرب من خلال التصعيد والضغط والإلقاء بالمسؤولية على المغرب من خلال ترويجها بمغالطات وافتراءات في أوروبا.
وفي أحدث إجراء للضغط على الرباط، قال مسؤول حكومي اليوم الجمعة إن إسبانيا تدرس إلغاء اتفاق يسمح بالمرور دون تأشيرة من المدن المغربية إلى جيبي سبتة ومليلية المغربيتين المحتلتين وذكرت وزارة الخارجية أن خوان غونزاليس باربا الوزير المسؤول عن العلاقات مع الاتحاد الأوروبي قال الخميس خلال زيارة لسبتة “تدرس الحكومة إلغاء النظام الخاص”، مضيفا “ستُطبق ضوابط الحدود حينها على الحدود مع المغرب”.
وعلى مدى أعوام كان بإمكان المغاربة من البلدات المحيطة بالجيبين دخولهما دون تأشيرة، لكنها تكون مطلوبة عند السفر إلى إسبانيا أو بقية أنحاء منطقة شنغن المعفية من التأشيرات في أوروبا جوا أو بحرا وعلى الرغم من أن هذا الوضع لا يزال قائما من الناحية النظرية، أغلق المغرب الحدود فعليا منذ العام الماضي بسبب جائحة كورونا.