«المقترح الأميركي» معلّق… والعُقد على حالها: عودة نُذُر التصعيد
ليس بين الوسطاء في واشنطن والدوحة والقاهرة، أو بين طرفَي التفاوض، «حماس» والعدو الإسرائيلي، من يعتقد بقرب التوصّل إلى صفقة تبادل أسرى ووقف لإطلاق النار في قطاع غزة، وذلك على الرغم من التصريحات «المتفائلة» – وإن كان التفاؤل «الإعلامي» قد تراجع أخيراً على المقلب الأميركي – والمفهوم سياقها كجزء من حملة لـ«تبريد» الصراع في المنطقة، وللحفاظ على المفاوضات، ولو شكلياً، ومنعها من الانهيار، بما يخدم الحملة الانتخابية للديمقراطيين في الولايات المتحدة، مع اقتراب موعد الانتخابات يوماً بعد آخر.
وبعد أن قال رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، قبل يومين، في مقابلة تلفزيونية، بشكل واضح وصريح، إن «لا صفقة قريبة»، بما يكذّب بشكل مباشر وحادّ، مزاعم وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الأخيرة، عن أنه «قد تمّ الاتفاق على 90% من الصفقة، رغم وجود خلافات تحتاج إلى مزيد من العمل»، يبدو أن طرح الأميركيين «مقترح التسوية»، والذي جرى الحديث عنه خلال الأيام السابقة، لن يكون خلال اليومين القادمين، بعدما كان مُنتظراً أن يتم طرحه أمس أو اليوم، وهو ما يؤكّد المعلومات عن أن العقد التفاوضية على حالها، ولا تقدّم جدّياً نحو حلحلتها.
وفي ظلّ ذلك، وبعد انتهاء «الجلسة الأمنية» التي عقدها نتنياهو بحضور كل قادة الأجهزة الأمنية، أول من أمس، نقلت «القناة 12» الإسرائيلية عن مسؤولين قولهم: «تبيّن لنا أن احتمال إبرام صفقة ضئيل»، فيما كشفت «القناة 13» أن «الحاضرين أعربوا عن تشاؤمهم بشأن فرص تنفيذ صفقة تبادل، ونتيجة لذلك تقرّر أن على إسرائيل الاستعداد على الجبهتين الشمالية والجنوبية لاحتمال انهيار مفاوضات الصفقة نهائياً».
بدورها، نقلت «هيئة البث الإسرائيلية»، عن مصادر إسرائيلية وأجنبية، قولها إن «احتمال التوصّل إلى صفقة تبادل ضئيل جداً»، مشيرة إلى أن «واشنطن والوسطاء يحاولون إيجاد صيغة مناسبة لمقترح التسوية»، لكنّ «القناعة تتعزّز لدى إدارة بايدن بأن لا حماس ولا نتنياهو يريدان إبرام صفقة تبادل».
وكشفت المصادر أن «حماس تطالب بإطلاق عدد الأسرى نفسه رغم انخفاض عدد الرهائن الإسرائيليين الأحياء». وخلصت إلى أنه «لا صفقة في الأفق، لأن كل جانب يرى الآخر غير راغب في التوصّل إلى اتفاق»، مضيفة أن «إسرائيل لم تبذل ما في وسعها لتجنب تفويت فرصة التوصل إلى اتفاق». واعتبرت المصادر أن «المفاوضات الجارية غير جادّة لأنها لا تجري مع حماس بل مع واشنطن والوسطاء».
وكان وزير الخارجية الأميركي اعتبر، خلال مؤتمر صحافي في هايتي أول من أمس، أن «التوصّل إلى اتفاق تطبيع بين إسرائيل والسعودية لا يزال ممكناً قبل انتهاء ولاية الرئيس الأميركي جو بايدن»، مشيراً إلى أن «الاتفاق سيتطلّب أولاً وقف إطلاق النار في غزة، إلى جانب موافقة إسرائيلية على مسار موثوق به نحو قيام دولة فلسطينية، وهو ما تصرّ عليه السعودية ويرفضه رئيس الوزراء الإسرائيلي بشكل قاطع».
وقال بلينكن: «سيكون هناك الكثير من العمل الذي يتعيّن القيام به في هذا الشأن». وعبّر عن اعتقاده بأنه «إذا تمكنّا من التوصّل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، فستبقى هناك فرصة للمضي قدماً في التطبيع في ظل هذه الإدارة». وأشار إلى أن «واشنطن ستطرح مزيداً من الأفكار على طاولة المفاوضات خلال الأيام المقبلة»، وأضاف: «أتوقّع في الأيام المقبلة أن ننقل إلى إسرائيل، وأن تنقل قطر ومصر إلى حماس، أفكارنا، نحن الثلاثة، بشأن كيفية الحل».
وفي السياق نفسه، نقلت وسائل إعلام إسرائيلية، عن من سمّته مسؤولاً كبيراً في الحكومة الأميركية، قوله إن «القضيتين المطروحتين على جدول الأعمال حالياً هما محور فيلادلفيا والرهائن الإسرائيليون والمعتقلون الفلسطينيون المُقرر الإفراج عنهم».
وأشار المسؤول الأميركي إلى أن «بعض السجناء الفلسطينيين الذين سيتمّ إطلاق سراحهم هم مسؤولون كبار»، في إشارة إلى الأسرى الأمنيين. لكن، بحسبه، «سيكون للإسرائيليين حق النقض في ما يتعلق ببعض السجناء، خاصة في المرحلة الأولى».
وبالنسبة إلى المساعدات الإنسانية، قال المسؤول الأميركي إنه «ستكون هناك 600 شاحنة يومياً، منها 50 شاحنة وقود ومساكن مؤقتة»، بالإضافة إلى «إعادة ترميم وإعمار المستشفيات والبنية التحتية للمياه والمخابز». وبشأن وقف إطلاق النار، لفت إلى أن «هناك خطة من ثلاث مراحل. في المرحلة الأولى، يجري الخروج من المناطق ذات الكثافة السكانية العالية. وخلال 42 يوماً، سيتم الحديث عن المرحلة الثانية، التي ينبغي أن تؤدي في النهاية إلى وقف كامل لإطلاق النار وانسحاب كامل للقوات الإسرائيلية».
وبالنسبة إلى محور «فيلادلفيا»، أوضح أن «المقترح يتضمّن تخفيفاً كبيراً للقوات الإسرائيلية، لكنه لا يزال موضوعاً مثيراً للجدل»، مضيفاً أن «المرحلة الأولى تتعلّق بالانسحاب من المناطق المكتظة بالسكان، والمرحلة الثانية تتضمن الانسحاب الكامل».
وبيّن أن «هناك نقاشاً حول ما يشكّل منطقة مكتظّة بالسكان على طول المحور، فقد قدّم الإسرائيليون اقتراحاً بموجبه سيخفّضون بشكل كبير وجودهم في نتساريم، وهو تخفيض كبير إلى حدّ ما، ولكن خارج المناطق المزدحمة، وهو ما يتماشى من الناحية الفنية مع الصفقة». وخلص المسؤول إلى أنه «لا شيء نهائياً حتى الآن. هناك خلاف حول بعض الأمور، حتى داخل إسرائيل».
صحيفة الأخبار اللبنانية