الموعد يختلف عن الوعد
الموعد يختلف عن الوعد
ما هو السر الذي جعل كل مواعيد إسقاط النظام في سورية… لا تتحقق؟
نتذكر أن الجميع ورط نفسه بمواعيد لم تتحقق، فما هو السر؟
الأسرار كثيرة… وطبعاً لست أنا من يعرفها، ولكن من الممكن التعرف على بعضها من وقائعها:
ـ كانت المراهنة على عدم إمكانية سـكوت الغرب على انتهاكات حقوق الإنسـان… حدثت انتهاكات من رتبة مجزرة وما فوق… ولم يتحرك الغرب.
ـ كانت المراهنـة على اسـتنسـاخ التجربـة الليبيـة … ولم يدر المراهنـون الصغار، على الأقل ، أن تكاليف الحروب، إن لم تكن مضمونة الأرباح، لا أحد يخوضها. وتكاليف إعادة الإعمار أيضا . وســورية لـن تدفع ثمن قنابل أحد.
ـ كانت المراهنة على تركيا… وفشلت في كل محاولاتها ( بدأ بالتصعيد، وصولاً إلى ساعة صفر افتراضية). كانت تركيا الظاهرة الصوتية في هذه الأزمة!
ـ كانت المراهنة على هشاشة النظام وكثرة معارضيه… وكانت التقديرات آتية من معلومات الأوساط القريبة منه، أو التي كانت في رفوفه زمنا طويلا، كأشخاص يتآكلون من فرط الكسل والفساد، ولا معلومات لديهم أبداً. فقد بولغ بتقدير قيمة الانشقاقات الحاصلة أو التي ستحصل في الجيش والإدارة السيادية العليا.
ـ كانت المراهنة على المعارك العسكرية ولكن لم يقدر عسكريو الانشقاق معنى وجود جيش مؤلف من 15 فرقة عسكرية، ومن سلاح جو.
ـ كانت المراهنة على تغيير الموقف الروسـي والصيني … وفشـلت المراهنة لأنها لم تأخـذ العامـل الدولـي المستجد بعين الاعتبار ، وهو أن الروس يريدون البقاء في هذا الشرق… وذهاب النظام السوري سيفرض هزيمة على هذا الوجود… بشروط المنتصرين. وهؤلاء المنتصرون ليسوا ممن يحترمون الفودكا الروسية ولا الكلاشينكوف رغم أنه سلاحهم الآن.
ـ كانت المراهنة على تدمير الاقتصاد السوري. ولم يحسب أحد حساب الدعم الإيراني، حتى بالمال السائل ، ولم يدرس الدارسون قدرة هذا النوع من الاقتصاد على الصمود
ـ كانت المراهنة على انقسام عمودي في المجتمع السوري، أي أن يحارب الناس بعضهم على خندق طائفي، وأثني ، وزواريبي. وهذا لم يحدث بوصفه ظاهرة قابلة للنمو، والاستمرار… إلا في الاحتمالات المشحون بها مستقبل الأزمة!
ـ كانت المراهنـة على الكثير من الأمـور… والعديد من الأشـخاص، ومعظم الدول ، وكل منظمات تصدير الخبرة القتالية في الساحات الغريبة. ولكن، حتى الآن لا يوجد ما يدل على حدوث جديد في هذه المراهنات التي عددناها، مع استمرار المراهنات دون هوادة!
ـ إذن… وعادة، ما الذي يحدث في ظلال الفشل، الكبير والصغير؟
أولاً تعيد الأطراف، المشتركة والمشتبكة ، النظر في عدة أمور:
ـ إعادة النظر في تحليل بنية الأزمة، وكيف، ولماذا نشأت؟
ـ إعادة النظر في تقييم القوى، وحسابات الموازين.
ـ إعادة النظر بكفاءة الأداء الميداني، القادة، الأدوات، ساحة المعركة، خصائص المجاميع البشرية.
ـ إعادة النظر في أهداف المشروع الكبير، واحتمالات تصغير الهدف.
ـ إعادة النظر في الاستمرار بالصرف على الخسائر ( ترميم الخسائر).
وثمة بالطبع، إعادة نظر نهائية في جدوى الاستمرار بهذه الحرب الطاحنة للسوريين فقط، وجدوى التسليم بالحل السياسي المطروح على كل الطاولات. واعتقد أن إعادة النظر قد بدأت!
بوابة الشرق الاوسط الجديدة