الوكالة الدولية للطاقة تحذر من ‘مخاطر’ فجوة في إنتاج أوبك+
رفعت الوكالة الدولية للطاقة اليوم الجمعة توقعاتها للطلب العالمي على النفط هذا العام في مراجعة لتوقعات سابقة، محذرة في الوقت ذاته من أن منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) قد تواجه عجزا “مزمنا” عن تحقيق أهدافها الإنتاجية.
إلا أن الوكالة قالت أيضا إنه يمكن للسعودية والإمارات تقديم المساعدة في تهدئة التقلبات في أسواق النفط إذا ضختا المزيد من الخام.
ويقود تحالف أوبك+ بين الدول الأعضاء في أوبك بقيادة السعودية ومنتجين من خارجها بقيادة روسيا، جهودا للحفاظ على استقرار سوق النفط بعد أن هوت الأسعار في منتصف العام 2014 إلى أدنى مستوياتها واستمرت في حالة من الاضطراب بين صعود ونزول ولم تشهد الأسعار استقرارا إلا من خلال اتفاق خفض الإنتاج والذي من المرجح أن يجري تعديله عبر زيادات تدريجية.
وتمتلك الإمارات والسعودية أكبر طاقة إنتاجية فائضة ويمكنهما المساعدة في الحد من تضاؤل مخزونات النفط العالمية الذي ساهم في صعود الأسعار نحو 100 دولار للبرميل، مما رفع التضخم عالميا، بينما اعتبر محللون أن زيادات في الإنتاج من إيران في حال رفعت العقوبات عنها قد تكبح “هيجان” صعود الأسعار.
وبلغت أسعار النفط في الأيام الأخيرة أكثر من 93 دولارا للبرميل قبل أن تتراجع إلى نحو 90 دولارا، فيما تراجعت المخزونات الأميركية إلى ادني مستوى لها هذا الأسبوع.
كما تحرك التطورات الجيوسياسية المرتبطة من جهة بالتوتر بين روسيا والغرب بسبب ما تعتقد دول غربية أنه تحضير روسي لغزو أوكرانيا واحتمال التوصل لصيغة بين واشنطن وطهران لإعادة إحياء الاتفاق النووي للعام 2015، أسعار النفط من جهة ثانية.
وقالت الوكالة التي مقرها باريس في تقريرها الشهري عن النفط “يمكن تقليص هذه المخاطر التي لها تداعيات اقتصادية واسعة، إذا عوض المنتجون في الشرق الأوسط الذين لديهم طاقة إنتاجية فائضة تلك الاحتياجات”.
وتحولت العقود الآجلة لخام برنت للصعود بعد نشر التقرير وبلغت أعلى مستوى في الجلسة عند 92.08 دولار للبرميل.
حدوث فائض في المعروض بشكل فوري أمر مستبعد بسبب الحاجة إلى إعادة ملء مخزونات النفط المستنزفة التي هبطت في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى أدنى مستوياتها في سبع سنوات
وقالت وكالة الطاقة إنه إذا ألغت أوبك+ التي تضم منظمة البلدان المصدرة للبترول وحلفاء منهم روسيا، تخفيضات إنتاجها الحالية بالكامل، فقد تعيد 4.3 ملايين برميل يوميا إلى السوق.
غير أن الوكالة قالت إن ذلك سيخفض الطاقة الإنتاجية الفائضة الفعلية إلى 2.5 مليون برميل يوميا بحلول نهاية العام، وهو ما تحوزه بالكامل تقريبا السعودية وبدرجة أقل الإمارات.
وفي الوقت الحالي وبينما ترفع أوبك+ الإنتاج كل شهر، فإنها لا تصل إلى هدفها الشهري بإضافة 400 ألف برميل يوميا. وقالت الوكالة إن الفجوة بين الإنتاج والمستهدف زادت في يناير/كانون الثاني إلى 900 ألف برميل يوميا.
وأضافت “استمرار عدم بلوغ التحالف هدف الزيادة اقتطع فعليا 300 مليون برميل أو 800 ألف برميل يوميا، من السوق منذ بداية 2021”.
وأضافت الوكالة أن المحادثات الدولية مع إيران يمكن أن ترفع العقوبات الأميركية على صادرات البلاد إذا تكللت بالنجاح، مما يقلص شح المعروض، مما سيعيد تدريجيا 1.3 مليون برميل يوميا من النفط الإيراني إلى السوق.
وقالت إن العرض والطلب يتجهان نحو التوازن في الربع الأول من العام، لكن من المتوقع التحول إلى فائض في الربع الثاني من العام أو النصف الثاني منه.
لكن حدوث فائض في المعروض بشكل فوري أمر مستبعد بسبب الحاجة إلى إعادة ملء مخزونات النفط المستنزفة والتي هبطت في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى أدنى مستوياتها في سبع سنوات.
وكان الكارتل النفطي (تحالف أوبك+) قد حدّ من إنتاجه من أجل دعم الأسعار في إطار اتفاق خفض الانتاج، لكنه الآن ينتج براميل إضافية بعدما تم رفع الإنتاج بواقع 400 ألف برميل يوميا.
العرض والطلب يتجهان نحو التوازن في الربع الأول من العام، لكن من المتوقع التحول إلى فائض في الربع الثاني من العام أو النصف الثاني منه
وكانت الدول الأعضاء في “أوبك بلاس” الـ23 قرّرت مطلع فبراير/شباط الحفاظ على معدل الزيادة المتواضعة في إنتاجها، رغم التهديد الذي يمثله ارتفاع سعر النفط والتوترات الجيوسياسية على الإمدادات.
لكن الوكالة الدولية للطاقة تشير إلى عجز “مزمن” يواجهه التحالف وشركاؤه في تحقيق أهدافهم الإنتاجية، وهو ما ساهم، بالإضافة إلى التوترات الجيوسياسية، في زيادة الأسعار.
في يناير/كانون الثاني ارتفع سعر برميل خام غرب تكساس الوسيط، على غرار خام برنت، بأكثر من 16 بالمئة، ووصل المؤشران المرجعيان للخام إلى مستويات قياسية لم تسجّل منذ أكثر من سبع سنوات.
وأشارت الوكالة إلى أنه “إذا استمرت الفجوة بين إنتاج أوبك بلاس والمستويات المستهدفة، فإن الاضطراب في الإمدادات سيزداد، ما يزيد من احتمال حدوث مزيد من التقلبات والضغط التصاعدي على الأسعار”.
وخلصت إلى أن “هذه المخاطر التي تحمل تداعيات اقتصادية كبيرة، يمكن تقليلها إذا قام المنتجون في الشرق الأوسط الذين يملكون فائضا بالتعويض للدول التي نفدت مخزوناتها”.
ولم يُذكر أي بلد، لكن يبدو أن الدعوة موجهة إلى السعودية، قائدة التحالف والتي غالبا ما تعوض جزئيا عن إخفاقات شركائها الآخرين بإنتاجها.
وبين ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي ويناير/كانون الثاني من العام الحالي، رفعت الدول الأعضاء في أوبك إنتاجها 64 ألف برميل فقط في اليوم، ليصل الإنتاج الإجمالي إلى 27.981 مليون برميل يوميا، بحسب مصادر غير مباشرة ذكرت في تقرير المنظمة الذي نشر الخميس.
وبحسب الوكالة الدولية للطاقة، يتوقّع أن يرتفع الطلب العالمي بمقدار 3,2 ملايين برميل يوميا هذا العام، ليصل الإنتاج اليومي إلى 100.6 مليون برميل، مع تخفيف القيود المرتبطة بكوفيد-19. وهذا أعلى بكثير من توقعات الوكالة لهذا العام حتى الآن (99.7 مليون برميل يوميا) لكن هذا التغيير يمكن تفسيره من خلال مراجعة بيانات تاريخية مرتبطة بالسعودية والصين. من جانبه، لم يتغيّر معدل النمو المتوقع عمليا.