انتخابات الكنيست الـ 22: أفيغدور ليبرمان «ملكاً»!
لا يبدو أن نتائج الانتخابات الإسرائيلية المقبلة ستغاير نتائج سابقتها، لناحية حصة كلّ معسكر من المعسكرين المتنافسين من مقاعد الكنيست. وعليه، فإن بنيامين نتنياهو سيجد نفسه، في حال تكليفه، أمام المشهد نفسه لما بعد انتخابات الكنيست الـ 21. ولعلّ ذلك هو ما يركّز أفيغدور ليبرمان اللعب عليه من أجل تحقيق أهدافه، علماً fأنه ــــ حتى الآن ــــ يظهر المستفيد الأكبر من إعادة الانتخابات.
أغلقت لجنة الانتخابات المركزية في إسرائيل، الخميس الماضي، سجلّاتها على 32 قائمة ستخوض السباق الانتخابي في أيلول/ سبتمبر المقبل، وسط توقعات بأن لا يتمكّن أيّ من المعسكرين، اليمين واليسار، من حسم النتيجة لمصلحته، ما سيدفع حزبَي «الليكود» وأزرق أبيض» إلى تشكيل حكومة وحدة، أو التوجه مجدداً إلى انتخابات مبكرة للمرة الثالثة على التوالي. ومع انتهاء عملية تسجيل القوائم، بات المشهد أكثر وضوحاً، فيما يتقلّص هامش الخطأ في توقع النتائج، التي تُظهر آخر استطلاعات الرأي في شأنها أن حزب «إسرائيل بيتنا»، بقيادة وزير الأمن السابق أفيغدور ليبرمان، هو من سيقرر ما إن كان «الليكود» ورئيسه بنيامين نتنياهو سيظلّان على رأس السلطة. وبحسب أحد تلك الاستطلاعات، فإن حزبَي «الليكود» و«أزرق أبيض» سيحافظان على تعادلهما لجهة عدد المقاعد في الكنيست (30 مقعداً لكل منهما)، يليهما في المركز الثالث «اليمين الموحد» برئاسة إيليت شاكيد بـ 12 مقعداً، ومن ثم «القائمة العربية المشتركة» بـ 11 مقعداً، ومن بعدها «إسرائيل بيتنا» بـ 10 مقاعد، بينما تفوز الأحزاب «الحريدية» بـ 15 مقعداً، و«الاتحاد الديموقراطي» (ميرتس ـــ إيهود باراك) بـ 7 مقاعد، لتحلّ أخيراً قائمة حزبَي «العمل» و«غيشر» بـ 5 مقاعد.
استناداً إلى تلك النتائج (استطلاع القناة 12)، يُرجّح أن تفوز أحزاب معسكر اليمين بـ 42 مقعداً، و بـ 57 مقعداً إن ضمّت إليها حصة الأحزاب الدينية. أما أحزاب يسار الوسط (واليسار) فستفوز بـ 42 مقعداً، وهي لن تحوز الأغلبية في الكنيست، حتى لو تمكنت من ضمّ مقاعد «القائمة العربية المشتركة» إليها، لتصبح حصتها 53 مقعداً. وما بين المعسكرين، يظلّ أفيغدور ليبرمان الرابح الأول نتيجة إعادة الانتخابات، في ظلّ تقديرات بأن يفوز بـ 10 مقاعد، وربما أكثر كما في استطلاعات رأي أخرى، ليكون الجهة التي ستقرّر هوية الحكومة المقبلة، لا لناحية هويتها وتشكيلتها فقط، بل أيضاً لناحية هوية الحزب الذي سيُكلَّف بتأليفها، ما يعني أن مصير نتنياهو، السياسي والقضائي، بات في يد ليبرمان نفسه، في «بشارة سوء» للأول، وخصوصاً أن الأخير متمسّك بتوجهاته التي سبق أن أعلن عنها، تحديداً في ما يتصل برفضه المشاركة في حكومة مع الأحزاب الحريدية. وعليه، فإن نتنياهو سيكون، في حال تكليفه بتشكيل الحكومة، أمام مشهد مماثل لمشهد ما بعد الانتخابات الماضية، ما لم يمدّ يده إلى المعسكر المقابل.
رئيس حزب «أزرق أبيض»، بني غانتس، لم يستبعد، في حديث إلى الإعلام العبري الخميس الماضي، تشكيل حكومة وحدة مع نتنياهو، قبل أن يستدرك ويقول إنه لم يسمع السؤال جيداً، مضيفاً «(إننا) جئنا لنحلّ مكان نتنياهو لا لنجلس إلى جانبه». مع ذلك، لا يبدو أن غانتس بعيد عن خيار الوحدة مع «الليكود»، وهو الخيار الوحيد أمامه للمشاركة في السلطة، وإلا فسيتسبّب بالتوجه إلى انتخابات مبكرة ثالثة، مع لا يقين بما إن كان ائتلاف حزبه سيبقى على حاله أو يتشظى. في المقابل، عاد ليبرمان إلى التشديد على ضرورة تشكيل حكومة وحدة بشروط من شأنها استبعاد الأحزاب الدينية. وفي مقابلة مع قناة «كان»، قال ليبرمان إنه «لن يكون لنتنياهو أغلبية (في الكنيست) من دوننا»، مضيفاً «(إننا) نريد (تشكيل) حكومة وحدة وطنية ليبرالية موسعة، وما عدا ذلك غير مهم»، في إشارة منه إلى «الحريديم». لكن، على رغم كل التراشق بين نتنياهو وليبرمان، إلا أن الأخير لم يصرّح بوضعه «فيتو» على خصمه، مع أنه وضعه في موقف حرج تجاه التزاماته للأحزاب اليمينية و«الحريديم». إذ قال ليبرمان، في كلمة أمام أنصاره: «نريد حكومة ليبرالية وطنية ذات قاعدة عريضة، تتألف من إسرائيل بيتنا والليكود وأزرق أبيض. والجهة التي تتبنى أولاً حكومة وحدة، ستكون الجهة التي نوصي بتكليفها تشكيل الحكومة».
«حزب تعدد الزوجات»
ثمة مفارقات ما بين الانتخابات الماضية في 9 نيسان/ أبريل، والانتخابات المقبلة في 17 أيلول/ سبتمبر، تستأهل التوقف عندها. في التحضير للانتخابات الجديدة، تم تسجيل 32 قائمة فقط، في تراجع عن 47 قائمة خاضت الانتخابات السابقة. ويعود ذلك إلى أن الأحزاب الصغيرة، التي تخشى أن لا تتخطّى العتبة الانتخابية (3.25% من الأصوات)، قررت الاتحاد في ما بينها لتجنّب السقوط. كذلك، يخوض حزب «العمل»، برئاسة عمير بيرتس، الانتخابات، في لائحة واحدة مع حزب «غيشر» اليميني، علماً بأن «العمل»، الذي يُعدّ وريث الخط السياسي الذي قاد إسرائيل طويلاً وحدّد مصيرها حتى قبل أن تولد، بات من أصغر الأحزاب الإسرائيلية، ولا يمكنه تجاوز العتبة الانتخابية منفرداً، إضافة إلى أن برنامجه الانتخابي بات قائماً على المطالب الاجتماعية والاقتصادية، بعيداً عن الشأنين السياسي والأمني.
أما الوافد الجديد إلى الانتخابات، رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق إيهود باراك، وحزبه الجديد «إسرائيل الديموقراطية»، فهو عاجز عن تجاوز العتبة الانتخابية، الأمر الذي دفعه إلى طلب الاتحاد مع حزب «العمل»، ولما ووجه بالرفض اتّحد مع حزب «ميرتس» اليساري، إلا أن ترتيب باراك في القائمة هو العاشر، فيما استطلاعات الرأي تتوقع للائحة الفوز بسبعة مقاعد فقط، وهذا يعني أن باراك لن يكون عضواً في الكنيست المقبل. وفي حين يُتوقع أن تتجاوز تسعة أحزاب العتبة الانتخابية، وتتمكن بالتالي من الدخول إلى الكنيست، يُرجّح سقوط بقية القوائم، ومن بينها الحزبان اليمينيان المتطرفان، «عوتسما يهوديت» و«زيهوت»، اللذان لم يجدا من يقبل الائتلاف معهما.
تبقى مفاجأة هذه الانتخابات، مشاركة حزب «كاما»، الذي يطالب بالحريات الشخصية وتعدّد الزوجات، في السباق. و«كاما» هو حزب ترأسه أربع زوجات من أصل ستٍّ هنّ زوجات رئيس «الطائفة المقدسية» (من الحسيديم)، دانيال أمباش، الذي كان قد أدين في السابق بتهم العبودية والإساءة الجنسية لأطفاله الـ 17.
صحيفة الأخبار اللبنانية