اين الزمن الجميل للدراما التلفزيونية
في أيام طفولتي أذكر أننا كنا ننتظر شهر رمضان بلهفة المشتاق ، لما له من خصوصية جميلة لا نشهدها في باقي أيام السنة من جميع النواحي، أما في أيامنا هذه فالكثير من العادات التي عرفناها في الماضي تكاد تكون اندثرت من ذاكرة الأجيال الجديدة، و ربما هذا عائد إلى العولمة وتطور وسائل الاتصال وانشغال الناس.
لم يعد رمضان كالسابق حتى من ناحية الأعمال الدرامية و البرامج الفنية التي كنا نتوق لمشاهدتها، إن كان من جهة المسلسلات التي تناقش قضايا إجتماعية أسرية قريبة بشكل كبير من الواقع أو التي تحوي نكهة كوميديا خفيفة مرحة تبعد الهموم اليومية .
أوعلى نحو أخص الأعمال الدينية و التاريخية التي كان لها الحيز الأكبر في هرم المسلسلات لهذا الشهر. فسابقا كانت هناك المسلسلات التي تتناول سيرة الخلفاء الراشدين أو الأئمة أو تصور الأحداث التاريخية التي وقعت في مرحلة معينة أو في أكثر من مرحلة من مراحل التاريخ، أو تنقل حياة علم من أعلام الإسلام، أو لرجل من الصالحين، أو عرض سيرة وحياة بطل أو قائد إسلامي له بصمته في تاريخ الأمة.
هذا النوع من المسلسلات مطلوب تواجده بشدة على الشاشات فمعظم الناس لم يكونوا قد عرفوا عن قصة تاريخية أو دينية أو تفاصيل حقبة ما إلا من خلال هذه المسلسلات. لكن شركات الإنتاج يعللون سبب إختفاءها الآن بسبب ضخامة تكاليف الإنتاج و أن بثها يكون محصورا في شهر رمضان فقط دون باقي السنة.
للأسف فإن الموجود الآن في معظم الخارطة الدرامية الرمضانية هي مسلسلات للكبار فقط، تظهر نماذج و أشكال غريبة عن مجتمعاتنا لم نعهدها من قبل، والمشاهد أسير الدراما التي تروي قصص الحب و الخيانة و الغني والفقير ، الشريف والفاسد، و البطل الذي لا يُقهر ضمن سياق درامي ذو محتوى مائعٍ و مشاهد مخلة ، في مسلسلات بطلاتهن من الممثلات الجميلات والمثيرات، والأبطال الوسيمين. وتعلم شركات الإنتاج تماما أن هذا النوع من المسلسلات هو ما سيزيد من نسب مشاهدتها و بالتالي يؤدي إلى زيادة أرباحها لذا تتسابق شركات الإنتاج لشد إنتباه الجمهور من خلال اختيار ممثليي الصف الأول عوضا عن النص الدرامي .
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: أين هي الخارطة الثقافية لدولنا العربية لإنشاء جيل يعتز بقيمه و بتاريخه و إنتمائه القومي و الحضاري…..
مع اقتراب شهر رمضان الكريم من نهايته لم يتبق أمامنا سوى الدعاء إلى الله تعالى أن يتقبل منا و منكم صيام هذا الشهر الكريم !!!