‘بازار الفريسة’ تخوض في مآلات المناضلين الفلسطينيين
صدر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت، مؤخرا، رواية جديدة للكاتب خالد سامح، حملت عنوان “بازار الفريسة”، وهي الثانية له بعد روايته الأولى “الهامش” الصادرة في العام 2020.
و”بازار الفريسة”، محاكمة لمرحلة تاريخية كاملة. عبر البحث في ماضي شخص كان شاهدا وفاعلاً في تلك المرحلة التي كانت مليئة بالشعارات والأحلام والوعود الكبيرة. فـ”هالة” كاتبة مسرحية لبنانية، تزوجت أثناء الحرب الأهلية اللبنانية من “رشيد” سياسي وكاتب من الأردن. انضم لصفوف المقاومة و الفصائل الفلسطينية في لبنان. وبعد الخروج من بيروت حطت بهما الرحال في مدينة عمان ليؤسسا حياة جديدة.
بعد وفاة “رشيد” تنتشر الإشاعات حول تاريخه، وحول الثروة الضخمة التي جمعها بعد عودته لعمان رغم أنه كان معدما، تجد أرملته نفسها في دوامة بحث عن حقيقة تلك الإشاعات التي وصلت لحد اتهامه بالعمالة لمخابرات أجنبية وانخراطه في نشاطات مشبوهة، تتغير نظرتها للحياة وتبدأ مسيرة جديدة لتصدم في النهاية بحقيقة زوجها وصحة ما أشيع عنه.
تخوض الرواية في مآلات أحوال المناضلين الفلسطينيين والعرب ومصير قضيتهم وأحلامهم التي تبددت مع إغراءات المال والسلطة، وتبرز في الرواية شخصيتي “الرفيق سامي” الذي عاد لعمان من بيروت واستسلم للحياة العادية الرتيبة التي لا يجد له فيها أي دور فاعل، و”الرفيق كمال” الذي تخلى عنه أهله ورموه في ملجأ للعجزة بعد أن أصيب بالزهايمر…
وتبرز أيضا في الرواية شخصيات أخرى شاهدة على تحولات المدينة ومصير العلاقات الاجتماعية والإنسانية فيها كـ”سمير” و”وفاء” و”دينا”… ورغم أن هالة تصل إلى الحقيقة في نهاية الرواية إلا أن ختام الحكاية يبقى مفتوحا على كثير من الأسئلة.
تتكون الرواية من خمسة فصول عناوينها، “أرملة الصورة”، “أنثى الليل، بازار التاريخ… ومصير الأشياء”، “ذكرياتُ لهالة”، “أحلامٌ تنحت الوعي!”، “البحث عن نص نهائي”.
تقنيا تستفيد الرواية من أساليب السرد الحديثة كتقطيع الزمن والمونولوج وتعدد الأصوات وتوظيف الوثائق وغيرها من التقنيات.
ومن أجواء الرواية:
عرج سامي على الكثير من المحطات والذكريات التي جمعتهم في بيروت. بدا مستمتعا بالحديث معها، وكلما هم باستخراج قصة جديدة من أرشيف ذاكرته، نظر نحو الصورة المعلقة على الجدار.
فجأةً تمددت في داخلها راحة، وتصاعدت رغبة في سماعه من دون مقاطعة. رغم أنها أحاديث معادة، ولطالما مرت على مسامعها هي ورشيد، عندما كان يزورهما في كل بيت حطا فيه بأحياء عمان الشعبية. من “ماركا”، إلى “جبل التاج”، ثم بجوار بيته في “جبل الأشرفية”. قبل أن يستقرا طويلاً في منزل قرب الدوار الأول بجبل عمّان، ثم انقطعت زياراته وأخباره عنهما بعد رحيلهما “إلى أم أذينة“.
الحديث ضخ فيها صدمة… صدمة من انبثاق أمل مفاجئ، صحيح أنها تؤمن بأن كل يوم يمر هو خسارة جديدة للمرء حتى لو كان قاسيا، لكن استعادة أحداث ذاك اليوم وصور من مروا فيه، ثرثراتنا معهم، ضحكاتنا، دموعنا وكل انفعالاتنا، من شأنها طمأنتنا على مخزون الذاكرة وما فيه مما نتخيله مواساةً وسلوى من نوع ما… هذا ما باتت تؤمن به، لكنها غير متأكدة الآن إن كان ذلك سلوى فعلاً أم مدعاة لمزيد من القلق والحيرة.
والكاتب خالد سامح صحفي في جريدة الدستور الأردنية، وهو حاصل على بكالوريوس في العلوم السياسية من الجامعة الأردنية. وترجمت بعض نصوصه الأدبية للإنجليزية لتنشر في ملف خاص عن الأدب الأردني. في مجلة “ذا كومون” الأميركية، أما إصداراته فهي: “نافذة هروب” قصص قصيرة 2008، “نهايات مقترحة” قصص قصيرة مع نص مسرحي 2011، “ويبقى سرا” قصص قصيرة 2017، “بين سطور المدينة” قصص قصيرة 2018، “الهامش” رواية 2020 عن دار ضفاف والاختلاف، وكتب عنها كبار النقاد العرب في صحف أردنية وعربية. كما أنه كتب في عدد من الصحف والمواقع العربية والمحلية، وترجمت بعض قصصه للإنجليزية والفرنسية.