بالإضافة لإقرار أقطاب الكيان بأنّ الجيش الإسرائيليّ في حالة تفككٍ متقدّمةٍ، وأنّه ليس مُستعِّدًا وليس جاهزًا لخوض حربٍ مع الأعداء العرب، الذين يُحيطونه بقرابة 250 ألف صاروخ، فإنّ رئيس وزراء حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو يُعاني من عزلةٍ دوليّةٍ خانقةٍ، إذْ أنّ الرئيس الأمريكيّ، جو بايدن، يرفض بعد مرور أكثر من سبعة أشهر على تشكيل الحكومة الإسرائيليّة المتطرفة والعنصريّة والفاشيّة، يرفض توجيه دعوةٍ تقليديّةٍ لنتنياهو لزيارة البيت الأبيض والاجتماع معه، كما جرت العادة مع جميع رؤساء الوزراء قي دولة الاحتلال.
بالإضافة إلى ذلك، فإنّ دولة الإمارات العربيّة المُتحدّة، والتي كانت وجهّت له دعوةً لزيارتها تراجعت وأعنت عن تأجيل الزيارة إلى أجلٍ غيرُ كعروفٍ، بسبب سياسات حكومات نتنياهو العنصريّة واقتحامات الأقصى التي يقوم بها وزير الأمن القوميّ، الفاشيّ إيتمار بن غفير، الذي يسعى لإقامة دولة التفوّق اليهوديّ، التي تخضع لشرائع التوراة. وموقف الإمارات من نتنياهو لم يمنع وزير خارجيتها من لقاء رئيس المعارضة الإسرائيليّة في العاصمة الإيطاليّة روما، وبحث سبل التعاون بين البلديْن، الأمر الذي أثار غضب نتنياهو لتجاهله من قبل المسؤولين الإماراتيين.
ولكن الأمر لا يقتصِر على العزلة الدوليّة، بل يتعدّى ذلك لينسحب الأمر على عزلته داخل كيان الاحتلال، إذْ أنّ الرجل، المعروف بكذبه المزمن، يخشى مواجهة الصحافة الإسرائيليّة، التي تعرف عن ظهر قلب مقالب نتنياهو، التي تُذكِّر بمقالب الفنّنان العربيّ-السوريّ، غوار الطوشة (دريد لحّام)، وبحسب الإعلام العبريّ فإنّ نتنياهو، الذي يُجيد اللغة الإنجليزيّة بطلاقة أدلى في الفترة الأخيرة بـ 22 مقابلةٍ صحافيّةٍ مع وسائل الإعلام الغربيّة، متجاهلاً الإعلام الإسرائيليّ عن سبق الإصرار والترصّد.
عُلاوةً على ما ذُكِر أعلاه، فإنّ استطلاعات الرأي الأخيرة التي تُنشَر تباعًا في الإعلام العبريّ تؤكّد بما لا يدع مجالاً للشكّ بأنّ قوّة نتنياهو في الشارع الصهيونيّ تتراجع وبقوّةٍ، فيما يُواصِل قائد حزب (المعسكر القوميّ) بقيادة الجنرال بالاحتياط بيني غانتس، التقدّم على نتنياهو في عدد المقاعد وفي الشخصية الأنسب لرئاسة الوزراء، كما أكّدت الاستطلاعات أنّه لو جرت الانتخابات في الكيان اليوم لكان المعسكر المؤيِّد لنتنياهو سيحصل على 52 مقعدًا فقط، من أصل 120، الأمر الذي يمنعه من تشكيل حكومةٍ، ويمنح المعارضة الفرصة لقلب الموازين وتشكيل حكومةٍ جديدةٍ.
ويؤكّد الخبراء بالشأن السياسيّ في الكيان أنّ نتنياهو بات منفصلاً عن الواقع، وأنّه لا يهتَّم بأيّ شيءٍ، سوى بكيفية وآلية تملصه من الحكم بالسجن الذي ينتظره كونه متهمًا بالاحتيال والغش وخيانة الأمانة وتلقي الرشاوى، كما أنّه يسعى بكلّ قوّته غيرُ الموجودة للتوصّل لاتفاق تطبيعٍ مع السعوديّة، وهو الأمر الذي أقرّ رئيس مجلس الأمن القوميّ في تل أبيب، تساحي هنغبي، بأنّه ما زال بعيدًا جدًا.
وبما أنّ الإعلام الإسرائيليّ ما زال يتمتَّع بقدرٍ معيّنٍ من الحريّة والديمقراطيّة في كلّ ما يتعلّق باليهود، وليس بالعرب أصحاب الأرض الأصليين، فإنّه لا يتورّع عن مهاجمة رئيس الوزراء بشكلٍ غاضبٍ وحانقٍ ونعته بنعوتٍ كانت حتى الأمس القريب غربيّة عن الأجندة السياسيّة والإعلاميّة، فعلى سبيل الذكر لا الحصر، قال مراسل القناة الـ 12 بالتلفزيون العبريّ، غاي بيليغ، إنّ نتنياهو يتصرّف كرجل مافيا، ويُحاوِل إخافة قضاة المحكمة العليا الإسرائيليّة كي لا يتخّذوا قرارًا ضدّه.
أمّا المحامي عوفر بار طال، وهو قائد سرب طائرات بالاحتياط، فقد وصف نتنياهو في لقاءٍ تلفزيونيٍّ بأنّه أخطر من أيّ جاسوسٍ إيرانيٍّ، فيما قال رئيس جهاز الأمن العّام السابق، يوفال ديسكين، إنّ نتنياهو غدا منفصلاً عن الواقع ويعيش في عالمٍ آخرٍ، على حدّ وصفه. يُشار إلى أنّ حزب (ليكود) قدّم شكوى للشرطة ضدّ المحامي بار طال، الذي رفض التراجع عن أقواله، فيما قالت صحيفة (هآرتس) العبريّة إنّ مقولة المحامي بأنّ نتنياهو هو جاسوس إيرانيّ تؤكِّد أنّ عهد التأّني قد ولّى، بحسب تعبيرها.
إلى ذلك، قال رئيس الموساد الأسبق، تامير باردو، الذي خدم بإمرة نتنياهو خمسة أعوامٍ، إنّ نتنياهو قبل عقدٍ من الزمن كان سيرمي نتنياهو الحالي من أعلى السلّم، وأضاف أنّ قادة إسرائيل اليوم يقومون بممارسة الضغوطات، تمامًا كما تفعل المافيا، مُضيفًا أنّ نتنياهو أخذ تنظيم (كو كلوكس كلان)، الأمريكيّ الفاشيّ-العنصريّ وأدخله إلى حكومته، مُوضحًا في الوقت عينه أنّه خلافًا للرأي السائد بأنّ الفاشيين والعنصريين يقومون بجرّ نتنياهو، فإنّ نتنياهو بنفسه هو الذي يقود السفينة، على حدّ تعبير رئيس الموساد السابق.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية