بدأت إسرائيل في الأسبوع الماضي ما سمته (المرحلة التالية) من الحرب. دشنتها باستخدام ما يمكن وصفه (سلاح الدمار التكنولوجي الشامل)، حيث أدى تفجير “البيجر” إلى إصابة أكثر من 3000 شخص وقتل 13 شخصاً. وفي اليوم التالي تسببت تفجيرات “الووكي توكي” بمقتل 20 شخصا وإصابة أكثر من 450 شخص. إضافة لإصابة العشرات من عناصر حزب الله والحرس الثوري بهذه التفجيرات في سورية. وفي اليوم الثالث قامت إسرائيل بقصف الضاحية الجنوبية، واستهدفت اجتماعاً رفيع المستوى لقوة الرضوان مما أدى إلى استشهاد مؤسس وقائد قوة الرضوان إبراهيم عقيل والقائد العام للمقاومة أحمد وهبي وأكثر من 13 قياديا من قيادات الرضوان. إضافة إلى أنباء عن مقتل نائب قائد فيلق القدس أحمد رضا.
وبعد استهداف الضاحية مباشرة، خرج وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت ليؤكد أن جيشه سيستمر بملاحقة حزب الله وأن لا خطوطاً حمر للحرب. ورد الحزب بأن (إسرائيل ستدفع مقابل ما فعلته أثمانا غير مسبوقة، وأنه لا سقوف لما يمكن أن يقوم به الحزب انتقاما لهذه الجريمة) التي ابتدأت إسرائيل بها مرحلتها التالية من الحرب العدوانية في غزة ولبنان والمنطقة.
مع بداية هذه المرحلة حققت (إسرائيل تفوقا استخباراتيا واضحا، لكنها لم تستطع أن تحقق أي خطوة في مسار “إنجاز استراتيجي” لتحقيق أهدافها) كما قال المعلق العسكري الإسرائيلي لصحيفة هآرتس عاموس هرئيل. وحجة إسرائيل في هذا التصعيد أنها ضربت من كانوا يخططون لاجتياح الجليل بنفس الطريقة التي حصل فيها طوفان الأقصى. ويبدو أن طوفان الأقصى بات (عقده رهاب) لدى إسرائيل يدفعها إلى ارتكاب أفعال جنونية دون النظر لمآلاتها الإستراتيجية. وإذا كانت المرحلة التالية من الحرب تعمل فيها إسرائيل بأسلوب الاعتماد على معلومات استخباراتية لضرب مفاصل القوة لدى الخصم دون تفشي وتوسع الجهود العسكرية بلا مردود. إنها حرب واسعة تطال مراكز القوة بتكثيف استهدافها، وتهدف لتحقيق نتائج أكبر من احتلال الأرض والسيطرة على البلدات.
حرب تهدف لإسقاط وهزيمة واخضاع الخصم بضرب مركز وموثوق لمفاصل قوته. وإذا كانت إسرائيل قد سلكت سلوك تعميق الحرب هذا بدل توسيعها، فإن المقاومة لابد أنها تتابع وتراقب وتدرس بدقة ما يعتمده العدو، وتبتكر له ما يعالجه من أساليب الرد والمواجهة والعقاب والانتقام.
بعد مجزرة البيجر قال السيد حسن نصر الله (تلقينا ضربة قوية وقاسية) ولابد أنه يرى في مجزرة الضاحية التي أتت بعد خطابه أنها ضربة تعمق قوة وقسوة مجزرة تكنولوجيا الدمار التكنولوجي الشامل. وأشارت صحيفة محسوبة على حزب الله إلى أنه لابد من رد مبتكر وإبداعي. وقال أنه لا ضير بـ (بعض الجنون المحفز). بالمقابل اعتبر العميل السابق في الموساد أفنر أبراهام، والذي عمل لعشر سنوات في لبنان لصالح الموساد قال إن (هذه العملية كانت تحتاج لجهاز كالموساد ليقوم بشيء مجنون للغاية كهذا الذي حصل). إنها بالفعل عملية انزلقت إليها إسرائيل بجنون دون أن تحسب عواقب أو تبعات هذا الجنون على مصيرها أو على أهدافها المعلنة للحرب الجارية، أو ما ستنتجه من تطورات ضد الإسرائيليين وأمنهم واستقرارهم.
مجزرة تكنولوجيا الدمار الشامل ومجزرة الضاحية جنون إسرائيلي سيحفز عند المقاومة عقلها الإبداعي لاكتشاف سبل معالجة أي خرق امني. كما سيدفع الابتكار لإيجاد الرد المناسب على العدوان المتمادي والمعالج للمجنون الصهيوني المنفلت. تشير (المرحلة التالية) من الحرب الإسرائيلية إلى لجوء الصهاينة إلى هيستيريا الاحتفال باللحظة العابرة، وتؤكد افتقارها إلى رؤية استراتيجية تنهي الحروب تحقق السلام والاستقرار. وهذه الهيستيريا تدفعها للإيغال في سفك الدماء في المنطقة دون أن تنتبه إلى أن هذا الجنون سيدمر أمن واستقرار وحياة المجتمع الإسرائيلي لانه سيولد المزيد من المقاومة، وسينتج أساليب حرب لن تدفع المستوطنين للهرب أو مغادرة مستوطناتهم فقط، بل ستحرق الأرض تحتهم وبهم وتجعلهم أكبر الكارهين لهذا الكيان الذي يأخذهم إلى هذه النهاية. المرحلة التالية الإسرائيلية تعميق للحرب بدل توسيعها، تعميق يطال المنطقة العربية كلها وينذر بمدى طويل ومستمر لهذه الحرب العدوانية المدمرة. وما زالت الولايات المتحدة الأمريكية تقول أنها ضد توسيع الحرب دون ان تعلق على توسيعها، وتستمر واشنطن متمسكة بالدفاع عن إسرائيل ضد أي عمل ضدها !!!!!
بوابة الشرق الأوسط الجديدة