بولتون يُهدّد بإرسال حاملة طائرات أمريكيّة إلى المِنطقة.. ما الجديد ومتى غادَرتها الحامِلات أساسًا؟
تصريحات جون بولتون، مُستشار الأمن القوميّ الأمريكيّ، وأحد أبرز صُقور إدارة ترامب، التي كشَف فيها عن عزمِ حُكومته إرسال حاملة الطائرات “يو إس إس إبراهام لينكولن” وقوّة من القاذفات إلى منطقة الشرق الأوسط، تأتي للتّغطية على الفشَل في تنفيذ تهديداته بوقف الصّادرات النفطيّة الإيرانيّة الى الصّفر، واستِمرار تدفّق النفط الإيرانيّ عبر مضيق هرمز كالمُعتاد، وبالمُعدّلات نفسها.
هُناك مثلُ عربيٌّ يقول “من يُريد أن يضرب لا يكبرّ حجره”، وينطبق هذا المثل بالحرف على إدارة الرئيس دونالد ترامب التي لم تعُد تُخيف أحدًا، وباتَت موضِع سُخرية الكثيرين الذين لم يعودوا يأخذونها وتهديداتها بأيّ جديّة.
إرسال حاملة طائرات أمريكيّة إلى الشرق الأوسط ليس بالأمر الجديد، فحاملات الطائرات الأمريكيّة، مدعومةً بمئات السّفن الحربيّة لم تُغادر المِنطقة مُطلقًا، وباتت ضيف شِبه دائم في مياه الخليج، فهُناك قاعدة بحَريّة للأُسطول الخامس في البحرين، ناهيك عن قاعدة جويّة في العيديد (قطر)، وبريّة في الدوحة (الكويت)، وأكثر من ستّة آلاف جندي في العِراق، وفي ظِل هذا الوجود أصبحت إيران قوّةً إقليميّةً عُظمى تملك صواريخ وغوّاصات وطائرات من إنتاجها المحليّ، وتُشكّل قلقًا ورُعبًا لأمريكا وحُلفائها، وإسرائيل بالذّات.
***
بولتون قال إن الولايات المتحدة لا تسعى لخوض حرب مع النّظام الإيرانيّ، لكنّها على استعدادٍ تامّ للرّد على أيّ هُجوم، سواء بالوكالة أو من خلال الحرس الثوري، أو القوات النظاميّة الإيرانيّة، وكلامه صحيح، فطالما أن الصّادرات النفطيّة الإيرانيّة تتدفّق إلى زبائنها دون عوائق، والمرحلة الثانية من العُقوبات الاقتصاديّة تُواجه الفشل مثل نظيرتها الأولى، وقوّات فيلق القدس موجودة في سورية، فلماذا تشُن إيران هُجومًا على الأهداف البحريّة الأمريكيّة؟
تهديدات بولتون هذه كل الهدف منها هو جلب إيران إلى مائدة المُفاوضات، تمامًا مِثلما حدث مع كوريا الشماليّة، ولكن إيران ترفُض، وصرح السيّد حسن روحاني أنّ الأمريكان طلبوا أكثر من مرّةٍ بِدء الحِوار، وآخرها أثناء انعقاد الدورة الأخيرة للجمعيّة العامّة للأمم المتحدة، حيث عرض الوسطاء ترتيب لقاء له مع الرئيس ترامب الذي كان يتواجد هُناك، ولكنّه رفض رفضًا قاطعًا لسببٍ بسيط، وهو عدم الثّقة بهذه الإدارة مُنذ انسِحابها من الاتّفاق النووي من جانِبٍ واحد، حتُى لو حدث الحِوار فإنّنا لا نعتقد أنّ نتيجته ستكون أفضل مع زعيم كوريا الشماليّة.
مئات المكاتب جرى فتحها في تركيا وكردستان العِراق لتهريب النّفط الإيراني، تمامًا مثلما قامت نظيراتها بتهريب نفط “الدولة الإسلاميّة” أو (داعش) عبر الأراضي التركيّة، أو إلى المصافي السوريّة، هذا إلى جانب رفض مُعظم الدول المُستوردة للنّفط الإيرانيّ مِثل الصين والهند وتركيا الالتزام بالعُقوبات الأمريكيّة.
مصدر لبناني مطّلع مقرّب من إيران قال لنا إنّ الحصار الأمريكي لن يؤدّي إلى إسقاط النظام الإيراني، أو انهيار “حزب الله” والأذرع العسكريّة الإيرانيّة الأخرى في عدّة بُلدانٍ مُجاورة، لسببٍ بسيطٍ وهو أن دخل إيران من التبرّعات لمراقد ومقامات الأئمة والأولياء الصّالحين في النّجف الأشرف وكربلاء وقم تصِل إلى 10 مليار دولار سنويًّا، وتأتي من مُختلف أنحاء العالم، وهي تذهب لبيت مال المسلمين وليس إلى ميزانيّة الدولة، ويُمكن أن توظُف مُعظمها في تمويل فصائل، وخوض حروب بالوكالة ضد الولايات المتحدة وإسرائيل وحُلفائهم العرب، وكشف المصدر أن “حزب الله” قدّم عيديّةً مِقدارها 200 دولار لكُل مُقاتل وعُنصر في صُفوفه مع بدء شهر رمضان المبارك، ممّا يعني أنّه ليس مُفلسًا وعلى وشك الانهيار مثلَما يتمنّى كارهيه، وما أكثرهم في أمريكا ومِنطقة الخليج.
***
الولايات المتحدة الأمريكيّة فقدت هيبتها في مُعظم أنحاء العالم، ولم يعُد أحد يصدّقها، فها هي تنتقل من فشلٍ إلى آخر في أفغانستان، وتستجدي الحِوار مع حركة طالبان “الإرهابيّة” في الدوحة على أمل التوصّل إلى انسحابٍ آمنٍ لقوّاتها من أفغانستان، وتلعق جراح هزائمها في كوريا الشماليّة، وأخيرًا وليس آخرًا، هرولة حليفها الأوثق بنيامين نِتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل، إلى القاهرة طلبًا لوقف إطلاق النّار مع المُقاومة الفِلسطينيّة في غزّة خوفًا من قصف تل أبيب ومطارها، ورُضوخًا لكُل شُروط المُقاومة.
فلتأتِ حاملة الطائرات الأمريكيّة إبراهام لينكولن إلى المِنطقة، لكن ربّما يُفيد تذكيرها بأنّ عليها أن ترضخ لاستجواب عناصر الحرس الثوريّ الإيرانيّ مثلَما فعلت وتفعل سفن أمريكيّة أُخرى قبل دُخولها مضيق هرمز في مدخل الخليج، ونتمنّى حينها أن نرى تعابير وجه بولتون ورئيسه ترامب وثالثهم مايك بومبيو.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية