بين الميلادين
مع عيد ميلاد المسيح أتذكر دوما عيد المولد النبوي الإسلامي لا لشيء سوى أن أقارن بين المناسبتين ، وأحاول أن أفهم من هذه المقارنة كيف يفهم كل من هذين الدينين الكبيرين هذه المناسبة و كيف يعبر عنها ، وما معنى ذلك ؟
في عيد الميلاد المسيحي مثلاً يجري التعبير بأسلوب إحتفالي حافل بالعروض كإقامة الأشجارالخضراء ذات الأشكال الهرمية التي يُنصبُ الضخم منها في الشوارع والساحات العامة ، والصغيرة منها داخل البيوت وقد علقت عليها المصابيح الصغيرة، والدمى للمسيح و أمه والقديسين مع ألعاب الأطفال كهدايا وتضاء كلها ليلاً، كما يتكاثر منظر شيوخ عيد الميلاد – أو بابا نويل – بلباسهم الشتوي الأحمر وهم يحملون الهدايا ويوزعونها ، أو يظهرون في اللوحات التصويرية والأفلام السينمائية وهم يركبون عرباتهم التي تنطلق بها الجياد السريعة و كيف تنطلق أجراس الكنائس برنينها كمن يدعو إلى صلاة خاصة .
أما المسلمون فإنهم يكتفون بالصلاة في المساجد وعقد الحفلات الدينية الغنائية في ساحات المساجد أو بعض البيوت الفسيحة لوجهاء الحارات الشعبية بحيث لا يراها إلا الذين يسمح لهم بدخول تلك المنازل في حين تبقى الشوارع على حالها مع بعض الزينات ولوحات خطوط الآيات القرآنية والإضاءة العامة الرسمية التي تشرف عليها الدولة
ماذا تعني هذه الفروق في استقبال هذه المناسبة لدى الطرفين ، وماذا نفهم منها ؟…
أبلغ ما نفهم أن النصارى يركزون في إحتفالاتهم على المظاهر الشعبية المرحة والأماكن المفتوحة ، في حين يركز المسلمون على المظاهر الدينية الرصينة الجادة، و المحصورة غالبا في المساجد أو الأماكن المغلقة على أصحابها ، و ليس من تفسير لهذا الإختلاف كما يبدو سوى أن ننتبه إلى الموضوع الذي تفرضه قضية الحلال و الحرام في هذا الدين أو ذاك أو في مدى إجتهاد الفقهاء هنا أو هناك و تأثرها بتقاليد بيئة دون أخرى كما في مسألة لباس المرأة المسلمة في حين تبدو المرأة المسيحية ليست مقيدة بالضرورة كالمرأة المسلمة في عرض جسدها و خاصة في البيئات المسيحية الأجنبية ، أو كما في نوع الأغاني و الأناشيد الدينية التي تستخدم في الأعياد إذ تركز الإسلامي منها على المزايا و الصفات الأخلاقية الدينية الواجب إتباعها في حين يختلط المسيحي منها بين النصائح و التمجيد النبوي مع وصف مظاهر الطبيعة المتنوعة بين المناخ الصيفي أو الربيعي والمناخ الشتوي الحافل بالمطر و الثلوج المتساقطة.
هذا الحديث ذو شجون كما يقولون ، وأقصى ما نتوخاه منه أن يحصل تقارب أكثر فأكثر بين هذين الدينين الكبيرين ما دامت الدعوة إلى الأخلاق الحميدة مطلوبة لدى الطرفين بدلا من التعصب المبالغ فيه أحيانا والذي يصل أحيانا إلى استخدام العنف و القسوة لدى المسلمين في مصر خاصة و بعض الأقطار الأخرى في المغرب العربي أو الخليج …و كل عيد و أنتم جميعا بألف خير !!.