خير جليس .. في زمن البسطار …. !!
خير جليس .. في زمن البسطار …. !! بعد أن استعدت علاقتي مع كتبي ومكتبتي .. والتي سبق وفقدتها في خضم زحمة العوالم الافتراضية ، والربيع العربي والأزمة السورية، والبار نيوز والرسائل السريعة القصيرة واليوتيوب وما إلى هنالك من وسائل حديثة اختصرت الكتاب بملخص الكتروني ، والورقيات بشاشة لا يتجاوز عرضها ١٠ سنتميراً تفتح من خلالها عوالم كاملة، ومكتبات لا تنتهي ومواقع أكثر مما تحلم ..
وعليه لم يعد يهمني الكتاب وتهت في هذا العالم المحدود بشاشة ضيقة وأناس غير مرئيين .. وشعرت نفسي أنسلخ عن مجتمعي وأغرق في دوامة الكلمات والعلاقات والمشاعر الوهمية ..
ليأتي خروجي من هذا العالم نتيجة ثلاثة أسباب :
الانحلال الأخلاقي الذي بدا واضحا من خلال السماح لكل من هب ودب بعرض أفكاره وآرائه دون رقيب وحسيب أخلاقي وإنساني .. فخفت على نفسي من التشوه الفكري والانجرار إلى هذا المستوى الوضيع ..
الانعزال الاجتماعي الذي وضعت نفسي فيه بسبب التعود الذي بدأ يتحول إلى حالة مرضية مزعجة تبعدني عن المجتمع الحقيقي ، لأن هذا العالم الافتراضي يدغدغ حب الأنا والظهور عند الشخص مالئاً رغبته بالتعارف والتعريف عن نفسه كما يريد أن يبدو ، لا كما هو حقيقة ..
وأخيرا دوره الرئيسي والبارز في بث التحريض الطائفي والحقد ونشر مشاعر الانتقام والثأر، والذي استطاع تدمير بلد بكامله وإسقاط منظومة أخلاقية فكرية نحتاج إلى أجيال لبنائها، ليفسح هذا العالم المفتوح الفرصة لبعض الموتورين والمرضى النفسيين ، أو إذا صح التعبير الموجهين والمدفوعين والممولين لغسل دماغ جماعي بطريقة مدروسة ممنهجة ، موجهة لخدمة مصالح فئات معينة ، أو تنفيذ مخططات دولية للسيطرة على مناطق جديدة واستعمارها بطريقة غير مباشرة من خلال العولمة ..
ثلاثة أسباب اختبرتها كانت كافية بالنسبة لي لأعود إلى كتابي معتذرة، وأحتضنه طالبة عودة الوئام والانسجام .. ولكن هذا لم يمنع من تحديد وتنظيم الوقت والعلاقة مع العالم الافتراضي ، الذي بقليل من الوعي نستطيع الاستمتاع بفوائده ، فلكل اختراع وابتكار فوائد ومضار .. وخياراتنا هي التي تحدد رغبتنا في الاستفادة من فوائده أو إساءة استخدامه لاستعماله كسلاح مؤذٍ هدام ..
أحاول الابتعاد عن السياسة هذه الأيام .. لأن السياسة سقطت تحت أقدام البسطار .. وخير جليس في زمن العهر السياسي كتاب.
07.05.2014