زمن الغار ..!!!
بين الغار والعار … نقطة ..
حمل الربيع العربي الكثير من النقط الفاصلة في حياة الشعب العربي، والتي غيرت مجرى الأحداث والتاريخ ..فحاول الشعب بشتى السبل وضع النقطة على حرف العين في كلمة العار لتتحول أزمنة العرب المكللة بالانكسارات والقمع والاستبداد الى زمن النصر وأكاليل الغار ..
فما الذي حدث ؟؟!!
فرح الشعب العربي … وخرج مستبشراً بالنصر .. حمل يافطات .. كتب شعارات .. صرخ هتافات .. حمل أغصان الزيتون..أسقط الحكم .. أقام الاحتفالات والرقصات والدبكات .. شارك بالانتخابات .. خابت الآمال .. وقام بثورة ثانية .. ووعد بثالثة.أسقط حكم الاستبداد … هذه مصر .. أم الدنيا .. ولكنها مازالت ثائرة لم تهدأ ولن تهدأ قبل أن تصل الى حرية حقيقية بالتحرر من كل أشكال الاستعباد، سواء باسم الدين أو باسم العسكر .. لتصل الى حكم الشعب فقط. مصر تسعى لتكلل أهراماتها بالغار ..
أما تونس أم الثورات العربية، فهي تستعد اليوم لثورتها الثانية، وتتهيأ للتغيير الحقيقي واستبدال ثوب الأخوان بثوب الشعب .. وهي لم تنته بعد من صنع أكليل النصر .. ما زالت مشغولة بلملمة أوراق الغار …
ليبيا .. أسقطت أكاليل غارها في مستنقع الفوضى والفلتان .. الذي فرضه السلاح الفوضوي والمأدلج لخدمة مصالح أفراد وعصابات بعد أن تخلصت من نظام القذافي لتتوه في دهاليز الميليشيات ونفوذ المسلحين .. وما زال شعبها يبحث عن أكاليل
الغار ..
اليمن …. حالة عامة من الهدوء والاستقرار الظاهري فقط، الذي أنتجه تغيير الرئيس وبقاء النظام كما هو .. بعد أن قدم شعبها برقي ثورته وتنظيمه وإصراره وصبره ، نموذجاً مميزاً من الثورات المكللة بالغار، ولكن واقعياً لم يكن التعيير على
مستوى طموح الشعب، وما زالت اليمن ترزح تحت وطأة التقلبات والانكسارات والأزمات …
ليبقى الوجع الأكبر .. سوريا .. بوابة الشرق الأوسط .. مدينة الشمس ..احترقت فيها أشجار الغار وتحطمت أكاليله ، وداس العالم كله على أحلام الشعب السوري وانسانيته ، لتسقط القيم والأخلاق على الحدود السورية ،والحواجز السورية وبين
المحافظات السورية .. ولتبدأ رايات الهمجية والشعارات الطائفية والأحلام الرجعية ، باستثمار الأراضي السورية لتبني لها مجداًودولة خاصة بها بعيدة كل البعد عن أحلام الشعب السوري وحقوقه وانسانيته .. ففي سوريا لم تتحطم أكاليل الغار فقط .. فالانسانية كلها سقطت في العار .. تحت ثوب الاستبداد وأطماع السلطة وعباءة الدين والمعتقدات !!
بعد هذه البانوراما السريعة .. يبقى انتصار الربيع العربي وازدهار المنطقة العربية بشكل حقيقي وفاعل، مرهون بانتصار الشعب العربي على كل أشكال الاستبداد من جهة، وعلى صحوة الضمير الانساني ليعمل بشكل فاعل وجدي على وقف
العنف الدامي والحرب الهوجاء التي تدمر حضارة سوريا وشعبها .. بإسقاط السلاح بكل أشكاله .. والعودة الى لغة التفاوض والحوار من جهة أخرى .. لتكون سوريا .. هي النقطة الفصل التي ترفع العار إلى إكليل غار تضعه على جبين الانسانية من جديد .. !!