وأخيراً … استعدته ….!!
وأخيراً … استعدته ….!! أنا سعيدة لأنني أعدت إحياء علاقة كادت تنتهي بين وبينه .. بعد أن كسحتني موجة الانترنت والعالم الافتراضي والمقالات القصيرة والبار نيوز .. فما عدت أتحمل سماكته وعدد صفحاته وتلاصق كلماته … وبعد كل محاولة وجهد بذلته لإعادة أواصر الصداقة والألفة بيننا ، كان تململي وحالة الانخطاف التي كنت أعيشها في دوامة الصراع النفسي ، والبحث عن الخبر السريع والخلاصة والفكرة الأساسية تحبط محاولاتي لاستعادته ، فأرميه على الطاولة متململة بعد أن قرأت منه بضع صفحات .. وأعود لأغرق في عالم الانترنت ، والخبر السريع المقتضب .
وأخيراً … استعدته ….!!
فالتويتر والفيس وصفحات التواصل ..تقدم لك الخبر لحظة بلحظة ، وبنكهة متنوعة بين الاحترافية والتعليقات السريعة الهزلية، والابتكارات .. لتشعر بتفاعل حي بينك وبين ما يجري حولك وتريد معرفته .. وليخلق علاقة أقرب ما تكون إلى الإدمان منه إلى المعرفة .. لأن حالة التفاعل الإنساني المباشر مع الحدث ، تدغدغ حاجتك للمشاركة والتشارك الإنساني، ويخلق عندك متعة التواصل والاتصال ، متجسدة بالاعجاب والتعليق والمشاركة ، ومناقشة الحدث ،وطرح وجهة نظرك في ظل حالة الحرمان والقمع الفكري الذي نعاني منه في عوالمنا العربية .. لتتحول هذه الساحات الافتراضية إلى ساحات لنشر الفكرة والرأي والنقاش .. مفرغة عقدة الخوف من التعبير عن الرأي ، خاصة بوجود ميزة الاسم الوهمي وصعوبة كشف هويةالشخص .. فتتحول هذه المواقع إلى مجرد مكان مكتظ بالجمهور المتعطش لفش الخلق، وتفريغ الخوف والحقد … والسعيد بوجود مستمعين ومؤيدين له ، بعد أن كانت حدوده القصوى جدران حمامه الخاص أو في أفضل الحالات غرفة نومه .. بعيداً عن أعين وآذان المخابرات المستعدة دوماً لكم الأفواه التي تحاول التفكير خارج صندوق وطنهم ، وأعلى من سقف أدمغتهم إن وجدت، بدل التركيز على كم حالات الفساد والسرقة والفلتان الأخلاقي …
مواقع منزوعة الضوابط الأخلاقية والانسانية .. أتاحت لكل ذي نفس مهزوزة ضعيفة ، أن يبث سمومه وأحقاده عبر صفحاتها وأن يساهم بخلق شروخ قاتلة مدمرة من الأحقاد بكل أشكالها ، مما ساهم بتدمير بلدان ..
لا أبالغ إذا قلت أن هذه المواقع أسوأ من الأسلحة الثقيلة والمدمرة .. وأشد فتكاً بالعقول من رصاصات الغدر .. وتسبب حالة إدمان لذيذ ، يصعب السيطرة عليه وعلاجه ، إذا لم تتوافر النية والمساعدة الحقيقية لذلك.
إنه قرار .. أن تعود لإنسانيتك التي بدأت تنسلخ عنك .. قرار بضبط الوقت والجهد وعدم التأثر .. قرار بالعودة الى قراءات أنت تختارها لا تفرض عليك .. قرار بتنقية دماغك من شوائب الحقد وسموم الكره ولعنة الحرب .. قرار أن تعيد النقاء والحياة إليك.
فمواقع التواصل والانترنت سلاح ذو حدين .. إذا أحسنا استخدامه سمونا بإنسانيتنا وتطورنا بحضارتنا وفكرنا وسعة اطلاعنا..واذا اكتفينا به منبراً لفشة الخلق والانتقام ..خسرنا نفسنا وإنسانيتنا ووطننا ..
ويبقى للكتاب سحره وللصفحات نشوتها .. وللحياة متعتها مع فنجان قهوة وكتاب تداعبه ويداعبك ..
أنا سعيدة أنني استعدت أخيراً كتبي ومذاق قهوتي .. واكتفيت بدقائق معدودة لأقلب صفحات التواصل خاصتي ..
وسعيدة أنني عدت لإنهاء أي كتاب بدأت بقراءته .. بدل أن أنتهي برمي الكتاب بعد عدة صفحات ، والجلوس خلف شاشة الكمبيوتر ..
فاليوم قد بدأت بشائر نصري على عاداتي وضعفي واستعدت، مع عودتي إلى كتبي، نفسي … !!
09.04.2014