وأخيرا … الديمقراطية … !!
سبق وطرحنا في مقالين سابقين طرق الانتقال من الديكتاتورية الى الديمقراطية لتتمحور في وسائل ثلاث وهي: العسكرة والتسليح ،التدخل الخارجي العسكري ، والتفاوض ..
وناقشنا إيجابيات وسلبيات كل وسيلة منها لنصل الى نتيجة مفادها:
أن التفاوض هو أسلمها وأكثرها قدرة على الحفاظ على النسيج الوطني ومقدرات البلد وثرواته واقتصاده متماسكا وقوياً، بعيداً عن الهيمنة والتبعية واستنزاف الثروات ..
ولكن عند المقاومة للوصول إلى الديمقراطية، لا بد من الأخذ بعين الاعتبار مجموعة من الأمور التي يجب الانتباه إليها وأخذها بعين الاعتبار:
أولها المصداقية والالتزام بالوعود، وعليه عدم قطع أي وعد أو التزام غير ممكن أو غير قابل للتحقيق ..
أضف أنه عند نشر أخبار المقاومة بين الشعب عامة وبين قوات النظام الدكتاتوري والصحافة الدولية خاصة ، يجب أن يراعى أن تكون الاداعاءات والتقارير المنشورة حقيقية دائماً .. لأن المبالغة والاداعاءات التي لا أساس لها تضعف مصداقية المقاومة وموقفها ….
يعتبر إدارك الشعب لفكرة اللاتعاون مع النظام أمراً ضرورياً لنجاح حملة التحدي السياسي ضد الانظمة الدكتاتورية ، حيث أنه إذا رفض عدد كافٍ من التابعين تقديم التعاون لفترة كافية بالرغم من القمع، فإن نظام القمع و الاضطهاد يضعف وينهار ..
يجب علينا أن لا نسمح للعواطف اللحظية، التي تشكل رد فعل على ممارسات الأنظمة الديكتاتورية الوحشية، أن تغير مجرى المقاومة الديمقراطية ، وتجبرها على التخلي عن خطة النضال السلمي، وتدفعها نحو العنف، مما يعطي ذريعة لهذه الأنظمة لاستخدام المزيد من العنف لدحر المقاومة وتصفيتها فكرياً وسلمياً، باستهداف قياداتها وتصفيتهم بحجة الارهاب والعصيان المسلح ..
يجب أن لا يهدف استراتيجيو الحملات في الصراعات الطويلة، إلى سقوط كامل وفوري لنظام الحكم الديكتاتوري ، ولكن إلى تحقيق أهداف محدودة ، ولا يجب أن تتطلب جميع الحملات مشاركة جميع قطاعات المواطنين.
يجب أن تكون لدينا خطط واضحة للتحول إلى الديموقراطية، بحيث تكون هذه الخطط جاهزة للتطبيق عندما تضعف الدكتاتورية أو تنهارلأن هذه الخطط تمنع ظهور جماعة أخرى تقوم بمصادرة قوة الدولة من خلال انقلاب عسكري .. يجب أن يكون هناك خطط لتأسيس حكومة دستورية تمنح حريات سياسية وفردية كاملة .. لأن الفشل في التخطيط يضيع مكتسبات باهظة الثمن ..
لا يجب أن يعتقد أحد أن مجتمعاً مثالياً سيظهر فور سقوط نظام الحكم الدكتاتوري .. فسقوط الحكم الدكتاتوري هو بمثابة نقطة البدء، التي تؤدي إلى ظروف حرية أفضل، تتيح المجال لبذل جهود طويلة الأمد لتطوير المجتمع، وتلبية حاجاته الانسانية بشكل أفضل ..
ستستمر المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية الخطيرة لسنوات طويلة مما يتطلب تعاون الكثير من الناس والجماعات لإيجاد حل لها.
فعلى النظام السياسي الجديد أن يوفر فرصاً أمام الناس، رغم اختلاف آرائهم، لكي يكملوا العمل البناء والتطوير السياسي لمعالجة المشاكل في المستقبل ..
إن القول الشائع: لا تأتي الحرية مجاناً هو قول صحيح .. حيث أنه لاتوجد قوة خارجية تمنح الشعوب المضطهدة الحرية التي تطمح إليها، وعلى الناس أن يتعلموا كيف يحصلون على تلك الحرية بأنفسهم، وهذا لن يكون سهلاً ..!!