تأييد برلماني يعبد طريقا شائكة أمام مصطفى أديب

 

حصل الدبلوماسي اللبناني مصطفى أديب على تأييد أغلبية النواب لتكليفه برئاسة الوزراء الاثنين، وفقا لتصريحات أدلى بها المشرعون في المشاورات الرسمية.

وتعهّد رئيس الوزراء اللبناني المكلف بتشكيل حكومة “في أسرع وقت ممكن” تضمّ فريقاً “متجانساً من أصحاب الكفاءة والاختصاص”، وبإجراء إصلاحات أساسية يشترطها المجتمع الدولي لدعم بلاده.

وقال أديب في بيان تلاه من القصر الرئاسي “الفرصة أمام بلدنا ضيقة والمهمة التي قبلتها هي بناء على أن كل القوى السياسية تدرك ذلك وتفهم ضرورة تشكيل الحكومة في فترة قياسية والبدء بتنفيذ الإصلاحات فورا من مدخل الاتفاق مع صندوق النقد الدولي“.

لكن مهمة اديب تبدو كمن يسير في حقل الغام بالنظر للوضع المعقد والمتردي اقتصاديا واجتماعيا وفي ظل مشهد سياسي يصفه البعض بالمتعفن وعلى ضوء هيمنة حزب الله التي أدخلت لبنان في نفق مظلم.

ويحتاج رئيس الوزراء المكلف إلى حزام سياسي وشعبي وإلى دعم دولي حتى يخرج لبنان من وضعه الحالي إلا أن ذلك لن يكون هيّنا في ظل ما يعيشه لبنان من أزمات متناثرة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.

وتحصل أديب سفير لبنان في ألمانيا، ما لا يقل عن 66 صوتا أو ما يزيد على نصف أصوات أعضاء مجلس النواب البالغ عددهم 120 بعد أن أعلن التيار الوطني الحر المسيحي ترشيحه له.

ويضم مجلس النواب اللبناني عادة 128 عضوا لكن سبعة استقالوا بعد انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس/آب.

وجاء التأييد المبدئي خلال الاستشارات النيابية بإشراف الرئيس اللبناني ميشال عون لتسمية رئيس حكومة خلفاً لرئيس الوزراء السابق حسان دياب الذي استقال بعد انفجار مرفأ بيروت المروّع.

وسرعت القوى السياسية خلال الأسبوع الماضي مساعيها للاتفاق على رئيس حكومة، فيما بدى أن سفير لبنان لدى ألمانيا مصطفى (48 عاماً) هو الأكثر حظاً للحصول على التسمية.

وأديب الذي كُلّف بتشكيل حكومة لبنانية جديدة، شخصية غير معروفة من اللبنانيين، يواجه مهمة شبه مستحيلة بإحداث تغيير سياسي وإجراء إصلاحات ملحة لإنقاذ البلاد من أزمة غير مسبوقة.

ويتولّى أديب (48 عاماً) المتحدّر من مدينة طرابلس في الشمال، مهام سفير لبنان في ألمانيا منذ العام 2013، وشغل من قبل منصب مستشار لرئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي.

وبحسب سيرة ذاتية منشورة على موقع سفارة لبنان في برلين، يحمل أديب دكتوراه في القانون والعلوم السياسية. بدأ مسيرته المهنية أستاذاً جامعياً في جامعات عدة في لبنان، وعمل أستاذاً متفرغاً في الجامعة اللبنانية منذ العام 2010، وفي فرنسا. وشارك في إعداد أبحاث أكاديمية وقدّم استشارات في مجالات عدة، بينها الرقابة البرلمانية على قطاع الأمن واللامركزية والقوانين الانتخابية، وهو متزوج من سيّدة فرنسية ولديهما خمسة أولاد.

وقال أحد معارفه في طرابلس طالباً عدم الكشف عن اسمه، “تتسم طباعه بالهدوء والسلاسة واللياقة والدبلوماسية”، مشيراً إلى أنه “ليس رجل مواجهة ولا يبدي مواقف حادة، إنما يتجنب المشاكل ويسعى لحلها دبلوماسياً من منطلق تعزيز علاقته مع مختلف الأطراف”.

وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، سارع مستخدمون إلى انتقاد تكليفه حتى قبل تعيينه رسمياً، معتبرين أنه “نسخة” أخرى عن رئيس الحكومة السابق حسان دياب الذي دخل الحكومة من بوابة الاختصاصيين وكبّلته القوى السياسية، ومن بينها تلك التي دعمت وصوله وعلى رأسها حزب الله.

وكتب أحد مستخدمي “تويتر” باللغة الإنكليزية “دياب وأديب وجهان لعملة واحدة”.

أديب لا يختلف عن الطبقة السياسية المتحكمة بمفاصل الدولة في لبنان خصوصاً أنه تولى مهامه الدبلوماسية من خارج ملاك وزارة الخارجية والسلك الدبلوماسي

ولم تتمكن حكومة دياب من تحقيق أي خطوات إصلاحية أو المضي في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، نتيجة الانقسامات السياسية فيما كانت البلاد تغرق أكثر وأكثر في أزمتها الاقتصادية.

وتطرح تساؤلات عدة ما إذا كان باستطاعة أديب التخلص من نفوذ القوى السياسية والكتل الطائفية لقيادة لبنان إلى بر الأمان.

وقال أحد الإعلاميين في لبنان من دون ذكر اسمه، إنّ أديب “لا يختلف عن الطبقة السياسية المتحكمة بمفاصل الدولة في لبنان، خصوصاً أنه تولى مهامه الدبلوماسية من خارج ملاك وزارة الخارجية والسلك الدبلوماسي”.

وأضاف “لا نرى تغييراً نحو الأفضل في ما يخص تسمية أديب، فهو شخص يخضع لنظام المحاصصة القائم في لبنان”.

وبرز اسم أديب لمنصب رئيس الوزراء بعد أن رشحه رؤساء وزراء سابقون من بينهم رئيس الحكومة اللبناني الأسبق سعد الحريري الذي يقود أكبر حزب سياسي سني. ويجب أن يذهب منصب رئيس الوزراء لمسلم سني.

وقال الحريري بعد لقائه الرئيس اللبناني إيمانويل ماكرون الاثنين، إن الهدف يجب أن يكون إعادة إعمار بيروت، وتحقيق الإصلاحات المالية والاقتصادية والتوصل إلى اتفاق سريع مع صندوق النقد الدولي ليعاود المجتمع الدولي دعمه للبنان.

وأكد الحريري أهمية الالتقاء مع مبادرة ماكرون، مشيرا إلى أن الرئيس الفرنسي يعمل مع المجتمع الدولي لكي ينهض لبنان من الركام الذي يرزح تحته وتحصل فيه إصلاحات حقيقية وبرنامج مع صندوق النقد الدولي.

ويقود ماكرون جهودا دولية للضغط على القادة اللبنانيين المنقسمين للتعامل مع الأزمة المالية التي دمرت الاقتصاد حتى قبل انفجار الرابع من أغسطس آب الذي أودى بحياة 190 شخصا.

من جانبه دعا رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري الإثنين إلى تغيير النظام الطائفي في البلاد، بعدما أظهر انفجار المرفأ المروّع “سقوط هيكل النظام السياسي والاقتصادي”، في دعوة تكررت مؤخراً على الساحة السياسية.

وقال بري في كلمة ألقاها خلال إحياء ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر ورفيقيه “عشية مئوية لبنان الكبير، إن أخطر ما كشفته كارثة المرفأ، عدا عن عناصر الدولة الفاشلة، هو سقوط هيكل النظام السياسي والاقتصادي بالكامل”، مضيفاً “لا بدّ بالتالي من تغيير في هذا النظام الطائفي فهو علّة العلل”. وليست المرّة الأولى التي يطالب فيها بري بإلغاء “الطائفية السياسية”.

وكان تيار المستقبل بزعامة الحريري وحزب الله الشيعي القوي المدعوم من إيران والحزب التقدمي الاشتراكي بقيادة السياسي الدرزي وليد جنبلاط من بين أوائل من رشحوا أديب في المشاورات الرسمية التي استضافها الرئيس ميشال عون اليوم الاثنين، بعد انسداد الحلول ونظرا لضيق الوقت، فيما يحتاج لبنان الغارق في الأزمات إلى حكومة عاجلة.

ميدل إيست أونلاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى