تبادل اتهامات بين واشنطن وتل أبيب: إسرائيل تئد المقترح الأميركي… قبل ولادته
أسقطت إسرائيل المقترح الأميركي الجديد حول تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في قطاع غزة، قبل الانتهاء من إعداده، وهو ما سيؤخّر تقديمه بعد أن كانت واشنطن قد أعلنت أنه سيجري عرضه على الأطراف خلال أيام.
ويبدو أن تجميد تقديم المقترح يعود إلى قناعة لدى مستشاري الرئيس الأميركي، جو بايدن، بأنه لن يؤدي إلى النتيجة المرغوبة، وهي إبرام صفقة تساعد المرشحة الديمقراطية، كمالا هاريس في مواجهة خصمها دونالد ترامب قبل الانتخابات، وبالتالي فإنه لا داعيَ لتوتر جديد مع رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، بدأت ملامحه في الظهور خلال اليومين الماضيين على خلفية تصريحات أميركية حمّل بعضها رئيس وزراء العدو مسؤولية عرقلة الصفقة.
ونقل موقع «أكسيوس» الأميركي عن مسؤول في إدارة بايدن تأكيده أن الأخير «يريد مواصلة الضغط للتوصّل إلى اتفاق لوقف النار وتبادل الأسرى، لكنّ مستشاريه يرون أن المقترح الجديد لن يؤدي إلى شيء. لا نزال نعمل، لكن لن نقدّم أي اقتراح في وقت قريب ونحن في موقف صعب».
وكان مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إي)، وليام بيرنز، الذي يقود الوساطة من الجانب الأميركي، قد أكّد، خلال زيارة للندن، مساء أول من أمس، أن «مقترحاً أكثر تفصيلاً لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى في غزة سيُقدّم في الأيام المقبلة»، معتبراً أن التوصّل إلى «اتفاق يتوقّف على الإرادة السياسية للأطراف»، وقائلاً إنه يأمل أن «يدرك الزعماء على الجانبين أن الوقت حان أخيراً لاتخاذ بعض الخيارات الصعبة وتقديم بعض التنازلات العسيرة».
وقوبل كلام بيرنز باستياء شديد في أوساط نتنياهو التي دعت واشنطن إلى الضغط على حركة «حماس» وليس على رئيس الوزراء. ونقل موقع «واينت» عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إنه «لا توجد فرص كبيرة للتوصل إلى اتفاق»، وإن «موقف حماس ازداد تشدداً بسبب إصرار نتنياهو على الاحتفاظ بقوات إسرائيلية على محور فيلادلفيا الفاصل بين مصر وقطاع غزة، وهي ليست مهتمّة بعقد اتفاق».
وأوضح أحد هؤلاء المسؤولين أن «الوسطاء، وخصوصاً الوسيط الأميركي، يفهمون مع من نتعامل. ومع ذلك نحن نحترم الأميركيين وننتظر مقترح الوسطاء». وأشار المسؤول إلى أن «الأميركيين كان يجب أن يطالبوا الوسيطين القطري والمصري بممارسة مزيد من الضغط على حركة حماس وليس على نتنياهو»، مضيفاً أن «قطر يتعيّن عليها أن تطرد مسؤولي حماس المقيمين على أراضيها وتغلق حساباتهم المصرفية، لا أن تمارس ضغطها على نتنياهو».
وفي المقابل، نقلت صحيفة «هآرتس» عن مسؤول أميركي القول إن إدارة بايدن «انزعجت بشدة من تصريحات نتنياهو بشأن بقاء الجيش في محور فيلادلفيا»، وإن «فرص التوصل إلى اتفاق مع حماس كانت منخفضة فعلاً، لكنّ نتنياهو قلّل منها أكثر بعد تصريحاته».
وجاء تبادل الانتقادات بين المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين قبيل اجتماع مسائي لحكومة نتنياهو، أمس، خُصص لبحث مفاوضات تبادل الأسرى، وقضايا أخرى، بحسب صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية.
بدورها، نقلت «القناة 12» الإسرائيلية، عن مصادر لم تسمّها، قولها إنه «كان هناك تقدّم في المفاوضات، لكنّ خطاب نتنياهو وتمسّكه بمحور فيلادلفيا خلطا الأوراق»، وإن «المؤسسة الأمنية تدرك أن واشنطن لن تنجح قريباً في تقديم مقترح، لخلافات مع الوسطاء».
كما نسبت إلى مسؤول مطّلع على المفاوضات قوله إنه أبلغ عائلات الأسرى «بعدم احتمال إبرام صفقة قريباً»، وإن «الخيار الوحيد لإتمام صفقة هو وقف الحرب» وهو ما لا يريده رئيس وزراء الاحتلال.
وعلى رغم استمرار إفشاله للصفقة، إلا أن نتنياهو واجه تصاعداً في الضغط بعد تجدّد الاحتجاجات المطالبة بإبرام صفقة، واتساعها لتشمل مئات الآلاف من الإسرائيليين الذين تظاهروا أمام وزارة الحرب في تل أبيب ومدن أخرى دعماً لذوي الأسرى، في أكبر تحرّك في الشارع للمطالبة بوقف الحرب منذ السابع من أكتوبر.
وأعلنت «هيئة عائلات الأسرى الإسرائيليين في غزة» أن عدد المشاركين في التظاهرات بلغ نحو 750 ألفاً بينهم نصف مليون في تل أبيب وحدها، في حين قدّرت مصادر أخرى عدد المشاركين في تظاهرة تل أبيب بنحو 350 ألفاً.
صحيفة الأخبار اللبنانية