تركيا تسارع برفع معدلات الفائدة لوقف نزيف الليرة
سارع البنك المركزي التركي الخميس إلى رفع سعر الفائدة الرئيسي للمرة الأولى منذ سبتمبر/أيلول 2018 بمقدار نقطتين مئويتين، في خطوة لوقف نزيف الليرة التي سجلت مؤخرا تراجعا تلو الآخر إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق.
ورحب المستثمرون برفع سعر الريبو لأسبوع -فائدة إقراض البنك لمصارف تجارية- من 8.25 بالمئة إلى 10.25، لأن ذلك يظهر أيضا استقلال البنك أمام معارضة الرئيس رجب طيب إردوغان الشديدة لأسعار فائدة مرتفعة.
وهذا أول رفع لسعر الفائدة منذ سبتمبر/أيلول 2018 ويأتي بعد تسعة قرارات بخفض معدلاتها بعد أن بلغت 24 بالمئة في يوليو/تموز 2019.
وارتفعت قيمة الليرة مقابل الدولار الأميركي بنحو واحد بالمئة في غضون دقائق من إعلان البنك، بعدما لامست أدنى سعر لها عند 7.71 في وقت سابق اليوم.
وقال المحلل لدى بلوباي اسيت مانجمنت تيموثي آش “إنها مفاجأة هائلة وإيجابية”.
وقالت مؤسسة كابيتال إيكونوميكس إن القرار “يجب أن يساعد في إعادة تأسيس مصداقية البنك المتعثرة”.
الحكومة التركية استنفذت تقريبا الاحتياطات التي من شأنها مساعدتها في تجنب أزمة ميزانية مدفوعات محتملة
خفض التصنيف
عمدت تركيا لاستخدام احتياطاتها من العملات الصعبة لدعم الليرة التي فقدت قرابة 22 بالمئة من قيمتها مقابل الدولار هذا العام، وتعد من بين العملات الأسوأ أداء في الأسواق الناشئة.
وقالت وكالة موديز الاثنين إن احتياطي تركيا من العملات بلغ أدنى مستوياته في 20 عاما.
وخفضت الوكالة تصنيف أنقرة الائتماني السيادي إلى بي-2، نفس فئة تصنيف دول مثل بوليفيا ومصر.
وحذرت موديز من أن “الحكومة استنفذت تقريبا الاحتياطات التي من شأنها مساعدتها في تجنب أزمة ميزانية مدفوعات محتملة”.
وقال البنك المركزي في بيان الخميس إن قراره زيادة سعر الفائدة الرئيسية يهدف إلى “إعادة تأسيس عملية خفض التضخم ودعم استقرار الأسعار”.
وارتفعت معدلات التضخم إلى 11.77 بالمئة في أغسطس/آب مقارنة بـ11.76 في يوليو/تموز، لكنها بقيت في خانة الرقمين في السنوات القليلة الماضية.
وهذا يعني أن لدى تركيا معدلات فائدة سلبية، حيث تخسر الإيداعات والأسهم قيمتها مع الوقت ما يجبر المستثمرين خارج السوق والمواطنين الأتراك على تحويل ليراتهم إلى الدولار أو اليورو.
ورفع البنك معدلات الفائدة الرئيسية المرة الأخيرة في سبتمبر/أيلول 2018 من 17.75 بالمئة إلى 24 بالمئة وسط أزمة عملة في أعقاب توتر العلاقات مع الولايات المتحدة.
غير أن الرئيس إردوغان يعارض الفوائد المرتفعة ووصفها مرة بـ”أساس كل الشرور” ودعا إلى خفضها لتحفيز النمو.
والعام الماضي أقال إردوغان حاكم البنك المركزي وعين مكانه مراد أويسال الذي تم تحت إدارته خفض معدلات الفائدة تدريجيا.
وقال آش إن قرار رفع الفائدة “يشير إلى أن (البنك) أصغى إلى السوق وقرر التحرك لتجنب خفض غير منظم للعملة وأزمة محتملة في ميزانية المدفوعات”, مضيفا “لم يخرجوا من الأزمة بعد لكنهم أعطوا نفسهم فرصة للقتال”.
صدمة تمويلية
يرى محللون أن الأزمة الاقتصادية في تركيا تشكلت نتيجة تدخلات أردوغان في السياسة النقدية وإقحام نفسه في مسائل اقتصادية ليست من مشمولاته، وشنه حملة تصفيات سياسية ضد الكوادر والكفاءات بالبنك المركزي ممن عارضوا تدخله في السياسة النقدية، ما أربك القطاع النقدي مسببا له مشاكل متناثرة.
وقال إحسان خومان مدير أبحاث الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في بنك إم.يو.إف.جي، “إمكانية حدوث صدمة تمويلية يظل مكمن الخطر الرئيسي الذي يواجهه الاقتصاد التركي.”
ويعزو كثير من الخبراء انهيار الليرة التركية وتفاقم الأزمة الاقتصادية إلى سوء إدارة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان لسياسة البلاد، سواء على المستوى الاقتصادي أو على مستوى سياساته الخارجية التي استجلبت لتركيا عداءات مجانية بسبب التدخل العسكري في أكثر من جبهة، ما تسبب في قلق المستثمرين ونفور بعضهم الآخر عن الاستثمار في تركيا وهو ما يعكس حتما تراجعا اقتصاديا حادا.
ميدل إيست أونلاين