تركيا تُنقّط دعمها لـ«الائتلاف»: بوادر تخلٍّ
يعيش «الائتلاف السوري» المُعارض إحدى أسوأ أزماته المالية، منذ تأسيسه عام 2012، وفق ما تُفيد به مصادره في تركيا، «الأخبار». وفيما تمّ تحميل صندوق «الائتلاف» نفقات سفر قيادته إلى نيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، تمكّنت «هيئة التفاوض»، بعد دقّ أبواب كثيرة، من تأمين هذه النفقات، بحصولها على منحة من «منظّمة ألمانية غير حكومية»، لم يكشَف عن اسمها، جنّبت قيادات الهيئة تحمُّل تكاليف السفر، على رغم مداخيلهم العالية من مشاريعهم الاستثمارية الخاصة في تركيا.
وتبيّن المصادر، التي فضّلت عدم الكشف عن هويتها، أن خفْض تمويل «الائتلاف» جاء بشكل تدريجي من قِبَل قطر وتركيا، فيما خفّضته دول أخرى بشكل مفاجئ منذ عام ونصف عام تقريباً، موضحةً أن أولى الخطوات في هذا المسار كانت في آذار الماضي، بإغلاق سلسلة من مكاتب «الائتلاف» في المدن التركية، وأهمّها أنقرة، ليحتفظ لنفسه بمكتبه في إسطنبول، مع تكليف مُمثّليه في بقيّة المدن بتنفيذ مهامهم من مقارّ إقاماتهم الشخصية. أمّا آخر «المصائب» فقد وقعت خلال اجتماع مع ممثّلين عن الجانب التركي في 21 آب الماضي، حيث أبلغت أنقرة «الائتلاف» أنها قرّرت تنزيل قيمة ما تمنْحه كرواتب لأعضائه بسبب «الأزمة الاقتصادية التركية»، وفقاً للتبرير الذي سِيق خلال الاجتماع.
وجَهد «الائتلاف»، خلال الأسابيع الماضية، لنفْي الأنباء عن تبلّغه «أوامر» من تركيا بإغلاق مكاتبه وخروجه من أراضيها، في إطار خطوات التقارب مع الدولة السورية. وفي هذا الصدد، تؤكّد المصادر «أن لا وجود لمِثل هذه الأوامر حتى الآن، على رغم تبلُّغ الائتلاف خلال الاجتماع ذاته الشهر الماضي، بضرورة التحضّر للحوار مع الحكومة السورية»، معتبِرةً أن «الحكومة التركية تريد الاحتفاظ بهذا التشكيل المعارِض كورقة ضغط، في حال لم تنجح مساعي التقارب مع دمشق». ومع ذلك، تتخوّف قيادات «الائتلاف» من تكرار تجربة «المجلس الوطني»، الذي خرج من المشهد السياسي بقرار تركي صَدر في أيلول من عام 2012، أَجْبره على التسليم لقيادة التشكيل الوليد (الائتلاف)، والتوقّف عن ممارسة أيّ نشاط سياسي مستقلّ، مع انقطاع التمويل عنه، والذي كانت مصدرَه دولٌ عربية عدّة. ويجد قادة «الائتلاف» الحاليون أن تشكيل جسم معارض ثالث يكون أكثر مرونة في التعامل مع دمشق، أمر محتمَل التنفيذ من قِبَل تركيا، لذا من غير المستبعَد بالنسبة إليهم توقّف التمويل المخصَّص لهم من أنقرة والدوحة بشكل نهائي، ما سيعني لاحقاً ضرورة إغلاق مكتبهم الأخير في تركيا، وعدم السماح لهم بافتتاح مكاتب جديدة في الشمال السوري، ليكونوا بهذا مجبَرين على أحد أمرَين: إمّا اعتماد النصّ التركي في التفاوض مع دمشق، أو الاندماج القسري في جسم سياسي سيتبنّى المشروع التركي الجديد.
في هذا الوقت، يقود سالم المسلط تيّاراً داخل «الائتلاف» يصرّ على إجراء انتخابات لمكاتبه، بدلاً من التمديد للمكاتب الحالية لمدّة عام. ويدْفع المسلط، الرئيس العاشر لـ«الائتلاف»، في ذلك الاتّجاه بالاتّكال على اطمئنانه إلى أن نتيجة الانتخابات ستأتي لصالحه، ما سيمْنحه ولاية لمدّة عامين بدلاً من التمديد لعام إضافي واحد. وأُجّل البتّ في تلك المسألة أكثر من مرّة نتيجة الخلافات بين حلفاء المسلط أنفسهم؛ ففي حين أن نائبَي الرئيس، عبد الحكيم بشار وربا حبوش، يؤيّدان التمديد بقوّة لضمان استمرارهما في منصبَيهما، في ظلّ استنفادهما فُرص تَرشّحهما وفقاً للنظام الداخلي الجديد لـ«الائتلاف» – وهو خيار يلْقى دعماً أيضاً من قِبَل العسكر لِكَونه يبقي له على تمثيل قوي في الهيئة السياسية -، تنحو بقيّة الكتل مِن مثل العشائر والمجلس التركماني وممثّلي الأكراد، إلى المطالبة بالانتخابات، لِمَا تجده فيها من فُرصة لتحقيق مكاسب، وتوسيع نفوذها في التشكيل المعارِض.