تركيّا وروسيا وإسرائيل نحو اتفاقٍ لتقسيم سوريّة لمناطق نفوذٍ دون تدّخل قادة دمشق.. واشنطن رفضت طلب الكيان إبقاء جيشها بسوريّة
زهير أندراوس

أفادت وسائل إعلام عبريّة، صباح اليوم الأربعاء، بأنّ الولايات المتحدة الأمريكية أبلغت الاحتلال الإسرائيلي بنيّتها بدء سحب قواتها بشكل تدريجي من الأراضي السورية خلال الشهرين المقبلين.
ووفقاً لما نقلته صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة عن مصادر أمنية لم تسمّها، فإنّ الانسحاب التدريجي للقوات الأمريكية من سوريّة باتت وشيكة، ومن المقرر أنْ تبدأ خلال شهرين.
وأضافت الصحيفة أنّ إسرائيل بذلت جهوداً حثيثة لمنع هذا الانسحاب، لكنها تلقت إخطاراً بأن هذه المحاولات لم تنجح.
ويواصل الاحتلال الإسرائيلي، بحسب الصحيفة، ممارسة ضغوط على الإدارة الأمريكية في محاولة للإبقاء على قواتها داخل الأراضي السورية، نظراً لما تمثله من عنصر “استقرار”، بحسب ما نقلته الصحيفة عن مسؤولٍ أمنيٍّ إسرائيليٍّ رفيعٍ، والذي أشار إلى أنّ تمركز القوات الأمريكيّة في مناطق استراتيجية من شمال وشرق سوريا يُعدّ عاملاً مهماً في تحقيق التوازن في المنطقة.
وفي هذا السياق، ذكّرت الصحيفة بأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي يتبنى نهجًا انعزاليًا منذ توليه المنصب، كان قد أعرب مرارًا عن رغبته في سحب القوات الأمريكية من الشرق الأوسط، ويُعتقد أن نائبه جيه دي فانس يدعم هذا التوجه.
ووفقاً للصحيفة، فإنّ وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) كانت تعدّ منذ فترةٍ طويلةٍ خططاً لسحب القوات من سوريّة، لكنها بدأت مؤخرًا تنفيذ هذه الخطط مع إبقاء الاحتلال الإسرائيلي على اطّلاعٍ دائمٍ بالمستجدات.
علاوة على ما ذكر آنفًا، ذكرت الصحيفة العبريّة نقلاً عن المصادر الإسرائيليّة ذاتها قولها إنّ مسؤولين أمنيين أمريكيين أبلغوا المؤسسة الأمنية في دولة الاحتلال أنّ الانسحاب التدريجيّ للقوات العسكرية الأمريكيّة من سوريّة سيبدأ خلال شهرين، لافتةً في الوقت عينه إلى أنّ دولة الاحتلال الإسرائيليّ حاولت منع ذلك لكنّها فشلت في ذلك.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولٍ إسرائيليٍّ وصفته بأنّه رفيع المستوى، قوله إنّ تل أبيب تعتقد بأنّ هذه الخطوة ستؤدي فقط إلى انسحابٍ جزئيٍّ، لكنّها لا تزال تعمل مع نظرائها الأمريكيين لإقناعهم بإبقاء القوات في سوريّة، مشيرةً إلى أنّ المسؤولين الإسرائيليين أعربوا عن قلقهم الشديد من تداعيات هذه الخطوة.
وتجدر الإشارة إلى أنّ عدد القوات الأمريكية في سوريّة ظل يُقدّر بنحو 900 جندي لعدة سنوات، لكن البنتاغون اعترف في كانون الأول (ديسمبر) من العام الفائت 2024 بأنّ العدد الحقيقي وصل إلى قرابة ألفيْ جندي، يتمركز معظمهم في مناطق شرق سوريّة.
ولم يصدر أيّ تعليقٍ رسميٍّ من واشنطن أوْ تل أبيب أوْ دمشق فيما يتعلّق بما ورد في التقرير.
وعلى صعيدٍ آخر، أشارت الصحيفة إلى أنّ المحاولات السابقة لسحب القوات الأمريكية من سوريّة تعود إلى العام 2018، حينما دفع قرار مشابه الرئيس ترامب إلى صدامٍ مع المؤسسة العسكرية، ما أدى إلى استقالة وزير الدفاع حينها جيم ماتيس.
وتأتي هذه التطورات في ظل تغيّرات كبيرة على الساحة السوريّة، حيث استعادت الفصائل السورية المسلحة “السيطرة” على البلاد في كانون الأول (ديسمبر) 2024، منهية بذلك أكثر من ستة عقود من حكم حزب البعث، بينها 20 عامًا حكم فيها الرئيس السابق، د. بشّار الأسد.
وعلى الرغم من أنّ الإدارة السورية الجديدة، بقيادة أحمد الشرع، لم تُبدِ أيّ تهديدٍ تجاه الاحتلال الإسرائيليّ، إلّا أنّ الأخيرة تواصل تنفيذ غاراتٍ شبه يوميّةٍ على الأراضي السوريّة، تستهدف مواقع عسكرية وتؤدي في كثير من الأحيان إلى سقوط ضحايا مدنيين وتدمير بنى تحتية.
وفي السياق عينه، كشفت الصحيفة العبرية، النقاب عن سعي دولة الاحتلال الإسرائيلي إلى التوصل لتفاهمات مع تركيا عبر وساطة أمريكية أو روسية، تقضي بتقاسم مناطق النفوذ داخل الأراضي السورية، في مسعى لاحتواء تمدد أنقرة ومنع انزلاق المنطقة إلى مواجهة مباشرة بين الجانبين.
وأشارت الصحيفة إلى أنّ “ما تقترحه إسرائيل على تركيا عمليًا هو تقسيم سوريّة إلى مناطق نفوذ”، بحيث تكون روسيا في الساحل الغربي، وتركيا في الشمال، والولايات المتحدة وإسرائيل في الشرق والجنوب، فيما يسيطر النظام السوري المؤقت على بقية المناطق، وذلك “إلى حين قيام حكومة مستقرة ومنتخبة في دمشق، وهو أمر قد يستغرق سنوات”.
وقالت الصحيفة إنّ التوتر بين إسرائيل وتركيا، والذي تصاعد في أعقاب القصف الإسرائيلي لمطار “تي 4” العسكري في سوريّة، تراجع جزئيًا بعدما صرّح وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال مؤتمر الناتو في بروكسل، بأنّ بلاده “لا تريد أنْ ترى أيّ مواجهةٍ مع إسرائيل في سوريّة، وأنّه على السوريين وحدهم أنْ يقرروا في الشؤون الأمنية لبلادهم”، طبقًا لأقواله.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية