تصاعد العمليات العسكرية في عفرين وإدلب
تتابع القوات التركية عدوانها العسكري على منطقة عفرين، في وقت تتخوف فيه الفصائل المسلحة في ريف إدلب من التقدم المتواصل للجيش السوري من محور غرب أبو الضهور. وبينما عادت لهجة الضغط الأميركية ــ الفرنسية على دمشق وموسكو من البابين «الإنساني والكيميائي»، أطلقت «فصائل الجنوب» معركة يرعاها جيش العدو الإسرائيلي ضد «جيش خالد» في محيط حوض نهر اليرموك
تتصاعد وتيرة عمليات الجيش السوري وحلفائه في ريفي حلب وإدلب، بالتوازي مع انخراط القوات التركية والفصائل العاملة تحت إمرتها أكثر في العدوان على منطقة عفرين. المنطقة التي وصلت إليها عمليات الجيش خلال اليومين الماضيين، في ريف إدلب الشرقي وريف حلب الجنوبي، تعد الخطوة الأخيرة التي تفصل القوات عن الوصول إلى الطريق الدولي.
ومن شأنها أن تضع عدداً من أبرز معاقل الجماعات المسلحة على تماس مع جبهات القتال، للمرة الأولى منذ أعوام. ما يزيد على عشرة قرى، عادت إلى سيطرة الجيش ، بين محيط أبو الضهور الشمالي وأطراف الحاضر الجنوبية، من بلدة عطشانة غربية وحتى أطراف تل سلطان، الذي يقع على الطريق الرئيس نحو سراقب، والذي وصلت عمليات الجيش حدوده الشرقية.
التقدم الأخير للجيش أفرز دعوات عديدة في الأوساط المعارضة، إلى ضرورة النفير لوقفه قبل الوصول إلى سراقب وغيرها من البلدات، والتقدم أكثر من كسر حصار بلدتي كفريا والفوعة. الدعوات المعارضة لم تهمل الإشارة إلى تركيز غالبية الفصائل المسلحة على العمليات مع الجانب التركي، بعيداً عن خط القتال ضد الجيش السوري.
وعلى جبهة عفرين، كثفت القوات التركية عملياتها على أطراف ناحيتي شران وبلبل الشمالية، وتمكنت من الوصول إلى أطراف مركز ناحية بلبل. وبينما تبنّت وسائل الإعلام التركية رواية السيطرة على كامل بلدتي زعرة وبلبل، أشارت المصادر الكردية إلى أن الاشتباكات مستمرة ولم تستطع القوات المهاجمة إحكام السيطرة على مركز الناحية.
وكثّفت القوات التركية من القصف المدفعي لمواقع «وحدات حماية الشعب» الكردية والبلدات الممتدة بين ناحيتي راجو وبلبل (شمال وشمال غرب)، وناحية جنديريس (جنوب غرب). ووصلت تعزيزات عسكرية جديدة إلى المنطقة الحدودية في ولاية كلّس التركية، في طريقها إلى بلدة أعزاز، لدعم العمليات العسكرية في ناحية شران.
وعقب الانتقادات الفرنسية لعملية «غصن الزيتون»، استهجن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، تصريحات الرئاسة الفرنسية، معتبراً أن «دولة مثل فرنسا لا يجوز لها إعطاء دروس إلى تركيا». وقال إنه زوّد نظيره الفرنسي بمعلومات عن أهداف العملية، كما فعل الرئيس رجب طيب أردوغان في اتصال هاتفي مع الرئيس إيمانويل ماكرون.
المواقف الدولية حول العملية التركية، حضرت في حديث لمسؤولين أكراد ، مع وكالة «أسوشييتد برس» الأميركية، إذ قال أحد المسؤولين الأكراد الكبار، الذي رفض الكشف عن اسمه، إن بعض التعليقات الأميركية وصلت إلى حدّ التأييد الضمني للهجوم التركي. وبدورها لفتت «ممثلة القوى الكردية لدى واشنطن»، عضو لجنة العلاقات في «حركة المجتمع الديموقراطي» الكردية، نوبهار مصطفى، تعليقاً على اقتراح نشر قوات من الجيش السوري على حدود عفرين مقابل القوات التركية، إلى أن الجانب الأميركي يبدو منفتحاً على هذا الاقتراح، مضيفة أن الحكومة السورية رفضت وطالبت بفرض سيطرة كاملة على المنطقة. وأوضحت أن الولايات المتحدة يمكنها أن تجادل بأن وجود «الوحدات» الكردية في شمال غرب سوريا، حيث يوجد مسلحون مرتبطون بتنظيم «القاعدة»، هو وجود «ضروري لمكافحة الإرهاب».
وأوضحت الوكالة أن المسؤولين الأكراد طالبوا واشنطن والدول الأوروبية بمواقف أكثر حزماً تجاه تركيا، مقترحين نشر مراقبين دوليين ضمن «منطقة حدودية عازلة». ونقلت عن مسؤول أميركي رسمي يعمل في الملف السوري، قوله إنه على الرغم من أن بلاده لا ترغب برؤية قوات الجيش السوري تعود إلى المنطقة ما بين عفرين وتركيا، قد يكون هذا «الخيار الأقل سوءاً».
أما في الجنوب السوري، فأطلقت عدة فصائل معركة جديدة ضد فصيل «جيش خالد بن الوليد» المحسوب على تنظيم «داعش»، والناشط في منطقة حوض نهر اليرموك قرب مثلث الحدود السورية ــ الأردنية ــ الفلسطينية. المعركة التي بدأت بتمهيد صاروخي من قبل جيش العدو الإسرائيلي، حملت اسم «معركة الفاتحين»، وأعلنت طرد «جيش خالد» نهائياً، هدفاً لها.
ويشارك في العمليات عدد واسع من الفصائل الناشطة في القنيطرة ودرعا، وأبرزها «حركة أحرار الشام». وانطلقت بعد سلسلة من الاجتماعات بين مسؤولي الفصائل وممثلين عن الجيش الإسرائيلي. ويفترض أن ينخرط الأخير في التغطية الجوية والصاروخية للعمليات، انطلاقاً من أراضي الجولان المحتلّ وباستخدام طائرات مسيّرة.
وأتت العملية بعد زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لموسكو، ونقاشه عدداً من الملفات الخاصة بالوضع في سوريا، وبالتوازي مع وصول وفد موسّع من كبار المسؤولين الروسي لإجراء محادثات مع مسؤولين إسرائيليين.
ونقلت «القناة العاشرة» الإسرائيلية عن «مسؤول إسرائيلي كبير»، قوله إن المحادثات تركز على نفس القضايا التي جرى نقاشها في موسكو، بما في ذلك «محاولة إيران زيادة نفوذها في سوريا». وأوضحت وسائل إعلام إسرائيلية أن الوفد يرأسه سكرتير مجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروشيف، ويضم مسؤولين عسكريين وأمنيين كبار.
على صعيد آخر، تابعت الولايات المتحدة وفرنسا حشد جهدهما الديبلوماسي للضغط على دمشق وحلفائها، عبر الملفين الإنساني والكيميائي. وبينما دعت باريس كلاً من روسيا وإيران بصفتهما «ضامنتين في مسار أستانا» إلى التدخل «بشكل ملحّ» لدى الحكومة السورية لوقف القصف في مناطق إدلب والغوطة الشرقية وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، نقلت وكالة «أسوشييتد برس» عن مسؤولين أميركيين، قولهما إن «خصائص» الهجمات المزعومة الأخيرة (في الغوطة الشرقية) تشير إلى أن سوريا ما زالت تنتج أسلحة كيميائية.
وأضاف المسؤولون أن من المحتمل جداً أن تكون سوريا قد احتفظت بمخزونات من تلك الأسلحة، موضحين أنها قد تكون تصنّع أنواعاً جديدة من الأسلحة (الكيميائية)، وذلك إما لتطوير قدراتها العسكرية، أو للهروب من المساءلة الدولية، على حد تعبيرهما. وشاركت الأمم المتحدة بدورها في حملة الضغط، معلنة أن قوة المهمات الإنسانية التابعة لها، لم تتمكن من نقل مساعدات خلال الشهرين الماضيين بسبب امتناع الحكومة السورية عن منح موافقات لقوافل الإغاثة.
صحيفة الاخبار اللبنانية