تعليقات

الرجال الفاسدون هم أحذية المستنقع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـ الموصل ـ

“داعش تدمّر، والجيوش تحرّر، والدولة تعمّر”. هذا تقسيم للأدوار فيه وصف مبسّط، ولكنه منطقي، لما حدث في الموصل، ولما سيحدث في مناطق ومدن أخرى.

ولكن أحد المعلقين العراقيين قال: داعش تدمّر، ولكن الجندي يحرر ويعمّر، ذلك لأن مبلغاً من راتبه، حتى وهو شهيد، يذهب إلى خزينة البند المشهور: “إعادة الإعمار”.

ثمة مشكلة أكبر في انتظار العراق وسورية…هي تلاشي داعش بعد الحرب، وذوبانها في المجتمع السوري والعراقي، وتحولها مع الزمن إلى خلايا نائمة، مرة أخرى، وحيث تنتشر أسرّة هذه الخلايا النائمة في كل الدول التي زرعت بيوضها فيها.

ما بعد داعش، ما بعد فشل معركة الإرهاب كوسيلة من وسائل الاستيلاء على السلطة… هو المهم لأن الدروس كانت قاسية وكارثية على المجتمعين العراقي والسوري. إحدى هذه الدروس هي :

الفساد حاضنة الخراب. لقد سلّمت الموصل بحفنة خيانة، ولكنها حررت بآلاف الشهداء.

إن عودة الفساد يعيد إيواء الخلايا، ويعيد إنتاج أوضاع الظلم والاستبداد السابقة… ذلك يعني معركة أخرى في زمن آخر، وفي مكان فاسد آخر.

ـ مصطفى طلاس ـ

مات العماد مصطفى طلاس، وزير الدفاع السوري لمدة 32 عاماً . قيل عنه إنه كان كاتباً وفناناً وشاعراً، وآثارياً، ورياضياً، وناشراً، وأكاديمياً، وفي أوقات الفراغ… وزير دفاع.

رحل طلاس في زمن الحرب إلى فرنسا هو وأولاده: فراس (تاجر) ومناف (جنرال) وناهد (زوجة ثري دولي). ولكن الأسرة هناك ـ كعادتها في دمشق ـ وزعت على المتسائلين انطباعين:

الأول أنهم منشقون عن نظام، هم شركاؤه بكل المعاني وطوال الوقت.

والثاني أنهم معتدلون صالحون للاشتراك في مسرحيات الوحدة الوطنية القادمة على أسنة رماح المنتصرين… أحد المنتصرين.

إن الجنرال مصطفى طلاس ليس بالخفة التي يتصورها البعض. إنه هو وعبد الحليم خدام، كانا محميين بقوة سر العلاقة مع الرئيس الأب حافظ الأسد. وكان واضحاً وراسخاً أنهما سيبقيان معه وإلى جواره حتى الموت. فثمة ما يستدعي هذا القرار: هو الأسرار !

الغريب أن سورية المحكومة دوماً بوجود العامل الإسرائيلي… كان يبعثر قوتها هذا الفساد المتزايد. كلما تزايد الخطر… كانت تنتشر حياة القصور ، وكانت تنمو في هامش المدن القبور.

مثلاً كان وزير الدفاع هو الضابط المشهور، بغناه، وترفه، وملذاته، في جيش فقير، معظم أفراده يكابدون صعوبة العيش الكريم. كان هناك عقداء يشتغلون بسوق الخضار قبل ذهابهم إلى تدريب الجنود على قتال العدو.

والغريب أيضاً أن منوعات العيش الرغيد للعماد السعيد لم تكن سراً. كان يعرفها ويتحدث بها مجتمع دمشق وتجمعات الصحافة. لقد كتب مصطفى طلاس ديواناً كاملا لجورجينا رزق ملكة جمال الكون “تراتيل بين يدي الملكة” أهدى نسخته الأولى ـ كما يقال ـ إلى الرئيس الأسد الأب.

للأسف تاريخ سورية ما زال شفوياً، وعرضة لكل أنواع المساومات والكذب، وبنفس الدرجة من الخفة،التي يتحاور ويتحارب فيها السوريون… يكتبون /يكذبون/ تاريخهم.

ثمة شخصيات في تاريخ الأربعين سنة الماضية لم تكن هامشية، كما نظن، مثل مصطفى طلاس، وإذا نظرنا إلى كل حدث وكل شخص، وكل قرار على أنه بضاعة مستوردة سوف لن نعثر على الأسباب الكبرى التي أوصلت بلداً مثل سورية إلى ما وصلت إليه.

لاحظ بأية لغة يكتب بها الفريقان: من يلعن طلاس ومن يمجد طلاس.!

ـ مؤتمر الأقليات ـ

هل هناك أسوأ من هكذا عنوان، وهكذا مؤتمر في اسطنبول/ صانعة الولايات والولاة عبر العصور؟سورية التي تقضمها الحرب، وتمزقها المخططات، وتهشم وحدتها التحالفات، يداويها الصغار، ليس الصغار في الفئة الأقلوية،في مؤتمر الاقلويات… بل الصغار في المواصفات الشخصية.

ولكن لا بأس…

فكل الحروب تنتج الحثالات، بقايا الخنادق، وفضلات الفنادق. إن الهوية السورية بحد ذاتها صغيرة، قياساً للمغفور لها… العروبة، فكيف بالأقاليم والولايات و
الطوائف ؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى