تقارير أمنية لتسهيل حل الدولتين (علي حيدر)
علي حيدر
كشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أمس، عن تقارير سرّية وجهتها الأجهزة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، تحذر فيها من تداعيات الجمود السياسي على المسار الفلسطيني نتيجة وهم يسيطر على القيادة الإسرائيلية من أن الهدوء في المناطق الفلسطينية المحتلة سيستمر لفترة طويلة، ومن أن المجتمع الدولي سيكف عن الاهتمام بمصير الفلسطينيين وينتقل إلى الانشغال بمواضيع مشتعلة أخرى، وبالتالي إمكانية ضم مناطق الضفة الغربية في مرحلة لاحقة، وابقاء قطاع غزة للفلسطينيين. ورأت هذه الأجهزة أن هذه السياسة ستهدد الطابع اليهودي والديموقراطي لإسرائيل، كما ستؤدي إلى دفع أثمان دموية وسياسية كبيرة في المستقبل.
هذا التحذير الأمني، دفع الصحيفة إلى مقارنة المفهوم الذي تتبناه القيادة السياسية اليمينية حالياً، بما شهدته إسرائيل قبل تسعة وثلاثين عاماً، عشية حرب العام 1973، في ظل الائتلاف الحكومي الذي كانت تقوده غولدا مائير. ورأت أنّ من الممكن القول إن هناك بدائل للجمود السياسي، ولا يزال حتى الآن هناك أمل بقيام دولتين لشعبين. وأكدت على وجود امكانية حقيقية لتجديد المفاوضات في المستقبل القريب مع رئيس السلطة محمود عباس، والتوصل إلى اتفاق على مبادئ اتفاق الوضع النهائي.
وفي ضوء ذلك، دعت «يديعوت» الحكومة الإسرائيلية إلى اظهار قدر من الارادة الحسنة والمرونة، مشيرة إلى أن واشنطن يمكن أن تساعد في تحريك عملية سياسية كهذه، بعد الانتخابات الرئاسية.
لكن الصحيفة اشترطت لحدوث انعطافة كهذه، ادراك نتنياهو وكبار مسؤولي حزبه والأحزاب الأخرى في الائتلاف، أنهم غارقون في وهم استراتيجية ترتكز على مفهوم خاطئ يستند إلى رؤية وتقدير مفاده بأنه في ظل الحراك الشعبي السائد في العالم العربي، والأسلمة المتزايدة وهيمنة الشارع الذي يخشى منه الحكام العرب، من غير الممكن التوصل إلى اتفاق سلام يرتكز على حل وسط بين اليهود والفلسطينيين. كما يرون في إسرائيل أن أبو مازن لم يعد الشخصية القادرة على اتخاذ قرارات شجاعة وحازمة من أجل التوصل إلى اتفاق الوضع النهائي.
إلى ذلك، شددت الصحيفة على أن تصوراً يسود في القيادة الإسرائيلية بأن الفلسطينيين في الضفة لن يجرؤوا على فتح انتفاضة ثالثة، بعد الإحباط والضحايا التي تلقوها في الانتفاضتين السابقتين. ويرون أنه في أقصى الأحوال يمكن أن يبادر الفلسطينيون إلى تطيير ابو مازن وسلام فياض واستبدالهم بآخرين يمكن لإسرائيل أن تتحدث معهم. أما في غزة فلا يزال السكان هناك يلعقون جراحهم نتيجة عملية «الرصاص المصهور».
لكن «يديعوت» شددت على أن كبار المسؤولين في «الشاباك» والجيش، قلقون من أن هذه الانتفاضة قد بدأت نيرانها الخفيفة في الأسابيع الأخيرة، في أعقاب تفاقم الوضع الاقتصادي في الضفة، وأنه في حال نشبت يمكن أن تؤدي إلى نتائج معاكسة. ويفترضون أنه في حال عمل الجيش الاسرائيلي على قمع الانتفاضة، سيستغل الأخوان المسلمون في مصر الفرصة ويلغوا اتفاق السلام، ولن يكون امام الاردن خيار إلا الذهاب في أعقاب المصريين.
ويقدِّرون في إسرائيل، بحسب «يديعوت»، أن نسبة ولادة الفلسطينيين في الضفة آخذة بالانخفاض، فيما نسبة ولادة اليهود ترتفع، هذا إلى جانب وجود هجرة بارزة للفلسطينيين إلى خارج إسرائيل، فيما هجرة اليهود إليها متواصلة. وفي ضوء ذلك لا يوجد خطر بأن يتحول اليهود في إسرائيل إلى أقلية حتى لو تم ضم الضفة الغربية اليها.
وبناء على ما تقدم، فإنهم يرون في إسرائيل أنه ما دام هناك كيانان فلسطينيان (الضفة وغزة) متنازعان في ما بينهما ولهما مصالح مختلفة، فمن غير الممكن التوصل إلى اتفاق حول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. اضافة الى ذلك، يعتبرون في إسرائيل أنه ما دام خطر امتلاك إيران سلاحاً نووياً قائماً، لا يوجد أمل بأن يوافق الفلسطينيون على حل وسط تاريخي، وأن أي تنازلات جغرافية تقدمها إسرائيل ستعرضها للخطر، وستقرب الصواريخ الفلسطينية إلى المراكز السكانية في إسرائيل.
صحيفة الأخبار اللبنانية