تل أبيب: “العلاقات مع السعوديّة عامِل استقرار”
يومًا بعد يومٍ يتضِّح حجم العلاقات الـ”سريّة” بين الكيان الإسرائيليّ وبين المملكة العربيّة السعوديّة، فها قد مضت خمسة أيّامٍ على كشف رئيس جهاز الموساد (الاستخبارات الخارجيّة) السابِق، تامير باردو، عن العلاقة الوطيدة بين عملاء الموساد ونظرائهم من السعوديّة، وحتى اللحظة لم “تُكلّف” الرياض نفسها لتكذيب النبأ أوْ مُجرّد التعقيب عليه، الأمر الذي يُثير الشكوك بأنّ ما وراء الأكمة ما وراءها.
وكان باردو قد كشف يوم الخميس الماضي عن تعاونٍ وثيقٍ وانسجامٍ بين (الموساد) وعملاء الاستخبارات السعوديّة، وفق ما نقلت عنه صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيليّة، وتحدّث باردو بشكلٍ غيرُ مباشرٍ عن لقاء جمعه بمدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكيّة السابق مايكل موريل يوم الأربعاء الفائت، على حدّ قول الصحيفة.
وتابعت الصحيفة قائلةً، اعتمادًا على مصادرها، التي وصفتها بالرفيعة، تابعت قائلةً إنّ الاثنين كانا يتناقشان في قوّة التعاون بين الوكلاء الإسرائيليين ووكالات الاستخبارات في مختلف البلدان، وما أنْ بدأ باردو يُعدّد من يتعاون معه الموساد، ذكر بشكلٍ خاصٍّ السعوديين، مؤكدًا في الوقت عينه على أنّ (الموساد) وعملاء الاستخبارات السعوديّة يتواصلون وينسجمون بشكلٍ جيّدٍ، على حدّ تعبيره.
بالإضافة إلى ذلك، أوضحت الصحيفة الإسرائيليّة أنّ باردو قال خلال اللقاء أيضًا للمسؤول الأمريكيّ خلال اللقاء بينهما: يُمكِنك أنْ تكونَ عدوًّا عندما تخرج من الغرفة، لكن عندما تكون جالسًا معنًا يمكنكَ تبادل الخبرات الخاصّة بك، يُمكِنك التحدّث كثيرًا، ويُمكِنك التعامل مع العديد من العقبات، على حدّ قوله. وأوضحت الصحيفة أنّ تصريح باردو يؤرّخ أنّ التعاون الاستخباراتي السعوديّ مع الكيان يعود إلى فترةٍ سابقةٍ، إذْ أنّه شغل منصب قائد “الموساد” من عام 2011 لغاية عام 2016.
جديرٌ بالذكر أنّ شبكة (CNN) بالعربيّة كانت قد أكّدت في العام 2013 ما يلي: “كشفت مصادر إسرائيليّة، أنّ وفدًا عسكريًا من السعوديّة قام بزيارة سريّة إلى إسرائيل مؤخرًا، بهدف إجراء مباحثاتٍ تتعلّق بتطورات ملف البرنامج النوويّ الإيرانيّ. وذكرت الإذاعة الإسرائيليّة أنّ نائب وزير الدفاع، وشقيق رئيس الاستخبارات، الأمير بندر بن سلطان، قاما مؤخرًا بزيارةٍ سريّةٍ إلى الدولة العبريّة، برفقة اثنين من الضباط السعوديين”، وجاء هذا النبأ بعد عدّة أيامٍ من قيام مصادر أردنيّةٍ رسميّةٍ بتسريب معلومات إلى صحيفة (وطن نيوز) جاء فيها أنّ الأمير بندر بن سلطان، أجرى لقاءً سريًّا مع رئيس الموساد باردو في مدينة العقبة الأردنيّة، حيثُ ناقشا الملّف النوويّ الإيرانيّ والأزمة السوريّة.
على صلةٍ بما سلف، قال تسفي يحزكئيلي، الذي يعمل محلِّلا للشؤون العربيّة في القناة الـ”13″ بالتلفزيون العبريّ إنّ قرار السعوديّة السماح لفلسطينيي الداخِل، الذين يحملون الجنسية الإسرائيليّة أيضًا العمل داخل أراضيها قد يدُلّ على خطوةٍ أولى نحو التطبيع، مُشيرًا إلى أنّ إصدار التراخيص هو جزءٌ من خطة ولي العهد بن سلمان، والتي تدُلّ على العلاقات المباشرة بين تل أبيب والرياض، على حدّ تعبيره.
وتابع: إننّي لا أعرف إذا ما كان الأمر صحيحًا، لكن الأمر يتعلق بتطوّرٍ مهمٍّ جدًا في القانون السعوديّ، مُضيفًا في الوقت عينه أنّ جزءًا من خطة وليّ العهد ابن سلمان يكمن في تحويل السعودية إلى سوقٍ مدنيّةٍ أكثر مع مبادراتٍ فرديّةٍ، لذلك زيادة تراخيص العمل ستمكّن عربًا وأكاديميين من المجيء إلى السعودية، كما قال.
وإذْ جزم أنّ ثمة علاقات بين كيان الاحتلال والمملكة السعودية، أكّد على أنّ ما حصل في الخليج العربيّ سوف يحصل في السعودية أيضًا، وتأتي هذه التصريحات بعدما أقرّت السلطات السعودية مؤخرًا نظام الإقامة المميّزة الذي يُتيح لفلسطينيي الداخِل العمل في السعوديّة.
ومن المُفيد التذكير بأنّه تحت عنوان (عدوّ عدوّي هو صديقي)، نشر مركز أبحاث الأمن القوميّ، التابع لجامعة تل أبيب، دراسةً جديدةً عن العلاقات السريّة بين إسرائيل والمملكة العربيّة السعودية، جاء فيها أنّه على الرغم من عدم وجود علاقاتٍ دبلوماسيّةٍ عاديّةٍ بين الدولتين، إلّا أنّ المصالح المشتركة بينهما، منع إيران من الوصول إلى القنبلة النوويّة ومنع الجمهورية الإسلاميّة ومن التحوّل لدولةٍ عظمى في المنطقة، أدّت في الآونة الأخيرة إلى تقاربٍ كبيرٍ بين الرياض وتل أبيب، كما أكّدت.
بالإضافة إلى ذلك، قالت الدراسة إنّ هناك مصالح أخرى مشتركة بين الدولتين: وقف التغلغل الإيرانيّ في المنطقة، عدم منح الشرعيّة لنظام الأسد في سوريّة، دعم الحكم الانتقاليّ في مصر، والتعاون المُشترك مع أمريكا، ولكن مع ذلك تساوق المصالح التكتيكيّة والإستراتيجيّة المذكورة بين السعودية وإسرائيل لا يُمكنه في الوقت الراهن الإعلان عن التوصّل لعلاقاتٍ دبلوماسيّةٍ كاملةٍ وعلنيّةٍ، بل إلى تعزيز التفاهمات السريّة بينهما ومواصلة التنسيق السريّ بين الرياض وتل أبيب.
وشدّدّت الدراسة على أنّه لا يُمكن بأيّ حالٍ من الأحوال التقليل من أهمية العلاقات السعوديّة الإسرائيليّة، خصوصًا في ظل عدم وجود اعتراف متبادل بينهما، ومواصلة التنسيق بينهما هي عامل يؤدّي إلى الاستقرار في المنطقة، على حدّ قولها.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية