تل أبيب الـ”مُهدّدّة وجوديًا”: محور المُقاومة والمُمانعة عدوٌّ ذكيٌّ ويتمتّع بمقدراتٍ وقدراتٍ هامّةٍ للتخطيط الاستراتيجيّ والتصميم ولديه صبر يُشابه لحدٍّ كبيرٍ صبر حائك السُجّاد العجميّ- الإيرانيّ
حتى فترةٍ قصيرةٍ للغاية كانت إسرائيل، قيادةً وشعبًا، أسيرة المقولة التي أطلقها الإرهابيّ يتسحاق شامير، رئيس الوزراء الأسبق في الكيان، والتي بموجبها فإنّ العرب هم نفس العرب، والبحر هو نفس البحر، أيْ أنّ الدولة العبريّة، ستتغلّب عليهم وتسحقهم، كما فعلت عدّة مرّاتٍ في الماضي، ولكن اليوم، من خلال مُواكبة ومُتابعة الإعلام العبريّ، الذي يُعتبر مرآة أفكار صُنّاع القرار في كيان الاحتلال، يُلاحَظ بالعين المُجردّة أنّ إسرائيل وصلت إلى نقطة تحوّلٍ مفصليّةٍ وتاريخيّةٍ، حيّال تنامي قوّة محور المُقاومة والمُمانعة، كما يؤكّد الخبراء والمُحلِّلون ومراكز الأبحاث في الدولة العبريّة.
عٌلاوةً على ذلك، فإنّه بعد مائة عام على الصراع مع الدول العربية، أقرّت إسرائيل وبالفم الملآن بأنّها تُواجِه في هذه الفترة بالذات عدوًّا ذكيًّا ومُواكِبًا، ولديه مقدرات وقدراتٍ هامّةٍ للتخطيط الاستراتيجيّ والتصميم في العمل، كما أنّه، باعتراف الإعلام العبريّ المُتطوِّع لصالح ما تُسّمى بالإجماع القوميّ الصهيونيّ، فإنّ هذا العدوّ يُواكِب الحداثة والتطور بوتيرةٍ مذهلةٍ، ولديه صبر يصفه المعلقون الإسرائيليون “بصبر حائك السجاد العجمي”، التي هي إيران.
ويكتب د. دان شيفتان، وهو الذي هاجر إلى فلسطين-إسرائيل من الولايات المُتحدّة من مُنطلقاتٍ صهيونيّةٍ، والذي يُعتبر من أشّد الكتّاب والباحثين اليمينيين في إسرائيل، يكتب عن ذلك قائلاً إنّ إسرائيل لم تُواجِه أبدًا مثل هذا الخليط الخطير الذي يقيم بنجاعةٍ، بمنهجيةٍ وبذكاءٍ مؤسسةً إقليميّةٍ تُعرِّض وجودها للخطر، على حدّ تعبيره.
والإقرار الإسرائيليّ الرسميّ بقدرات محور المُقاومة، دفع العديد من المُعلّقين والمُحلِّلين الإسرائيليين إلى التطرّق بسُخريةٍ لوزير الأمن الجديد، نفتالي بينت، الذي دعا إلى مهاجمة جميع المواقع الإيرانيّة في سوريّة، لاعتقاده أنّ ذلك سيدفع إيران إلى الانسحاب من هذا البلد العربيّ، على حدّ قوله، الأمر الذي شكّل دعوةً للمُحلّلين في الإعلام العبريّ إلى السخرية من وزير الأمن، مؤكّدين في الوقت عينه أنّ خطّته لا تتعدّى كونها انتخابيّة، أكثر منها أمنيّةً.
وعلى سبيل الذكر لا الحصر، تجنَّد مُعلِّق الشؤون العسكريّة في القناة الـ12 بالتلفزيون العبريّ، روني دانيئيل، الذي استعار حادثة ساخرة من الحرب العالمية الثانيّة لوصف خطّة بينت فقال: عندما عانت بريطانيا كثيرًا في الحرب العالمية الثانية من الغواصّات الألمانيّة التي هاجمت السفن التي كانت تجلِب لهم تجهيزاتٍ عسكريّةٍ وأمورٍ أخرى، جاء شخص وقال أريد أنْ ألتقي رئيس الوزراء تشرشل، فأنا أملك فكرةً كيف نحُّل مشكلة الغواصات. أُدخل إلى تشرشل، وقال له أنصت فكرتي بسيطة، اسحبوا (ضخوا) المياه من المحيط تقع كل الغواصّات على الأرض وتحل المشكلة. فردّ تشرشل، لكن كيف نضخ المياه من كلّ المحيط؟ قال له ذلك الشخص اسمع الفكرة قدمتها لك، لكن كيف تفعلون ذلك فهذه قصتكم، لذلك فإنّ خطّة بينت، شدّدّ المُحلّل العسكري دانيئيل لا تُشكِّل حلاً عمليًا، على حدّ تعبيره.
بالإضافة إلى ذلك، يؤكّد الخبراء والمُحلّلون في إسرائيل على أنّ الجمهوريّة الإسلاميّة تقوم ببناء مظلّةٍ صاروخيّةٍ إستراتيجيّةٍ، تشُلّ القدرات الدفاعيّة الجويّة الإسرائيليّة، وإذا نجحت طهران في إنهاء استعداداتها، سيميل الميزان بشكلٍ دراماتيكيٍّ لصالحها وضدّ إسرائيل في الوقت عينه، وفي هذا السياق يجِب الاستعانة بالجنرال في الاحتياط اسحاق بريك، مفوض شكاوى الجنود السابق، الذي أوضح في مؤتمر صحيفة (ماكور ريشون) الأسبوع الفائت بتل أبيب أوضح لماذا يقِف الكيان أمام خطرٍ وجوديٍّ، فشدّدّ في الكلمة التي ألقاها على أنّه في السنوات الأخيرة يبني الإيرانيون مظلّة صواريخ مؤلفة من 250 ألف صاروخ، بعضها كبير وبعضها صغير حول إسرائيل، لافِتًا في الوقت عينه إلى أنّ الأمر يتعلّق بإطلاق 1500- 2000 صاروخ في اليوم من بينها صواريخ كبيرة من 500-600 كيلوغرام ستسقط على التجمعات السكانيّة وعلى أهدافٍ إستراتيجيّةٍ وعلى قواعد الجيش في عمق الكيان، مؤكّدًا أنّه لا يوجد لدى إسرائيل الردّ، لأنّ سلاح الجوّ لا يعرف إيقافها والصواريخ التي بحوزة جيش الاحتلال ليست مبنيةً لصدّها، كما قال.
في ظلّ هذا المُستجدّات والردع المُتبادَل بين الطرفين، لا يُستبعد بتاتًا أنْ يُقدِم حكّام تل أبيب على مُغامرةٍ-مُقامرةٍ محسوبةٍ واستخدام الأسلحة غير التقليديّة لسحق المحور، وكانت صحيفة (معاريف) العبريّة، قد نشرت في (11.11.2014) أدّق التفاصيل حول ترسانة إسرائيل النوويّة، وأسلحة الدمار الشامل التي بحوزتها وتشمل صواريخ باليستية عابرة للقارات باستطاعتها حمل رؤوسٍ نوويّةٍ وغواصاتٍ نوويّةٍ وطائراتٍ قاذفةٍ للقنابل وغيرها من الأسلحة، مُضيفةً أنّ الكيان يمتلِك صواريخ (أريحا)، وأسلحةً تكتيكيّةً متطورّةً للغاية وغواصّات تستطيع حمل صواريخ برؤوسٍ نوويّةٍ ومقاتلات حربيّةٍ من طراز F-16، وأسراب من قاذفات القنابل التي يُمكنها إطلاق 20 قنبلة ذرية في المرّة الواحدة. والسؤال: هل تجرؤ إسرائيل على استخدام الأسلحة النوويّة كأوّلِ دولةٍ منذ الحرب العالمية الثانيّة؟ وهل هذه الخطوة، في حال خروجها إلى حيّز التنفيذ، ستُشعِل الحرب العالميّة الثالثة؟.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية