تل أبيب: رغبة إسرائيل بحلّ أزمة غزّة الإنسانيّة سيكون على أنقاض تهاوي الردع

يومًا بعد يوم، وتحديدًا في الأسبوع الـ29 لمسيرات العودة، وارتفاع زخمها، تجِد الحكومة الإسرائيليّة نفسها تتورّط أكثر فأكثر في مُواجهة التظاهرات السلميّة، فمن ناحية، لم يشفع لها القتل العمد للمُتظاهرين، ومن جهةٍ ثانيّةٍ، تشوّهت صورتها أكثر في العالم، ومن الناحية الثالثة، باتت على قناعةٍ بأنّ الردع الذي تتفاخر فيه انتهى عمليًا.

في هذا السياق، قال إيليئور ليفي مراسل الشؤون الفلسطينيّة في صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، إنّ تصاعد التوتر على حدود قطاع غزة في الأيام الأخيرة قد تجعل جميع الأطراف المنخرطة في هذه الأحداث على مقربة من اتخاذ قرارات مصيرية في الأيام القادمة، من شأنها أن تؤثر على الواقع الإقليمي، وأخص بالذكر حماس والسلطة الفلسطينية وإسرائيل ومصر، وستكون الأيام القادمة فرصة لاختبار جهود الجميع، على حدّ تعبيره.

وأضاف في مقال نشره بالصحيفة العبريّة أنّ حركة حماس معنية بأنْ تنتصر على إسرائيل في معركة الرواية، ونشر الصور التي تُظهِر محاولات الفلسطينيين التسلل للجدار الحدودي مع غزة من خلال شيطنة الجيش الإسرائيليّ وحكومة بنيامين نتنياهو، وإجبارهما على تقديم التنازلات، طبقًا لحديثه.

علاوة على ذلك، أوضح المُراسِل، الذي يعتمد على مصادر أمنيّةٍ رفيعةٍ في تل أبيب، أوضح أنّه من بين الإسرائيليين من يقول إنّ الحل يكمن بتوجيه ضربة عسكرية، لكن حماس على قناعة بأنّ إسرائيل لا تريد التورط في جبهتين عسكريتين في آن واحد معًا، الشمالية والجنوبية، ولذلك تعتقد أنّ لديها هامشًا قد تُناوِر فيه أمام إسرائيل، ممّا يعني أنّ خطة حماس ما زالت تعمل بنجاح حتى الآن، كما أكّد المُراسل نقلاً عن المصادر عينها.

وساق المُراسِل الإسرائيليّ قائلاً إنّ الانتقادات الداخلية في الدولة العبريّة، والتي تبرز بشكلٍ خاصٍّ في وسائل الإعلام العبريّة تزداد وتتكاثر، بزعم أنّ الجيش يُحافِظ على ضبط النفس على الحدود، بالتزامن مع موافقة إسرائيل على إدخال كميات كبيرة من السولار لمحطة الكهرباء، بهدف أنْ يعمل على تهدئة الأوضاع الميدانية العنيفة على الحدود، رغم استمرار البالونات الحارقة والطائرات الورقية المشتعلة في الحقول الزراعية، ومواصلة المسيرات الأسبوعية كل يوم جمعة، على حدّ قوله.

من ناحيته، قال مُحلّل الشؤون العسكريّة في موقع (WALLA) الإخباريّ-العبريّ، أمير بوحبوط، قال إنّ حركة المقاومة الإسلاميّة (حماس) تعمل على تصعيد الوضع الأمنيّ على الحدود رغم الثمن الذي ستدفعه، لأنّ ما تمّ إدخاله من سولار لا يكفي، والوضع الاقتصاديّ في غزة قد يُجبِرها على استغلال المظاهرات الشعبيّة للانقضاض على الحدود، ممّا يجعل الأيام القادمة فرصةً للاختبار في ظلّ تدهور الوضع الأمنيّ، على حدّ قوله.

وأضاف في تقرير نشره على الموقع أنّه بعد فشل المباحثات في المصالحة بين فتح وحماس، فإنّ الأخيرة قد تتجّه لتصعيد مظاهراتها أمام الجدار على طول الحدود، وأهدافها الأساسيّة هي استنزاف قوات الجيش عبر الإضرار بالبنية التحتيّة التابعة له ومعداته العسكرية، ما يعني أننّا أمام حرب عقول تجري على الحدود بين حماس وإسرائيل، وربمّا تستغّل حركة حماس هذه الفرصة من ناحية عملياتية لتنفيذ هجومٍ عسكريٍّ رغم الثمن الذي قد تدفعه، طبقًا لحديثه، الذي اعتمد على مسؤولين كبار في المؤسسة الأمنيّة في دولة الاحتلال.

وخلُص المُحلّل العسكريّ بوحبوط إلى القول إنّه من الناحية الإستراتيجيّة قد لا تكون أيّ عمليةٍ عسكريةٍ مفيدةٍ لحماس، لكنّها إنْ وجدت ظهرها للحائط، فإنها لن تتردّد في القيام باختطاف جندي، أوْ الانقضاض على الحدود الإسرائيليّة، بحسب ما أكّد.

على صلة بما سلف، قال تسفيكا يحزكيلي، مُحلّل الشؤون العربيّة في القناة العاشرة بالتلفزيون العبريّ، قال إنّ حركة حماس تُريد اتفاقًا شاملا يتضمّن فتح المعابر مُقابِل وقف المسيرات والبالونات، لأنّها تُواجِه أزمةً خانقةً، مُشدّدًا في الوقت ذاته على أنّ حماس تعلّمت الدرس جيّدًا، ومفاده أنّ إسرائيل تستجيب تحت الضغط من خلال إشعال المزيد من البالونات الحارقة، وخوضها حرب عصابات ضدها، بحسب قوله.

وتابع المُحلّل الإسرائيليّ في حديثٍ مع صحيفة (معاريف) العبريّة، تابع قائلاً إنّ حركة حماس نجحت في إيذاء إسرائيل التي تحتاج الهدوء في غزّة، ممّا جعلها تتجاوز رئيس السلطة الفلسطينيّة، محمود عبّاس، في إدخال الوقود لغزة، لأنّه لم يكُن أمامها خيارات، عازيًا ذلك لأنّ الحركة تعلم أنّ نشوب أيّ أزمةٍ إنسانيّةٍ في غزة من شأنها أنْ تنفجر في وجهها.

واختتم المُحلّل في القناة العاشرة حديثه بالقول إنّ رغبة إسرائيل بحلّ أزمة غزّة الإنسانيّة سيكون على أنقاض تهاوي ردعها، لكنّها تجد نفسها أمام خيارين: إمّا أنْ تنجح في إخضاع حماس، أوْ تضطر لإبرام صفقة مع الحركة، بحسب تعبيره.

يُشار إلى أنّ التهديدات التي صدرت عن رئيس الوزراء نتنياهو ووزير الأمن ليبرمان ضدّ غزّة تبينّ أنّها فارِغة من المضمون، وأنّ إسرائيل، أكثر من حماس، لا تُريد خوض مُواجهةٍ عسكريّةٍ جديدةٍ، علاوة على ذلك، فإنّه في تطوّرٍ لافتٍ باتت البالونان الحارِقة تضرب مدينة القدس وضواحيها، الأمر الذي أصبح يُشكّل تهديدًا جديدًا لم يكُن مطروحًا على أجندة صنّاع القرار في تل أبيب.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى