تونس تنجح في وقف نزيف ميزان المدفوعات عبر رفع الصادرات
تكشف التقارير الجديدة الصادرة من المؤسسات المالية والاحصائية في تونس عن نجاح السلطات في تقليص العجز في ميزان المدفوعات من خلال دعم التصدير والتخفيض في الواردات وهو ما سينعكس إيجابا خاصة من حيث عدم الإضرار بمخزون البلاد من العملة الصعبة والتقليص من سياسة استيراد المنتجات بشكل عشوائي والذي تسبب في أزمات عديدة للاقتصاد التونسي وضاعف من العجز التجاري وكان من بين أسباب اللجوء الى التداين خلال العشرية الماضية ما دفع الرئيس قيس سعيد لاجراء إصلاحات هيكلية في الاقتصاد.
وأعلن مجلس إدارة البنك المركزي التونسي الأخير وفق ما نشرته وكالة الانباء الرسمية التونسية تقلص عجز ميزان المدفوعات نهاية يوليو/تموز2023 الى 2814 مليون دينار “900 مليون دولار” في حين كشفت بيانات مفصلة للمعهد الوطني للإحصاء حول التجارة الخارجية عن تقلص واردات عدة منتوجات كمالية.
وكانت بيانات تحدثت عن تراجع العجز التجاري للبلاد، خلال الأشهر السبع الأولى من العام الحالي، الى 10228.3 مليون دينار “300 مليون دولار” مقابل.13723.5 “400 مليون دولار” مليون دينار قبل سنة.
ورغم ان بعض المراقبين ارجعوا عودة بعض التوازن لميزان المدفوعات لانخفاض الإنفاق على توريد المواد الاساسية ما كان سببا رئيسيا في في فقدانها من السوق لكن محللين يرون وفق وكالة الانباء التونسية ان تحقيق هذا التراجع، لم يكن ممكنا، الا بالترفيع في الصادرات، التي زادت طيلة الفترة بين شهري يوليو/تموز 2022 و2023، بنسبة 11.1 بالمائة مقابل شبه استقرار للواردات (0.3 بالمائة ).
وافادت المعطيات الإحصائية وفق الوكالة ان استقرار الواردات والتحكم فيها، يعود الى تسجيل تراجع هام لتوريد مواد كمالية واستهلاكية عديدة على غرار الغلال، 41 مليون دينار، ومنتجات البلاستيك، 53 مليون دينار،والاثاث والخشي، 84 مليون دينار، والورق ومشتقاته، 114 مليون دينار، والقطن، 169 مليون دينار، ومواد استهلاكية أخرى على غرار الخرف والعاب الأطفال وغيرها.
بدورها بينت المعطيات المفصلة للمعهد الوطني للإحصاء، ان الصادرات التونسية قد تحسنت على مستوى عديد القطاعات حيث تم تسجيل ارتفاع في قطاع النسيج والملابس والجلد بنسبة 13.3 بالمائة والصناعات الميكانيكية والكهربائية ب19.4 بالمائة علاوة على تسجيل ارتفاع في قطاع المنتوجات الفلاحية والغذائية بنسبة 13.6 بالمائة كما ازدادت الصادرات بشكل خاص مع الجزائر ب48 بالمائة ومع ليبيا ب7 بالمائة.
وعانت تونس خلال العشرية الماضية خاصة حكومتي الترويكا بقيادة النهضة من عجز كبير في الميزان التجاري بسبب التوريد العشوائي وحالة الانفلات في الاستيراد من تركيا احد الدول الداعمة للاسلاميين خاصة وان الحركة منعت البرلمانات السابقة من اصدار قوانين لوضح حد للتوريد العشوائي.
وتسببت اتفاقية التبادل التجاري الحر مع تركيا ضررا كبيرا بالاقتصاد التونسي حيث أغرقت انقرة الأسواق التونسية بمنتجاتها وهي اتفاقية توسعت في فترة حكومتي النهضة عبر الانفتاح المبالغ فيه على استيراد كل المنتجات بالعملة الصعبة ما أثقل موازنة الدولة واضر بالنقد الاجنبي.
وتثبت هذه المعطيات ان التحليلات بشان الازمة في تونس غير منصفة خاصة فيما يتعلق بان عدم الإنفاق على الدعم هو من بين أسباب خلل ميزان المدفوعات في تجاهل لدور ارتفاع نسب التصدير في اطار الاصلاحات الاقتصادية وإنعاش المؤسسات الصغرى والمتوسطة في تحقيق بعض التوازن.
كما تاتي المعطيات الجديدة بشان تحسن الميزان التجاري مع ما تطرحه المعارضة بان أسباب استفحال الأزمة الاقتصادية تعود لعزلة تونس وتدهور علاقتها مع عدد من الدول ليثبت عودة التصدير بنسق مرتفع ان علاقات تونس الدبلوماسية مع الخارج بخير مع عودة الثقة الدولية في المنتجات التونسية.
وتكشف هذه المعطيات دور السياسات القائمة في إعادة الثقة للمؤسسات الوطنية ولرأس المال الوطني بعد ان سعت قوى معارضة الى مغالطة الرأي العام بالحديث عن نية الرئيس استهداف الشركات الوطنية بعد انتقاده للكارتالات ولوبيات الفساد.
ويعتقد ان الرئيس قيس سعيد يسعى لإيجاد بدائل اقتصادية داخلية بعد رفض صندوق النقد الدولي منح تونس قرضا بقيمة 1.9 مليون دولار من خلال دعم التصدير ووقف نزيف الواردات وسط جهود لاعادة إنتاج مادة الفوسفاط الى معدلات ما قبل الثورة.